تقع في وادي الزريب علىبعد 10كم شرقاً من مدينة الوجه وهي إحدى القلاع العثمانية التي أنشأة في محطات طريقالحج لحماية القوافل وتوفير الماء والغذاء والأمتعة بالإضافة لتوفير الأمن لقوافلحجاج بيت الله الحرام وتعرف هذه القلعة باسم قلعة الوجه وقد شيدت هذه القلعة عام 1096هـ في عهد السلطان العثماني السلطان أحمد وحضيت هذه القلعة باهتمام الباحثينوأول من أشار بوجود هذه القلعة الرحال المسلم الكبريت الذي مر بها عام 1036هـ وهوفي طريقه إلى مصر ومر بها العديد من الرحالة المسلمين أمثال البكري الذي وصفهابأنها حصن حصين في جوف وادي كبير والخياري الذي أعتبرها أنها قلعة قائمة البناء والعياشي وأيضاً المستشرقين أمثال السويسري بوركهارت الذي أعتبرها بأنها قلعة فيطريق الحجيج على بعد 3 أميال داخل البرية ويقوم بعض المغاربة على حمايتها وبهامخزون كبير من المؤن أما المستشرق الألماني يوليوس ارينج الذي وصلها عام 1884معندما قال : " لاحت أمامنا قلعة الوجه الواقعة على درب الحج " وبنيت هذه القلعة منالحجر الجيري المتوفر بالقرب من موقع القلعة القريب من ساحل البحر ومن حيث مسقطهافهي عبارة عن مستطيلة الشكل وإن كانت تبدو بأنها مربعة ويبلغ كل ضلع من ضلعيهاالشرقي والغربي 55م وفي حين طول كل ضلعيها الشمالي والجنوبي 51م ولها أربعة أركانفي كل ركن برج أما مدخلها يقع في الركن الغربي وهو يفضي عبر دهليز إلى الفناءالأوسط يحيط به حجرات ووحدات معمارية من جميع الجهات ويوجد بداخلها مسجد ولها مئذنةترتفع عند المدخل وضلت هذه القلعة شامخة حتى وقتنا هذا حيث أشرفت على هذه القلعةوزارة التربية والتعليم والآن تشرف عليها الهيئة العامة للسياحةوالآثار.
قلعة الوجه (الزريب)
مدينة الوجه الحالية التي تشرف على البحر الأحمر ، مدينة حديثة بالنسبة لمحطة الوجه التي كان ينزل بها ركب الحاج المصري ، وهذا المنزل يقع على بعد ثمانية كيلومترات إلى الشرق من مدينة الوجه الحالية ، وتعرف المحطة القديمة الآن بـ الزريب لوقوعها في وادي الزريب الذي يصب في البحر الأحمر . ومن هنا يتضح أن المدينة الحديثة التي نشأت على ساحل البحر الأحمر اكتسبت اسم الوجه، كما يتضح أن طريق الحاج المصري كان يمر بوادي الزريب الى الشرق من المدينة الحالية ,
وتقع قلعة الوجه في وادي الزريب ، لذا يطلق عليها أهالي الوجه أسم قلعة الزريب
ومن معاينة الوادي يظهر أنه واد فسيح به عدة تلال متناثرة وبنيت القلعة تحت سفح جبل ، وخارج القلعة عدة آبار بنيت بالحجر المنحوت وفي الوادي أشجار الأثل والدوم ، كما سبق ذكره.
وهذا الوادي أختير منزلا لأستراحة الحاج المصري لتوفر الماء به ولكثرة أشجاره ، ولكن رحلات الحج تصف سنوات الجفاف التي كان الحاج المصري يعاني منها أشد العناء ، كما تصف أيضا سنوات الخصب وتوفر المياه ، وقد تبارى الشعراء في وصف منزل الوجه في الحالتين :
فقد أنشد الحافظ بن حجر العسقلاني عند مروره بمنزل "الوجه" وكان شحيح الماء:
أتينا الى الوجه المرجّى نوالهفشـحّ ولـم بطيـب نــداه
وأسفرعن وجه ومافيه من حيافقلت دعوه مـا أقـل حيـاه
ولما عاد اليه ووجد المطر قد نزل ، وصفا الماء وأخضر الوادي قال :
أرانـا جميـل الوجـه معتـذرا لنـافأوليتـه شكـرا ومـازلـت مثنـيـا
وأطرقت نحو الأرض رأسيي خجلـةوما أسطعت رفع الرأس من كثرة الحيا
تاريخ بناء قلعة الوجه:
يذكر العياشي سنة 1074 هـ 1663م ، أن في الوجه حصن حصين، في جوف واد كبير........وداخل البندر بئر تسقى بالبقر وتصب في ثلاث برك خارج البندر لصق حائطه ويسجل النابلسي في رحلته للحج سنة 1105 هـ مانصه ( وصلنا قبل الظهر بساعتين إلى قلعة الوجه...وهي قلعة عامرة بين جبال بها أربعة أبراج وفيها منارة .....ولها بركة كبيرة تمتلئ أيام الحاج) ، ولا شك في أن النصوص السابقة تعني قلعة الوجه القائمة حاليا في وادي الزريب موضوع الدراسة كما تفيد النصوص السابقة بأن قلعة الوجه أنشئت قبل 1039هـ 1629م ، أما النص المثبت عليها حاليا ماهو إلا نص ترميم كبير حدث للقلعة سنة 1115هـ ( 1703م) ،حيث عبر عن النص تعبيرا دقيقا في مطلع البيت الثاني منه بعبارة (عمر القلعة) أي أجريت على القلعة عمارة كانت من الأهمية والضخامة بحيث استدعت وضع نص يخلد تلك المناسبة سنة 1115هـ أما عن تحديد التاريخ الذي أنشئت فيه قلعة الوجه، فلم تحدد المصادر التاريخية – التي أطلعت عليها- السنة التي أنشئت فيها القلعة والأرجح أنها أنشأت سنة 968هـ 1659م للأسباب الأتية :
الأول: يذكر الجزيري أن (بالوجه محرس) ، لكنه لم يحدد السنة التي أنشئ فيها المحرس.
الثاني : أن هذا التاريخ 968 هـ ، يقع في الفترة التي كان يتردد فيها الجزيري على طريق الحاج المصري بدون انقطاع من سنة 968هـ -976هـ (1519م – 1568م )، ومسجل فيها ملاحظاته عن الطريق .
الثالث: أنه في هذه السنة 968 هـ 1659م، كانت للسلطان العثماني "سليمان القانوني " عدة أعمال معمارية حربية ، أهمها إنشاء قلعة العريش وإنشاء قلعة المويلح ، ولا يستبعد أن يكون أمر بإنشاء قلعة في "الوجه" تكون مركزا لخدمة الحاج المصري بعد خراب قلعة الأزنم من جهه ، ولحماية الساحل الشرقي للبحر الأحمر نظرا لازدياد نشاط البرتغاليين فيه من جهة أخرى
ويذكر فلبي أنه زار هذه القلعة سنة 1337هـ 1918م إلا أنه لم يذكر أن بها حامية أم لا ، ولكن الوثائق المؤرخة في كل من السنوات 1334و 1340 و1344 هـ ، تفيد بأنه كانت هناك مراسلات بين قائم مقام الوجه ومدير ثغر المويلح وقاضي القضاة بمكة المكرمة في عهد الأشراف
وصف بناء قلعة الوجه:-
يعتمد وصف أجزاء القلعة ومشتملاتها، من حجرات وعناصر معمارية على الدراسة الميدانية ، بفحص جدران القلعة القائمة حاليا ، ومقارنة نوع الحجر وشكله في كل ترميم ، إضافة لدراسة الوثائق الخاصة بالقلعة وبناء على ذلك يمكن الفصل بين الترميم الأول والذي تم في عهد السلطان العثماني أحمد الثالث سنة 1115هـ ،والترميم الثاني سنة 1280هـ ، وبالتالي معرفة الأجزاء الأصلية المتبقية في البناء الحالي ، والتي ترجع إلى سنة 968هـ 1650م
هذا وقد أسفرت الملاحظة الميدانية لمبنى قلعة الوجه وكذلك دراسة الوثائق الخاصة بها ، إلى وضع مميزات للبناء الأصلي ، ومميزات الترميم السلطان احمد الثالث وكذلك ترميم سنة 1280هـ 1863م
فالبناء الأصلي لقلعة الوجه تحدد معالمه من خلال شكل الحجر المستخدم في بناء مداميك الجدران ، فالحجر المستخدم أقدم أنواع الأحجار ، حيث تأكلت بعض أطرافه وسطحه الخارجي ،ولونه أصفر قاتم وقد أستدل على ذلك من قاعدة أسوار القلعة الأربعة ومئذنة القلعة
أما الترميم الذي تم في عهد السلطان احمد الثالث ، فيتميز باستخدام الحجر المنحوت الأحدث شكلا من شكل الحجر في البناء الأصلي فالنحت مازال سليما، ولونه أصفر فاتح يميزه الناظر لأول وهلة عند مشاهدة الأجزاء العلياء من الأسوار
أما ترميم سنة 1280هـ 1863م ، فيتميز باستخدام الحجر الدبش في بناء الجدران الداخلية للقلعة ، بعد أن نزعت بعض الأحجار المنحوتة من مداميك أسوار القلعة الداخلية ، كذلك الجدران المكونة للتقسيمات الداخلية للقلعة ، وأستفيد منها في بناء برج الوجه الساحلي كما سبق بيانه
فتخطيط قلعة الوجه بأخذ الشكل المائل للاستطالة ، حيث تتساوى كل ضلعين متقابلين في الطول من الخارج ، فطول كل من ضلعيها الشرقي والغربي (55،30م) وطول كل من الضلعين الشمالي والجنوبي (51،3ك) ، وفي أركان القلعة أربعة أبراج تأخذ شكل ثلاثة أرباع الدائرة وتقع بوابة القلعة في الضلع الغربي ، وتميل قليلاً ناحية الشمال
والجدار الخارجي لمدخل القلعة بعقديه الموتورين وحتى المداماك الأول فوق العقد الموتور الكبير ، يرجع بناءه إلى سنة 968هـ
ويظهر فوق مدخل القلعة من الخارج ، أربع بدنات مربعة ، بنيت بالحجر الدبش ترجع إلى ترميم 1280هـ
وتفضي بوابة المدخل ، إلى دهليز مساحته (4،80م×6،30م )، رصفت ارضيتة بالحجر المنحوت ، وسقفه متهدم حاليا ، ويظهر من الجدران أن دهليز القلعة كان تسقيفه في البناء الأصلي قبو ضحل مازال بعضه باقيا ، ثم أزيل في ترميم سنة 1280هـ وبني على هيئة مسطحة
وفي مواجهة الداخل لدهليز القلعة ، مسطبة مرتفعة عن مستوى أرضية الدهليز بمقدار (75سم) ، يصعد إليها بسلمين في طرفي المسطبة،كل منهما بثلاث درجات بنيت بالحجر المنحوت ،وللمسطبة نافذة تطل على فناء القلعة أتساعها 2م
ويلتفت الداخل إلى اليمين من دهليز القلعة للدخول إلى الفناء وينفذ من بوابة عرضها(2،50م) ، وعقد بعقد موتور ، وبنيت بوابة الدخول الثانية بحجر منحوت ، يرجع إلى الترميم الذي تم في عهد السلطان احمد الثالث سنة 1115هـ ، أما بقية جدران المدخل فبنيت بحجر دبش ويشاهد الداخل إلى فناء القلعة عدة مجموعات من الحجرات ليست منتظمة ، ترتكز معظمها على أسوار القلعة الداخلية
وجميع التقسيمات الداخلية لحجرات القلعة ، ترجع إلى ترميم سنة 1280هـ ، فقد بنيت بالحجر الدبش ولها سمك واحد (50سم) ، ماعدا مدخل الحجرة المرتكزة على الجدار الداخلي للسور الجنوبي ، وبعض مداميك الجدار الشرقي لمسجد القلعة ، فهي ترجع إلى البناء الأصلي 968هـ ، فقد بنيت بمداميك الحجر المنحوت
وأول حجرات الضلع الغربي ، حجرة تقع في الركن الجنوبي الغربي للقلعة ، مساحتها (11،20م × 6م) ، بها دعامتان بنيت بالحجر المنحوت لحمل سقف الحجرة المسطح ، وهو متهدم حاليا ، وتضم هذه الحجرة في ركنها الجنوبي الغربي، مدخل الطابق السفلي للبرج الجنوبي الغربي ، وباب هذه الحجرة في ركنها الشمالي الشرقي ، يتسع بمقدار (1م) وجدارها الشمالي متهدم حاليا
وتلاصق الحجرة السابقة حجرة ثانية تستند على سور القلعة الجنوبي مساحتها (9،20م× 13،40م)، تتوسطها ثلاث دعامات مربعة (60×60 سم) ، بنيت بالحجر المنحوت لحمل سقفها المسطح المتهدم حاليا وبابها يفتح على فناء القلعة بمقدار (1،40م) عقد بعقد موتور
والى الشمال من الحجرة الثانية ، حجرة ثالثة جدارها الغربي متهدم حاليا، مساحتها (5،50م × 8،20م) ، لها باب اتساعه (2م) ن يجاور باب الحجرة الثانية ، ويظهر من جدران هذه الحجرة أنها كانت مسقفة بسقف مسطح متهدم حاليا
والى الشرق من الحجرة الثانية ، حجرة مساحتها) 6.40م × 4،40م) في جدارها الجنوبي تجويف يدل على أن هذه الحجرة كانت تستعمل مسجداً، وخارج الجدار الشمالي لهذه الحجرة تجويف أيضا ، يدل على أن محراب وهو في اتجاه القبلة
أسوار قلعة الوجه:
تصل أسوار قلعة الوجه بين أبراجها الأربعة ،والأجزاء الأصلية منها التي ترجع إلى 968هـ ، هي الأجزاء السفلية التي تكّون قاعدة الأسوار وكذلك المداميك التي تعلو تلك القواعد حتى المزاغل أما المداميك الخمسة التي تعلوها ، فيرجع بناؤها إلى ترميم السلطان العثماني احمد الثالث سنة 1115هـ
أبراج قلعة الوجه:
سبق القول بأن قلعة الوجه يدعمها في أركانها الأربعة أربعة أبراج، وتخطيط هذه الأبراج الأربعة يأخذ شكل ثلاثة أرباع الدائرة ويتكون كل برج من طابقين ، طابق سفلي مدخله من فناء القلعة أو حجراته ، وطابق علوي مدخله من ممر السور
أما أشكال هذه الأبراج من الخارج فهي متماثلة ، فقد بنيت جميعها بمداميك الحجر المنحوت ، ويظهر التحام مداميك الأبراج بمداميك السور من الخارج ، مما يدل على أنها أصلية بنيت مع البناء الأصلي
وكما تتماثل أبراج القلعة من الخارج ، فهي متماثلة أيضا من الداخل من ناحية مادة البناء ، والمساحة ، وتوزيع العناصر المعمارية ، فكل برج من أبراج القلعة بني من الداخل بمداميك الحجر المنحوت ، ولكن نحت الحجر أقل جودة من مداميك الأحجار الخارجية
أما من ناحية المساحة ، فيبلغ نصف قطر الطابق السفلي من الداخل في كل برج (2،70م) ، أما الطابق العلوي فنصف قطره من الداخل( 02،50م) ، كما يبلغ سمك جدران الأبراج (1م) ، وفي هذا دلالة على أن هناك ميلا طفيفا في جدران الأبراج إلى الداخل ، ويظهر هذا الميل من الخارج.
وأما من حيث توزيع العناصر المعمارية ، فكل برج من أبراج القلعة يسقف الطابق السفلي منه قبة ضحلة ، كما يحتوي كل برج من الأبراج في جدران طابقه السفلى على فتحة واحدة للتهوية
أما الطابق العلوي لكل برج من الأبراج ،فقد توزعت في جداره الساتر ثلاث فتحات للمدافع ، وبين فتحات المدافع فتحت أربع مزاغل للرمي بالبندق ماعدا البرج الشمالي الغربي ، حيث فتحت به ثلاث فتحات للمدافع وثلاث مزاغل
بئر قلعة الوجه:
تقع في الركن الشمالي الشرقي للقلعة بين المسجد ومدخل البرج الشمالي الشرقي والبئر دائرية الشكل نصف قطرها(1م) ، بنيت بمداميك الحجر المنحوت ، على هيئة دائرية ، عمق البئر الحالي (37م) ، محفور في قطعة من الحجر كان يوضع فيه الماء بعد إخراجه من البئر، بواسطة البقر ، ويصب هذا الحوض الماء في بركة القلعة الخارجية بواسطة فتحة أسفل الحوض وفتحة في السور
(أبن الوجه البار) مشارف الوجــه.
يتبع ..!
المفضلات