الهمهمات
مشعل السديري
يعتقد هذا الكاتب إن علو شأن الانسان لايأتي إلا بالموسيقى عرفتم الان سببب تخلفنا !!!!قناة (المجد) التلفزيونية الفضائية، التي لا أعلم مَن هم أصحابها، أشاهدها أحياناً بالصدفة، فأجد فيها في بعض الأحيان ما يفيد، وأحياناً (ما يرفع الضغط).. وهذا شيء متوقع، فكل المحطات الفضائية كذلك.
غير أن الشيء المضحك، ولا أقول المزعج، ان كل فواصلها، وكل مقدمات برامجها، وكل إعلاناتها، وحتى كل (تساليها) للأطفال، لا تدخل فيها الموسيقى إطلاقاً، ولا حتى (الزميرة) أو الطبلة، أو الدف وهو (الدف) لا يدخل فيها، ناهيك طبعاً عن (الربابة) والغيتار والعود والكمنجة والصاجات أو السكسفون.. كل ما عندها (أصوات x أصوات) على جميع الطبقات التي لا تخطر على بال بشر وغير بشر، وأمنيتي الوحيدة قبل أن أموت شهيداً إن شاء الله، أن أتعرف على ذلك العبقري خليفة (بتهوفن) الذي يلحن لها تلك الأصوات، ويوزع الكورال، ويمسك بعصا المايسترو.
إن تلك المحطة (المجيدة) طبقت مقولة ذلك المفكر الذي ذهب إلى لقاء ربه، عندما قال إن العرب (ظاهرة صوتية)، تلك المحطة طبقت تلك المقولة المفجعة بحذافيرها.
ولكي لا أكون غبياً أكثر من اللازم لا بد وأن أشرح للقارئ الكريم وغير الكريم، لماذا هم يفعلون ذلك؟!، انهم بموقفهم هذا يحرّمون الموسيقى بكل بساطة وأريحيّة، أو دعونا نكون أكثر اتزاناً: هم يعتبرونها على الأقل (مكروهة).
وأنا بالمناسبة لا أكره في الدنيا أكثر من كلمة (الكراهية) ـ خصوصاً عندما توظف في غير محلّها ـ صحيح ان هناك أقوالا وأفعالا غير مقبولة أو مستحبة، لكنها يجب أن تخضع للنقاش وللمساءلة ولظروف العصر.
أعود لموضوع (العزف) مرة أخرى.. وأسأل كل القائمين على تلك المحطة الملتزمة بكل ما لا يخدش الحياء، ابتداء من المدير، إلى (مضبط الصوت)، مروراً بكل تأكيد بالملحن العتيد، وأسألهم الواحد تلو الآخر: من علّم الطفل الذي لا يزيد عمره عن عام واحد، من علّمه (الهز) أو (التصفيق) عندما يسمع (نقراً) أو لحناً، أو غناء؟!..
أو ليست تلك غريزة أو فطرة أو ملكة تتلبس الإنسان حتى وهو في بطن أمه؟! ـ وعلى فكرة بعض الأطباء ينصحون الأمهات الحوامل ابتداء من الشهر السابع أن يشغلن موسيقى حالمة، ويقربن السماعات من بطونهن، لا لكي يرقص الجنين، لا أبداً، فالرقص العنيف في هذه الحالة غير مستحب لأنه مضر ببطنها، لكن فقط لكي يحلم على الأقل، ولكي يخرج كذلك لهذه الدنيا وهو فرحان ومبسوط ـ ومع الأسف انه لم يتسن لي ذلك، والحمد لله أنه لم يتسن، لأنه لو تسنى لكنت (قد جعلت البحر طحيناً).
بعض المحطات في برامجها الملتزمة استبدلت الموسيقى، بخرير المياه، وهبوب الرياح، وزقزقة العصافير، وقبلنا فعلها ذلك، وقلنا (اوكي)، لكن قناة (المجد) رفضت حتى ذلك (الترف)، وأصرت عن سابق عمد وترصد على أن تعاقبنا بتلك الأصوات (الناعقة).. وأتمنى من كل قارئ لم يسبق له أن شنف أذنيه أن يشنفها هذه الليلة بتلك (الهمهمات)، وبعدها فإنني على يقين أنه (لن يذكرني بالخير).
يا ناس (احنا فين والعالم فين)؟!، أتمنى، أتمنى من كل قلبي المخلوع هذا، أن تتحطم كل أدوات الموسيقى، وأن يمحى من على وجه الأرض كل من يتعاطاها، أو يعشقها، أو يستمع إليها، كذلك كل الأشرطة والدسكات، وكل المحطات الفضائية التي تتعامل بها، وليصبح العالم كله يعزف (الهمهمات) مثلما تعزفها محطة (المجد)، ليعلو شأن الإنسان وترق مشاعره.
وختاماً أتمنى أن تجري محاكمة علنية للزميل عبد الله باجبير، لأنه اقترح إقامة معهد للموسيقى، فأنا أدعو لإقامة معهد (للهمهمات).
المفضلات