بعد قرائة بتمعن اجد ان التحليل صحيح ومتاكد انه لايخفى عن صناع القرار,,,
لكن ماهي استراتيجتهم لمواجته..وخاصة انه بتنامي مستمر واصبح خطره واضح للعيان ومعلن حيث يؤكد ذلك هذا التصريح
التحالف الإيراني الأمريكي وإستراتيجية الخداع
كتب المحلل الاستراتيجي| رائد الحامد:
لأكثر من عقدين مضيا، حاولت الإدارة الأمريكية الترويج لمقولة أن ليس من مصلحتها قيام نظام حكم ديني شيعي في العراق، وبالتحديد منذ قيام الثورة الإسلاميّة في إيران عام 1979 بقيادة "آية الله" الخميني، وكان مبرّر تسويق هذا الكلام، أنّ هناك عدم رضا إقليمي عن قيام نظام حكم يحمل ذلك التوجه الديني المذهبي، وهذا الكلام صحيح تماماً حتّى حرب الخليج الثانية 1991م، حيث كان لدول الخليج عموماً والسعودية خصوصاً وجهات نظر مسموعة لدى الإدارات الأمريكية المتعاقبة من باب النصيحة في أحيان قليلة، ومن باب التنسيق في باقي الأحيان.
أما بعد 1991 فقد اختلف الأمر تماماً، خصوصاً بعد الرضا الأمريكي على الموقف الإيراني من العمليات العسكرية ضد العراق ودورها في خلق حالة الفوضى في جنوب العراق وشماله بعد انسحاب الجيش العراقي من الكويت مباشرة في آذار 1991، في حين أوحت للآخرين بأنها قد تناست حربها مع العراق، واتخذت موقفاً معلناً ضدّ شنّ الحرب، حتّى إذا اطمأن إليه النظام العراقي آنذاك، قام بإيداع أكثر من مائة وثلاثين طائرة عسكرية لحمايتها من احتمالات تدميرها من قبل "قوات التحالف"، على أمل إعادتها إلى العراق بعد نهاية العمليات العسكرية، إلاّ أنّ إيران لم تف بوعدها وتمسكت بها واستولت عليها ورفضت إعادتها بحجج شتى، مما بعث شكلاً من أشكال الاطمئنان الأمريكي إلى صدق الموقف الإيراني ووفاءه لتفاهم جنيف 1991 بينهما.
من المؤكد أنّ قيام نظام شيعي في العراق لا يخدم المملكة العربية السّعودية لأسباب عديدة قد يكون من أهمها طبيعة التكوين المذهبي للمجتمع السعودي الذي يضم نسبة لا يستهان بها من الشيعة، وخصوصاً في المنطقة الشّرقية ذات الأهمية الاقتصاديّة الحيوية للسعودية لوجود آبار النفط ضمن رقعة انتشار مقلدي المذهب أعلاه، ويأتي ضمن ذات الرؤية انتماء الأسرة السعودية الحاكمة إلى المذهب السني، يضاف إلى ذلك سبب آخر، وهو النداءات المتكررة التي أصدرها "أية الله" الخميني لإسقاط الأنظمة الحاكمة في العراق ودول الخليج لإقامة "نظام حكم إسلامي"، أي نظام حكم شيعي كما فهمته دول الخليج والعراق، أو كما هي حقيقته، مما مهّد السبيل لاستعار نار الحرب بين العراق وإيران طيلة ثماني سنوات 1980 – 1988 بهدف معلن إيرانياً يتمثّل في تصدير الثورة الإسلاميّة، ومعلن عربياً في التصدّي ومواجهة خطر الثورة القادم من إيران، وهذه في واقع الأمر تتدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار العربي، وتحتل أراض عربيّة من العراق ومن الإمارات العربيّة المتّحدة، ولا تخفي رغبتها في السيطرة المطلقة على مياه الخليج العربي.
تمكنت الحكومات الخليجية من إقناع الإدارات الأمريكية بخطر قيام مثل هكذا نظام مذهبي، وهذه الإدارات تدرك خطورة مثل هذا الأمر من خلال نظرتها إلى المذهب الشيعي، بأنّه مذهب "ثوري" يقترب كثيراً في صفاته من الحركات السياسية، وهو قادر على الزحف والدخول إلى كلّ الساحات التي تريد مرجعياتهم دخولها، غير آبهين بالموت الذي قد يتأتى من خلال إتباع إرادة هذه المرجعيات، وهم يستلهمون هذا الاندفاع نحو الموت من وحي واقعة الحسين واستشهاده، وكانت عملية احتجاز الرهائن في السفارة الأمريكية في طهران مثالاً واضحاً أكّد وجهة نظرهم تلك، إضافة إلى ما شاهده الأمريكان من أفواج بشرية تتدفق أحياناً بلا سلاح إلى خطوط المواجهة مع العراق. وهي تدرك سلفاً المصير الذي ينتظرها.
إنّ المصالح العليا للولايات المتّحدة الأمريكيّة هي التي تحكم سياساتها الخارجية، ووفقاً لمتطلبات تحقيق مصالحها لا تتردد الإدارة الأمريكية في إجراء تغييرات جذرية في صميم تحالفاتها وعلاقاتها مع الدول الأخرى، باستثناء علاقاتها مع الكيان الصّهيوني، فليس بالضرورة إن يكون حليف الأمس هو نفسه حليف اليوم وحليف الغد، كما أنّه ليس عدوّ الأمس هو عدو اليوم فقد يكون عدو الغد أو يعود حليفاً كما كان.
إذن ما الذي يجعلنا نصرّ دائماً على وجود خلافات إيرانية أمريكية واستهداف أمريكي حقيقي لإيران؟
فمن ناحية الخلفية الفكرية التي تحرك كلا الطرفين الإيراني والأمريكي في كلّ ما يتعلّق بالعراق والأمّة العربيّة، لا نجد تضاداً أو تبايناً في وجهتي النظر، فكلتيهما تكنّان حقداً على العراق والأمة العربية بشكل أو بآخر، وكلتيهما لهما أطماع في العراق والأقطار العربيّة الأخرى، حتى وإن اختلفت مشاربهما، فالصفة الغالبة على الأطماع الإيرانية هي الصفة الفكرية ورغبتها في فرض التشيع الفارسي على العراقيين ككل بمن فيهم الشيعة العرب في نهاية المطاف، أو جعل المذهب الشيعي الفارسي هو مذهب الحكم الرسمي لعراق المستقبل كمرحلة أولى، ثم الانتقال إلى بقع جغرافية عربية أخرى، وهذا الكلام لم يأت من فراغ، بل علينا العودة إلى تفاهم طهران قبل الغزو الأمريكي للعراق بأسابيع بين "المجلس الأعلى للثورة الإسلاميّة" في العراق والأحزاب الكردية العراقية برعاية وتوجيه إيراني، وبموجبه تتم عملية دعم متبادل بين الطرفين العراقيين، حيث يدعم "المجلس الأعلى" إعطاء الأكراد حكما فيدراليا، مقابل دعم الأكراد مبدأ جعل المذهب الشيعي مذهب عراق المستقبل، وهذا لا يعني للأكراد شيئاً، فهم لا يقرون عملياً بانتمائهم إلى العراق الوطن إلاّ من خلال العملية السياسية وما تحققه لهم من مكاسب تقربهم من هدفهم، وكسباً للمزيد من الوقت لتهيئة الأجواء الداخلية والإقليمية لقيام كردستان الكبرى وانفصالهم نهائياً عن العراق، وتجلى هذا واضحا في أفراحهم بالانتخابات الأخيرة التي لم يرفع فيها علم العراق الرسمي إطلاقا، بل إن ما رفع هو علم كردستان فقط إضافة إلى رايات الأحزاب الكردية، أما "المجلس الأعلى" فهو بالتأكيد حركة دينية سياسية، وليست سياسية دينية، تسعى لسيادة مذهبها في حكم العراق، وفي كلتا الحالتين تعتبر إيران كطرف راع للتفاهم هي الرابح الأكبر، فهي من ناحية قد أنجزت هدفاً سعت لـه "الثورة الإسلاميّة" في إيران منذ قيامها في 1979، وهو "تصدير الثورة" إلى العراق وجواره، ومن ناحية أخرى تقدمت خطوات كبيرة باتجاه تقسيم العراق عن طريق الفيدرالية، وهاهي تتقدم الآن خطوة أخرى في اتجاه هدفها من خلال دعمها لأحمد الجلبي وتنسيقها معه في دعوته لإقامة "إقليم الجنوب"، وليس مستبعداً أن يكون لها دور ما في الدعوات الأخيرة التي صدرت من النجف الأشرف لإقامة "إقليم الفرات الأوسط"، خاصّة إذا أخذنا بعين الاعتبار الدور الأمني والفكري الواضح لإيران من خلال مراكز مخابراتها ومعلوماتها المنتشرة هناك، حيث أكدت الأنباء قيام الحكومة الإيرانية بإنفاق أكثر من ثمانين مليون دولار دعماً لقائمة السيستاني الانتخابية التي تضم "نائب الرئيس المؤقت" إبراهيم الجعفري وأحمد الجلبي عراب التحالف الأمريكي الشيعي الإيراني ورجل أمريكا المعروف، رغم مسرحية خلافاته المعلنة مع الحكومة الأمريكية كمبرر لتسويقه من قبل قائمة السيد علي السيستاني، وجعله أكثر قبولا من شيعة العراق العرب لإكمال مهمة التحالف، وهذه القائمة بزعامة عبد العزيز الحكيم الذي صرّح علناً بأحقية إيران بمبلغ مائة مليار دولار من الخزينة العراقية ((كتعويض لها عن الحرب العدوانية التي شنها صدام على الجمهورية الإسلاميّة الإيرانية)).
إن طبيعة التركيبة السلطوية الإيرانية تدلل على وجود جناحين يمسكان معا بزمام الأمور في إيران، وهما الجناح المحافظ أي رجال الدين، والجناح الإصلاحي الذي يمثله الرئيس الإيراني السيد محمد خاتمي، أي هناك حمائم وصقور كما هو الحال في الكيان الصهيوني، وهما تكتل "الليكود" و"حزب العمل"، وكلاهما متحالفان مع الإدارة الأمريكية وشركاء لها في سياساتها تجاه الأمة العربية، كذلك الحال في الحكومة الإيرانية، فكلا الجناحين لهما ذات الأهداف والغايات في العراق والمنطقة، وهما على نفس القوة من التحالف والعلاقة مع الإدارة الأمريكية في مساعيها بعيدة الأجل، ولم تكن لهذه التسميات من دلالات مؤثرة إلا في خداع الشعوب بالعداء "للشيطان الأكبر" والكيان الصهيوني، فما الذي قدمه أي من الجناحين من خطوات عملية تقربهم من شعاراتهم المعلنة تجاه القدس وغيرها من قضايا العرب والمسلمين سوى الخداع، والعمل على إضعاف العراق وتفتيته لإخراجه من معادلة الصراع الوجودي مع الكيان الصهيوني!!.
أما الولايات المتّحدة فهي الأخرى تمتلك مشروعاً فكرياً جاءت بـه مع الغزو يتمثل في المشروع الصهيوريكي الهادف لفرض هيمنتها الثقافية والاقتصاديّة والعسكرية على ما اصطلح على تسميته بـ"الشرق الأوسط الكبير"، إذن هناك نقاط التقاء بين إيران والولايات المتّحدة في كلّ ما يتعلّق بالعراق والمنطقة، وهذا الالتقاء ليس هدفاً مرحلياً، بل لأهداف حيوية بعيدة المدى لكليهما مبنية على أسس تفاهم جنيف 1991 بين الطّرفين، وقد بلغت أعلى مراحل التنسيق بينهما بعد أحداث 11 أيلول ضمن المسعى الأمريكي في معركتها الكونية على ما تسميه الإرهاب، ولم يكن الرئيس الإيراني محمد خاتمي العاتب على الإدارة الأمريكية لعدم وفاءها بالتزاماتها تجاه إيران لموقفها من غزو العراق، لم يكن أقلّ صراحة من نائبه محمد أبطحي عندما قال في ختام أعمال "مؤتمر الخليج وتحديات المستقبل" الذي عقد في أبي ظبي في كانون الثاني الماضي، ((إن إيران قدمت الكثير من العون للأمريكيين في حربهم ضد أفغانستان والعراق))، وأضاف ((أنه لولا التعاون الإيراني لما سقطت كابل وبغداد بهذه السهولة))، فالدور الإيراني في احتلال أفغانستان وإسقاط طالبان بات معروفا، وقد كافأت الإدارة الأمريكية إيران باختيارها عبد الكليم خليلي من "حزب الوحدة" الموالي لإيران كنائب لحامد كرزاي يعطي دليلاً مهما على مصداقية أبطحي.
بعد كلّ هذا، فهل من يقول إنّ هناك استهدافاً أمريكياً لإيران؟ قد نصدق في لحظة ما وجود شكل من أشكال الخلاف بين إيران والولايات المتّحدة، ولكن ما هي طبيعة الخلاف وحقيقته؟ بعيداً عن الاتّهامات المتبادلة والتهديدات عبر وسائل الإعلام حول ملفات عدة من أهمها الملف النووي، وعلى الرغم من الترويج لمقولة الاستهداف الأمريكي لإيران فإنّ حقيقة الخلافات إن كانت موجودة حقاً، فهي بالتأكيد تتمحور حول نقطة واحدة هي العراق وبالتحديد على اقتسام مساحة النفوذ لكليهما وشكل هذه المساحة، فإيران تطمح في المزيد من المساحة الفكرية والثقافية، وهي تعطي أهمية أقل للمساحة الاقتصاديّة، فيما لا تكتفي الإدارة الأمريكية بالمساحة الاقتصاديّة وحدها، بل تريد إضافة إليها مساحة من النفوذ الفكري الذي يصبّ في العمل على تفعيل حالة تراجع الشعب العراقي عن التوجه الإسلامي العقائدي، وكذلك عن الفكر القومي العربي وسلخه من عقل العرب الشيعة وفكرهم، وسعيهما لجعل هذا الفكر حكراً على العرب السنة، والتوجه الإسلامي والفكر القومي هما المحرك الأساس في تغذية روح العداء للكيان الصهيوني، والإصرار على التمسّك بالحق العربي في فلسطين، وباقي الأراضي العربيّة المحتلة، أي أنّه على الرغم من تفاهم جنيف، إلاّ أنّ هناك خلافات لكنها ليست أساسية، بل تتخذ من الحصول على أكبر المكاسب من خلال غزو العراق إطاراً لها.
وفي الحالة العراقية الراهنة لا بدّ من الفرز الدقيق بين مسميات عدة، المذهب ألإمامي الجعفري وأتباعه وهم من الشيعة العرب، ويعتمد على فكر (الإمام جعفر الصادق)، وليس هناك وعلى مرّ التاريخ أيّ خلاف فقهي أو غيره مع باقي المذاهب الإسلاميّة الأخرى، بل هو "المذهب الخامس" بإجماع فقهاء أهل السنة والجماعة اللاحقين، أما التشيع عموما فهو ما يستوجب عملية الفرز المشار إليها، فالتشيع في العراق الآن يتخذ اتجاهين متناقضين: الاتجاه الشيعي العربي، وقد أثبت حرصه على كلّ ما هو وطني وقومي وإسلامي، بدءاً من الحفاظ على وحدة العراق الوطنية وسلامة أراضيه وسيادته ورفضه للاحتلال الأجنبي ومقاومته له وفق رؤيته واقتناعه بالمقاومة السلمية، وكذلك أثبت تمسكه بهوية العراق العربيّة الإسلاميّة، وبـ"أنّ الشعب العراقي جزء لا يتجزأ من الشعب العربي" والعراق جزء من الوطن العربي الكبير يشترك معه في التاريخ والمصير المشترك.
أما التشيع الفارسي فهو تشيع دخيل على شيعة العراق، ويحاول التشيع الفارسي فرض رؤاه على الآخرين وجرهم إلى مناطق خارج إطار المحتوى العربي الإسلامي، وهو في حقيقته ليس ذا صلة بالمذهب الجعفري، بل هو حركة سياسية ظهرت تاريخياً أيام العباسيين وعززها قيام الدولة الصفوية، ويستهدف هذا التشيع الفارسي الصفوي إلى نزع هوية الشيعة الإمامية للعراقيين العرب ونزع عروبتهم وإسلامهم الصحيح، وهو يسعى الآن لتحقيق هذا من خلال السيطرة على مراكز القوى الاقتصاديّة والسياسية في مناطق جنوب العراق، ليفرض من خلالها عقيدته الفكرية والدينية بدعم أمريكي إيراني وبتنسيق مشترك، وقد ساهم كلّ ذلك في خلق إشكالية فكرية كبرى تتعدى الساحة العراقية في مدى تأثيرها الآني والمستقبلي إلى احتمالات دخول الخليج العربي والجزيرة العربيّة بالتحديد في صراعات فكرية مع جوارها الإيراني قد لا نشهد لها نهاية محمودة في خاتمة المطاف لو قدّر لها أن تتجسد على أرض الواقع.
في سياق الموضوع، تمّت الإشارة إلى انتساب الأسرة السعودية الحاكمة للمذهب السني ولم يكن الأمر حصراً عليها بل يتعدّى ذلك إلى الأغلبية الساحقة من المجتمع السعودي، وبتفاصيل أدقّ إلى المذهب السني الحنبلي وتحديداً إلى دعوة محمد بن عبد الوهاب، وهذه تتخذ من فكر ابن تيمية مرجعاً فقهياً لها، وليس بين هذا الفكر وبين الفقه الإسلامي على (مذهب الإمام جعفر الصادق) أيّ خلاف أو تناقض، إلاّ أنّ رؤية أتباع محمد بن عبد الوهاب بأنّ حركة التشيع قد خرجت على (مذهب الإمام الصادق).
ليس لأحد أن ينكر وجود نسبة مؤثرة من الشيعة في المجتمع السعودي وفي المنطقة الشّرقية الغنية بالنفط تحديداً، وهؤلاء يدّعون حقاً أو باطلاً بتعرضهم المستمر للقمع والتهميش من قبل الأسرة السعودية الحاكمة، وفي أعقاب الحادي عشر من أيلول والاتهامات الموجهة لهذه الأسرة برعاية الإرهاب من قبل جهات أمريكية فاعلة في صنع القرار، تحركت رموز شيعية بارزة تمكّنت من استثمار هذه الاتّهامات وتجييرها لبناء علاقات بشكل أو بآخر مع تلك الجهات، وساهمت فعلاً في صياغة قناعات جديدة لدى تلك الجهات الأمريكية، فحواها أنّ بإمكان الولايات المتّحدة الأمريكيّة إقامة تحالف مع الشيعة في العالم وبالتنسيق مع إيران، وأنّ هؤلاء على استعداد تام لخدمة المصالح القومية العليا للولايات المتحدة، مقابل رعاية أمريكية ودور عملي في سيطرة شيعية على المنطقة الحيوية لمصالح أمريكا، فلماذا يبقى الأمر محصوراً في الأطراف السنية؟ فالسنة ضالعون بالإرهاب العالمي، في أفغانستان وفي العراق وفي فلسطين وغيرها من بقاع التوتر ومناطق عدم الاستقرار، كما أنّ هناك أكثر من مائة وخمسين مليون مسلم شيعي ينتشرون في أنحاء العالم، وأنّ التحالف مع هذه الملايين يعني المزيد من العقلانية الدينية، مما يعني التخفيف من دور الفكر الوهابي السلفي المناهض والمعادي للمصالح الأمريكية، وأن على الإدارة الأمريكية إن تستثمر صبغة العداء التاريخي بين الفكر الوهابي والفكر الشيعي، وإنّ الغالبية الساحقة من هذه الملايين الشيعية يتبعون رجلاً واحداً، وإنّ ضمان موقف هذا الرجل (أي المرجع الأعلى لشيعة العالم) يعني في النهاية ضمان موقف شيعة العالم، وبكلام آخر فأنّ ضمان موقف الحوزة العلمية ومرجعيتها في النجف الأشرف يعني في النهاية ضمان موقف شيعة العالم إلى جانب الموقف الأمريكي، على العكس من السنَّة الذين لا يمكن ضمان موقفهم لعدم إتباعهم لمرجعية واحدة، بل ولعدم وجود مثل هذه المرجعيات ذات الصلة بالسياسة أصلاً، كما أنّ مناطق البترول العربي يشكّل الشيعة النسبة العظمى من سكانها، إضافة إلى أنّ حوض الخليج العربي ومضايقه ذات الأهمية الحيوية لدعم العمليات العسكرية الأمريكية المستقبلية في المنطقة تسكنه أغلبية شيعية.
إنّ هذه الرؤية المستندة إلى تصريحات عدة لناشطين سعوديين شيعة معارضين للحكم السعودي تمّت صياغتها وإيصالها تحديداً إلى المراكز الفكرية التابعة للمحافظين الجدد وهي المعنية عملياً بصنع القرار الأمريكي ورسم سياساتها الخارجية، وعلى ما يبدو فإنّ الإدارة الأمريكية التنفيذية قد تعاملت مع هذه الصياغات جدياً وعملياً، ويمكن تعزيز هذا الرأي استناداً إلى الوقائع المعروفة لعملية تجنيد المجاهدين العرب في أحد المراكز المخابراتية الأمريكية في جدة وإرسالهم إلى بيشاور لتأهيلهم فكرياً وتدريبهم عسكرياً للمشاركة في مقاومة الاحتلال السوفييتي لأفغانستان، ثمّ ما لبثت الولايات المتّحدة أن تنكّرت لهؤلاء الحلفاء واتخذت منهم بعد أحداث أيلول عدواً صنعته بأوهامها ليبرر لها فرض مشروعها الكوني وسيادة سياسة القطب الأوحد عن طريق "الحروب الاستباقية" والغزو المسلح للبلدان وغيرها من وسائل تحقيق هيمنتها، إضافة إلى هذا فإنّ حلفاء الأمس أعداء اليوم، هم أساساً حملة "الفكر الوهابي السلفي الجهادي"، وإنّ التحالف الشيعي الأمريكي كفيل بمواجهة هذا الفكر وإنهاء دوره بأيدٍ شيعية ودعم أمريكي، وتلك الرؤى وهذا التحالف في حقيقة الأمر من أكثر الأمور تشجيعاً للإدارة الأمريكية في تسويغ قراريها غزو أفغانستان ثمّ العراق.
أما ما أعقب انتكاسة بغداد في 9/4 فإنّ الأمور باتت أكثر جلاءً، فمنذ الأيام الأولى لبدء العمليات العسكرية تمكنت المرجعية الشيعية العليا في النجف ممثلة بمرجعها الأعلى علي السيستاني المنحدر من أصول عرقية فارسية من السيطرة على عقل وفكر الشيعة العرب في العراق، وأقنعتهم من خلال دعوة ما أو فتوى بعدم مقاومة الغزاة القادمين لاحتلال العراق، بذرائع بشّر بها ممثلوه تتلخص في "أنّ أرض النجف على سبيل المثال أرض مقدسة لا تجوز فيها إراقة الدماء أياً كانت، وأنّ العرب السنة حكموا العراق لعشرات السنين وظلموا الشيعة واضطهدوهم، وأنّ الدور الآن يتحقق من خلال القوات الأمريكية لرفع الظلم عن المستضعفين وسيطرة الشيعة على الحكم في العراق من خلال الانتخابات"، وكان السيّد علي السيستاني أول من دعا "الحاكم المدني" بريمر لإجراء الانتخابات وكان لـه ما أراد، مستغلا عزوف أبناء السنة عن العملية السياسية، لانشغالهم بالمقاومة المسلحة واتخاذهم منها خيارا أوحدا لإنهاء الاحتلال، وهم يهدفون معا لإقامة نظام علماني في مظهره الخارجي، ويضم أغلبية شيعية من العناصر الأكثر ابتعادا عن الإيمان بعروبة العراق ليحققا على المدى البعيد خداع العراقيين عموما، والشيعة العرب خصوصا، بأن الهم القومي شان سني صرف لا علاقة للشيعة به، وقد نال "السيد" علي السيستاني ثناء المسؤولين في الإدارة الأمريكية، وآخرهم السيدة كوندوليزا رايس التي اثنت على الدور المهم الذي لعبه "السيد" علي السيستاني وتأكدها من استمرار دوره المهم مستقبلاً.
إن مشاهدات الواقع تدلل على غض الطرف الأمريكي عن الدور الإيراني في العراق، فمن معارض الكتب الزهيدة الثمن التي تبشر بالتشيع الفارسي، وتشن هجومها على العرب والقومية العربية في محاولة منها لتفريس ثقافة شيعة العراق العرب، وسلخهم عن ثقافتهم الأصيلة، إلى صور "آية الله" الخميني التي باتت تغزو الأماكن العامة وجدران المحلات التجارية وواجهاتها، إلى ثبوت ضلوع المخابرات الإيرانية بالتدخل في شؤون العراق الداخلية ومسؤوليتهم عن الكثير من الاغتيالات حسب المسؤولين العراقيين الحاليين، وهذه الاغتيالات في حقيقتها تتوافق مع ذات الهدف الصهيوني في استهداف الكفاءات العلمية وعلماء الدين، إلا إن الاختلاف بينهما هو إن الإيرانيين يركزون على الشخصيات السنية البارزة، ويأتي هذا ضمن إطار التحالف الإيراني الأمريكي بعيد المدى، وقد لا يكتفي هذا التحالف بالساحة العراقية، بل يتعداها إلى دول الجوار في الخليج العربي أو غربا باتجاه سوريا والأردن ولبنان وغيرها.
ومن يدري فقد يكون هذا التحالف مسؤولا عن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري ضمن ذات الإطار والهدف في حال تكررت واقعة الحريري في ساحات أخرى لهم فيها أيد ووجود فاعل، فكما حدث في أيلول إذ اتهمت الإدارة الأمريكية أسامة بن لادن بعد اقل من عشر دقائق على وقوع الهجمات، تم اتهام سوريا باغتيال الحريري بذات الأسلوب والسرعة حتى قبل المباشرة بالتحقيقات الميدانية أيضا.
بعد قرائة بتمعن اجد ان التحليل صحيح ومتاكد انه لايخفى عن صناع القرار,,,
لكن ماهي استراتيجتهم لمواجته..وخاصة انه بتنامي مستمر واصبح خطره واضح للعيان ومعلن حيث يؤكد ذلك هذا التصريح
سبحان الله وبحمدهسبحان الله العظيم
استغفر الله العلي العظيم واتوب اليه
اللهم أشغلهم عنا بأنفسهم= بارك الله فيك
ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم إخلاص العمل لله والنصح لأئمة المسلمين، ولزوم جماعتهم. فإن دعوتهم تحوط من ورائهم وفي لفظ إن دعوتهم تكون من ورائه
ومن كان همه الآخرة جمع الله شمله وجعل غناه في قلبه وآتته الدنيا وهي راغمة ومن كان همه الدنياءفرّق الله أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له
اخي الفاضل ابو نادر اشكرك على الموضوع المفيد
بارك الله فيك
مجموعة دعاة على ابواب الجنة انتظروها قريباً ان شاء الله
شكرا على المعلومات القيمه
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات