- 2 -
الطريقة الثانية : استجب لحقوق الطفل .
و من ابرز الحقوق المهمة للطفل و التي يجب أن نمنحه إياها : الفهم و المشاركة و النصح عندما يخطئ التصرف .
فالطفل بحاجة للفهم و المشاركة بدل الانتقاد و النصح عندما يخطئون التصرف حتى يستفيدوا من تجاربهم في تطوير شخصياتهم و بالتالي لا بد من إعطاء و توفير هذا الحق للطفل إذا أردنا تنشئته بطريقة متزنة .
فإعطاء الطفل حقه و قبول الحق منه و مشاركته يغرس في نفسه شعورا ايجابيا نحو الحياة و يتعلم أن الحياة اخذ و عطاء و يتدرب على الخضوع للحق لكونه يرى أمامه قدوه صالحه ، و يتعود العدل في قبول الحق و رضوخه له فتتفتح طاقته لترسم طريقها في التعبير عن نفسه و مطالبته حقوقه و عكس هذا يؤدي إلى كبتها و ضمورها فهذا رسول الله صلى الله عليه و سلم يستأذن غلاما عن يمينه لكي يتنازل عن حقه ليعطيه للكبير الذي على يساره فإذا بالطفل لا يؤثر نصيبه من باقي ما شرب منه رسول الله صلى الله عليه و سلم على نفسه لأحد أبدا فيعطيه رسول الله صلى الله عليه و سلم ليشرب و يهنأ في الاستمتاع بحقه .
و حادثة أخرى عندما يتقدم احد الأطفال معترضا لشعوره بغبن حقه إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم قبل معركة احد و يقول لحبيبه و مصطفاه يا رسول الله لقد قبلت ابن عمي في دخول المعركة و أنا إن صارعته صرعته فيأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لهما بالمصارعة أمامه و إذا به يفوز على ابن عمه و يصرعه فما كان من رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا أن أذن له ليكون جنديا مسلما في قتال المشركين .
روى ابن عساكر و الديلمي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قلت للنبي صلى الله عليه وسلم : علمني كلمات جوامع نوافع فقال : (( اعبد الله و لا تشرك به شيئا ، و زل مع القرآن أينما زال ، و اقبل الحق ممن جاء به صغيرا أو كبيرا و إن كان بغيضا بعيدا ، و اردد الباطل ممن جاء به جاء به صغيرا أو كبيرا و إن كان حبيبا قريبا )) .
و من حق الطفل أن يصبح إماما و قائدا إذا كان عالما قارئا على من يكبره سنا .. بالعلم و المعرفة ... روى الإمام عبد الرزاق في مصنفه عن مهاجر بن حبيب الزبيدي قال اجتمع أبو سلمه بن عبد الرحمن و سعيد بن جبير فقال سعيد بن جبير لأبي سلمه : حدث فانا سنتبعك ، قال أبو سلمه : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( إذا كان ثلاثة في سفر فليؤمهم أقرؤهم و إن كان أصغرهم فإذا أمهم فهو أميرهم )) ، قال أبو سلمه فذاكم أمير أمره رسول الله صلى الله عليه و سلم .
و قد سار السلف الصالح على قبول الحق من الصغير مهما كان نوعه ..
فهذا أبو حنيفه رضي الله عنه اتعظ بمقالة طفل صغير حينما رأى الإمام الطفل يلعب بالطين فقال للطفل إياك و السقوط في الطين ، فقال الغلام الصغير للإمام الكبير إياك أنت من السقوط لان سقوط العالِم سقوط العالَم ، فما كان من أبي حنيفه إلا أن تهتز نفسه لهذه المقولة فكان لا يخرج فتوى بعد سماعه هذه المقالة من الطفل الصغير إلا بعد مدارستها شهرا كاملا مع تلامذته .
و هذا عمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة و بدأت الوفود تزوره لتهنئته بالمنصب الجديد تقدم احد الوفود غلاما صغير يتكلم باسم الوفد فقال الخليفة عمر أما وجد القوم من هو أسن منك ليتكلم ؟ فقال الغلام يا أمير المؤمنين لو كان الأمر في كبر السن لكان من هو اكبر منك في مقامك هذا يا أمير المؤمنين أما علمت أن المرء بأصغريه لسانه و قلبه ، فقال الخليفة عمر : عظني يا غلام ! فوعظه حتى أبكاه .
أرأيت هذه النفوس العظيمة و الرؤوس المليئة بالعلم و المعرفة تتقبل النصح و الإرشاد من الأطفال و تسمع إليهم بتواضع و تستفيد من آرائهم فيصححون من أفكارهم و طريقتهم .
و من أهم ما يستفاد مما سبق هو عدم احتقار الطفل و السماع له و إعطاءه حقه و الإصغاء إليه حتى يكتسب الثقة و كذلك إرشاده و تفهيمه لسبيل الحق .
المفضلات