أحبتي
بعد حوار طويل عبر الماسنجر مع ( أبو فيصل ) مراقبنا الجديد ( مراقب المنتديات الأدبية )
تخللها إتـفاق../.. وإختــلاف ../..وأمور أخرى
بعد شرارة
كادت تصيبني بفقدان الأمل والمغادرة
.
أعترف بأنه أحرجني كثيراً
وأقنعني كثيراً
و أسكتني أكثر من مرة
وأعترف بأنه يحمل الكثير من الأفكار الجادة ( حتى وإن خالفته الرأي ) . في أمور
.
رغم أني أعتبره وحتى هذه الساعة
( شبح إقتحم ماسنجري )
.
عموماً
سأطرح هنا وعبر مجموعة من المواضيع اللإسبوعية التي تحمل إسم
( قـضـيـة )
.
وستكون للنقاش حسب رغبة مراقبنا العزيز
لعل وعسى أن نـتــفـق
رغم أنه قال قبل خروجه
أوافقـك الرأي ..!
..
وهـــذه قــضـيـتــنا الأولى
.
( صــــــح خــشــمــك )
.
.
.
( 1 )
أتذكر انه عند بداية تعاملي مع المنتديات في شبكة النت
كنت في أوج تهوري ونزقي غير قادر على التعامل
وفق ما تقضتيه الحال والمقال ..
حينها كتب لي احدهم كتعقيب على احدى قصائدي :
( صح لسانك )
واكتفى بهذه العبارة التي كنت ولازلت على خصام
حاد معها ، وحينما قرأت رده شعرت ان قصيدتي
في حالة يرثى لها من النحيب والضيق وقلة الحيلة
فكتبت له رداً على رده ذاك هو :
( صح خشمك )
وطوّحت ردي بهذه العبارة، فقط لا غير ..
( 2 )
بعدها بوقت قصير، وجدت رسالة خاصة من المشرف
ـ وكان من افراد حزب ( صح لسانك ) ـ يحتج ويستنكر
فيها معاتباً لي على ذلك الرد إذ اعتبره شتيمة ..
فكتبت له مبرراً وموضحاً، ان ذلك العضو اشعرني بتلك
العبارة بإنه مثل من يقرأ الكلمات من خلال وضع اصبعه
تحتها متتبعاً ،
غير ان اخينا كان يضع (خشمه ) بدلاً من اصبعه
والا لرأى الكلمات بعيونه ، و فهم ان لساني ليس له
اي دخل بالقضية ..
( 3)
ثم رحت من ضيق وشعور باللاجدوى ، وموات حماس
بسبب تلك العبارة البائسة (صح لسانك)
احاول ايقاظ شئ من حيوية حماسي عبر لوحة المفاتيح
بتتبع الأحرف الأنجليزية التي تقبع خلف احرف تلك العبارة الميتة
فوجدت انها تشكل كلمة wp gshk اما حرف الكاف فجاءت خلفه
علامة ; عندها فكرت بماذا تعني ( وب قشك ) ولم اجد ما يقارب
لها بالعربية العامية الا ( ضف قشِّك )
قلت في نفس :
هذا ما يعنيه تماماً افراد ذلك الحزب بتلك العبارة ..
فلا هم يصلحون لي ولا انا اصلح لهم ..
وعندها قررت هجر ذلك المنتدى بعد رسالتي تلك للمشرف
ولم الزم نفسي بمتابعة ماحدث لردي المرفوض ذاك
( 4 )
لا يمكن ان تعني ( صح لسانك ) الا شيئاً واحداً في رأيي
وهو ذائقة متدنية وفكر مقفر غير مدرك حتى الآن ان
القصيدة الشعبية الحاضرة لم تعد شفوية كما كان امرها
إبان كتابتها عبر التغني بها وحفظها بـ ( الصدر ) وليس
على الورق او جهاز الكمبيوتر ومن ثم تقديمها للمتلقي
عبر اللسان والصوت لا عبر كلمات مكتوبة على الورق ايضا
او من خلف شاشة الكمبيوتر ..
ومن خلال تلك الذائقة وذلك الفكر لابد ان يأتي نتاجٌ
ماهو الا اجترار وتكرار، لتلك الأساليب التي كانت تؤلف
القصيدة الشعبية الشفوية التقليدية القديمة ..
وذلك النتاج هو ما تليق به ( صح لسانك ) بالتأكيد ،
اذ انه نتاج ميت لا يصلح له كلحاف يغطئ سوأته الا
(صح لسانك) و ( ما قصرت يالقرم )
اما الشعر الشعبي الإبداعي المتجاوز للأساليب
والإستخدامات المكررة ، والمفردات اللهجوية الغابرة
فإنه من الشناعة، في تصوري، ان تقذف امامه تلك العبارة الميتة .
( 5 )
وأذكر أن شاعراً ممن يفهمون ان الشعر شعور ، وليس كلام لسان
ولذلك كان يتجنب أن يُسمع شعره في الأماكن التي يرى
ان ليس لشعره فيها من يفهمه ، وظل يعتذر بإنه لا يحفظ منه
شيئاً كلما طلب منه ذلك في تلك الأماكن
وحدث مرة أن دعاه ابن عمه الى سهرة واخبره ان كل الحضور
يرغبون بحضوره لأنهم من المعجبين بشعره وكلهم اصحاب
ثقافة ، عشاق شعر .. الخ
وحضر الى المكان ، وهناك بدأ ابن عمه بتعريف الحاضرين ،
فهذا فلان ضابط كبير وهذا علان دكتور ،
و زيد هذا مسؤول معتبر وعبيد لا يقل عنهم شأنا ..
وبالصدفه جاء مكان جلوسه بجانب الدكتور علاّن ..
وبعد فاصل من المجاملات والسواليف ورشفات القهوة والشاي
طلب منه ابن عمه بإسم الحضور ان يسمعهم شيئاً من شعره ..
فتقصد شاعرنا بأن يختار اكثر قصائده حداثة وتجديداً لتليق
بهذا الجمع المثقف ..وبعد ان انتهى من اسماعها بصوته المبحوح
ومن اعماق الروح ، جاءت الطامة الكبرى من جانبه ،
من الدكتور علاّن .. الذي اطلقها ساحقة ماحقة :
صح لسانك .. قصيده سنعه ..
وما أن قالها الا وأحس شاعرنا ان عروقه تغلي قهراً وغيظاً ..
فكانت ردة فعله الفادحة على هذا النحو :
صح لسانك هااااه ..
لا ودكتور وكشخه وزكرته و آخرتها صح لسانك ؟!!
إنها حقيقة تؤكد أن الشعر يريد من يعيه ، وبالتالي يعي أن
الشعر بمثابة مخلوق رائع التمرد على كل الأشياء القابلة
لأن ينتهي تاريخها ، من تعاملات ومفاهيم وتعريفات وغيرها ..
وهنا فإنه لا فرق لدى الشعر ، بين من يحمل شهادة الدكتوراه
وبين من لا يجيد القراءة والكتابة ،
إلا في الفهم الأجمل والأرحب لماهيته .
( 6 )
كل شئ قابل للتطور، اذ التطور سمة حياتية بشكل عام
و وحده الميت يظل غير قابل لأي تطور او تغير
واللغة ـ ليس اللغة في الفن الأدبي المكتوب فقط
ولكن حتى اللغة اليومية العادية التي نتفاهم من خلالها ـ
من المفترض أن نتعامل معها وبها على انها كائن حي
وبالتالي فهو قابل للتطور تماما وبشكل مستمر
حسب مقتضيات ومستجدات الحياة المتطورة ..
كما أنه من المفترض أيضاً ان نعي ان العبارات والآراء
المتوارثة ـ و اعني ما يتعلق بالشعر وشؤونه بشكل خاص ـ
ليست أقوال مقدسة وصالحة لكل زمان ومكان لنظل
نتناقلها بدون اي تمعن في ما تعنيه ، وما لم تعد تعنيه!
فلماذا، بحق خالق الحياة ، يظل ذلك الحزب يمارس تلك
اللغة الميتة امام القصائد الحية ؟!
لماذا يظلون يأتون ويقذفون بها امامنا
في كل منتدى ، وكأننا - على أقل تقدير - قدمنا لهم
قصائدنا بالصوت واللسان، لا من خلال الكتابة ، مما يجعل
السؤال البديهي : ما دخل اللسان بقصيدة مكتوبة ؟!
يتكرر بمرارة وبكثرة ، لكثرة تكرر تلك العبارة من أغلبية
المتعاملين مع الشعر الشعبي ، مما يؤكد أن كثير من قراؤه
يتعاملون معه بهامشية إستقرائية غير ذات جدوى .
بـقــلـم / الـبـحـر ( محمد صلاح الحربي )
.
المفضلات