2735 - " أوصيكم بتقوى الله و السمع و الطاعة و إن كان عبدا حبشيا ، فإنه من يعش منكم
بعدي يرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي ،
عضوا عليها بالنواجذ [ و إياكم و محدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة و كل بدعة
ضلالة ] " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 526 :
أخرجه الطبراني في " مسند الشاميين " ( ص 136 ) من طريقين ، و في " المعجم
الكبير " ( 18 / 248 / 623 ) من أحدهما عن أرطاة بن المنذر عن المهاصر بن حبيب
عن العرباض بن سارية قال : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلاة
الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون ، و وجلت منها القلوب ، فقال رجل من
أصحابه : يا رسول الله ! كأنها موعظة مودع ، فقال : فذكره . قلت : و هذا إسناد
صحيح رجاله كلهم ثقات كما بينته في " ظلال الجنة " ( رقم 28 و 29 ) و هو في
تخريج " كتاب السنة " لابن أبي عاصم ، و الزيادة له ، و قد أخرجها هو و أصحاب
السنن و غيرهم من طرق كثيرة عن العرباض رضي الله عنه ، فانظرها في " الظلال " (
26 - 34 و 1037 - 1045 ) ، و " مسند الشاميين " ( ص 237 و 276 و 403 ) و إنما
آثرت هذه بالتخريج هنا لعزتها ، و شهرة تلك ، و بعضها في " الشاميين " ( ص 154
) . و الحديث من الأحاديث الهامة التي تحض المسلمين على التمسك بالسنة و سنة
الخلفاء الراشدين الأربعة و من سار سيرتهم ، و النهي عن كل بدعة ، و أنها ضلالة
، و إن رآها الناس حسنة ، كما صح عن ابن عمر رضي الله عنه . و الأحاديث في
النهي عن ذلك كثيرة معروفة ، و مع ذلك فقد انصرف عنها جماهير المسلمين اليوم ،
لا فرق في ذلك بين العامة و الخاصة ، اللهم إلا القليل منهم ، بل إن الكثيرين
منهم ليعدون البحث في ذلك من توافه الأمور ، و أن الخوض في تمييز السنة عن
البدعة ، يثير الفتنة ، و يفرق الكلمة ، و ينصحون بترك ذلك كله ، و ترك
المناصحة في كل ما هو مختلف فيه ناسين أو متناسين أن من المختلف فيه بين أهل
السنة و أهل البدعة كلمة التوحيد ، فهم لا يفهمون منها وجوب توحيد الله في
العبادة ، و أنه لا يجوز التوجه إلى غيره تعالى بشيء منها ، كالاستغاثة و
الاستعانة بالموتى من الأولياء و الصالحين *( و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا )*
. ( تنبيه ) : هذا الحديث الصحيح مما ضعفه المدعو ( حسان عبد المنان ) مع اتفاق
الحفاظ قديما و حديثا على تصحيحه ، ضعفه من جميع طرقه ، مع أن بعضها حسن ، و
بعضها صحيح كما بينته في غير ما موضع ، و سائر طرقه تزيده قوة على قوة . و مع
أنه أتعب نفسه كثيرا في تتبع طرقه ، و تكلف تكلفا شديدا ، في تضعيف مفرداته ،
و لكنه في نهاية مطافه هدم جل ما بناه بيده ، و صحح الحديث لشواهده ، مستثنيا
أقل فقراته ، منها : " عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي " ،
و ذلك في آخر كتيبه الذي سماه " حوار مع الشيخ الألباني " ، و مع أنه لم يكن
فيه صادقا و منصفا ، فقد كان يدلس على القراء و يكتم الحقائق ، و يطعن في
الحفاظ المشهورين ، و يرميهم بالتساهل و التقليد ، إلى غير ذلك من المخازي التي
لا مجال الآن لبيانها ، و لاسيما و قد قمت بشيء من ذلك بردي الجديد عليه ،
متتبعا تضعيفه للأحاديث الصحيحة التي احتج بها الإمام ابن القيم رحمه الله في
كتابه " إغاثة اللهفان " الذي قام المذكور بطبعه و تخريج أحاديثه ، فأفسده أيما
إفساد بأكثر مما كان فعله من قبل بكتاب الإمام النووي : " الرياض " ! و المقصود
الآن بيان جهله و طغيانه في تضعيفه لهذه الطريق الصحيحة ، فأقول : لقد أعله في
" حواره " بالانقطاع بين مهاصر بن حبيب و العرباض بن سارية ، مع أنه نقل ( ص 57
- 58 ) عن أبي حاتم و ابن حبان أن ( مهاصرا ) روى عن جماعة من الصحابة ، ذكر
منهم أبو حاتم ( أبو ثعلبة الخشني ) . و ابن حبان ( أسد بن كرز ) ، و أما هو
فلا يسلم لهذين الحافظين ، و يجزم ( ص 59 ) بأنه لم يسمع منهم ، بناء على أنه
تبنى قول بعض المتقدمين بشرطية ثبوت اللقاء ، و ليس المعاصرة فقط ، و مع أن هذا
الشرط غير مسلم به عند الإمام مسلم و جماهير المحدثين و الفقهاء كما هو معلوم
في كتب المصطلح ، فهو عند التحقيق شرط كمال ، و ليس شرط صحة كما حققته في مقدمة
الرد المشار إليه آنفا ، و مع ذلك ، فإن هذا الجاني على السنة لم يكتف بالتبني
المذكور - إذن لهان الأمر بعض الشيء - بل زاد عليه أن يشترط ثبوت السماع من
الراويين ، و لو كان اللقاء ثابتا في الأصل ، فهو يضعف لذلك أحاديث كثيرة صحيحة
. و قد بينت تمسكه بهذا الشرط الذي لا يقول به الأئمة حتى البخاري بأمثلة
ذكرتها في تلك المقدمة . و المقصود أن الرجل منحرف عن ( الجماعة ) تأصيلا و
تفريعا ، فلا قيمة لمخالفاته البتة ، و لا غرابة في تباين أحكامه عن أحكام
علمائنا ، و هاك المثال تأصيلا و تفريعا ، فقد أعل أحاديث ( المهاصر ) عن
الأصحاب الثلاثة الذين تقدم ذكرهم ، و منهم ( أسد بن كرز ) بالانقطاع المنافي
للصحة ، و هذا هو الحافظ ابن حجر قد حسن إسناد حديث المهاصر عن ( أسد بن كرز )
في ترجمة هذا من " الإصابة " ، و قد خرجته في " الصحيحة " ( 3138 ) ، و قد بينت
هناك أنه قد تحرف اسم ( مهاصر ) إلى ( مهاجر ) في عدة من المصادر ، فليعلم .
المفضلات