<div align="center">المقال: إرهــــــــــــــــــاب الرذيلة</div>
إبراهيم محمد باداود
تتواصل الجهود الدولية والمحلية لمكافحة الإرهاب الذي لم يتم تحديد معنى واضح له حتى الآن فكل جهة تصفه بما يتناسب مع مصالحها ويحقق أهدافها. وقد سبق أن كتبت في مقال سابق عن إرهاب الحوادث المرورية وذلك بعد صدور إحصائيات عن ارتفاع عدد المخالفات المروية خاصة في جدة والرياض ليصل عددها إلى الملايين مخلفة من ورائها آلاف الضحايا، واليوم يسيطر على الساحة نوع جديد من الإرهاب الذي يزلزل البيوت ويدمر القيم ويسحق المبادئ ويهدم الأخلاق ويقتحم البيوت ليقدم لنا الرذيلة بصور منوّعة وتحت مسميات مختلفة فهو إرهاب نوعي يتطور سريعاً مخلفاً من ورائه آلاف الضحايا ممن ماتت عقائدهم ومبادئهم ودفنت أخلاقهم فصاروا أجساداً بلا أرواح لا يحركون ساكناً قست قلوبهم وصمت آذانهم وعميت أبصارهم واستسلموا لهذا البلاء الذي قضى عليهم.
إنه إرهاب الرذيلة الذي تجاوز كل الحدود وتخطى كل الحواجز وجعل من المرأة سلاحه الفتاك الذي يستخدمه للنيل ممن يستهدفهم فزج بها في كل المحافل خصوصاً الإعلامية منها فاستخدمها في معظم الإعلانات التجارية لتساهم في الترويج لها وهي متعرية من كرامتها قبل ملابسها، وأوهمها بأنه سيجعل منها نجمة متميزة ففتح لها القنوات الفضائية على مصراعيها لتصبح فنانة أو نجمة تتجاوز شهرتها آفاق الدنيا مشترطاً عليها أن تتميز في اتقان فنون الرقص وفي عرض مفاتنها وخصص لها قنوات غنائية!! تركز على الأغاني الفاضحة التي لا تخلو من التبرج وجعلها مرافقة للمغنين لتضفي برشاقتها وجمالها بصمة متميزة على أغاني المطربين، لقد استخدم إرهاب الرذيلة المرأة بشكل مزرٍ وجعلها سلعة تباع وتشترى في كل مكان وزمان.
إنها هجمة شعواء يتعرض لها جميع أفراد المجتمع لنشر الرذيلة بمختلف الوسائل التقنية الحديثة وعلى رأسها القنوات الفضائية التي انتشرت انتشار النار في الهشيم وأصبت متخصصة، تقدم خدمات الرذيلة مستهدفة الشباب والشابات لتقتـــــــــل في نفوسهم أغلى ما يملكون وهو دينهم وعزتهم وكرامتهم ولتعلق قلوبهم وأهواءهم بالرذيلة وتفتنهم لتدمر وتفسد وتقضي على ما تبقى لديهم في هذا الزمن من مبادئ وقيم.
وهذا التدرج الخطير في نشر الرذيلة واضح وملموس ففي السابق كنا نرى الحشمة في النساء وهن في الأسواق كما كنا نرى التعفف من الشباب واليوم تخرج بعض النساء للأسواق وكأنهن يخرجن لحفلة زفاف ومن ورائهن يركض الشباب مؤملين في نظرة أو ابتسامة أو اتصال، وفي السابق كان يفتخر الشاعر بغض طرفه إذا بدت له جارته واليوم أصبح الرجال يزاحمون النساء وكأنهم محارم لهن، لقد تجاوزنا في عصرنا هذا مرحلة الحوار بشأن الوجه والكفين ووصلنا إلى مراحل أبعد من ذلك بكثير، وقد ساهم في ذلك كما ذكرت أساليب ووسائل التقنية الحديثة فأصبحت اللقاءات الغرامية تتم عن طريق الإنترنت والاتصالات ورسائل الجوال بل أصبحت الرذيلة تنتشر بأيسر الطرق التقنية وذلك كما حدث في فضيحة جوال الباندا والذي تناقل مناظر الاغتصاب التي حدثت فضلاً عما يحمله البريد الإلكتروني يومياً من عروض وصور وغيرها من وسائل الرذيلة المتعددة.
إنها حملة مركزة تحيط بنا من كل جانب مدعومة من إعلام موجه يستهدف إثارة الشهوات والغرائز بكافة الوسائل الإعلامية المسموعة والمقروءة والمرئية مستخدما في ذلك المرأة و متدرجاً في رسائله لأن هدفه هو أن يصل وضع مجتمعنا إلى ما وصل إليه من حولنا من المجتمعات العربية، إذا نادى المنادي لديهم بتحرير الإعلام والمرأة و الانفتاح ففتح الباب على مصراعيه ولم تصمد الضوابط التي وضعت أمام تيار الرذيلة ففقدوا أساس مجتمعهم وهو المرأة وفقدت المرأة أغلى ما لديها وهو شرفها وكرامتها.
إن هويتنا الإسلامية ومبادئنا وقيمنا تفرض علينا الوقوف أمام هذا الإرهاب ومقاومته من خلال تحصين أنفسنا وأبنائنا و مجتمعنا بالتربية الإسلامية والتمسك بالأخلاق الحميدة وتقوية الوازع الديني لمقاومة وإنكار ظواهر هذا الإرهاب وعلى الرغم من صعوبة منع هذا السيل المتدفق من هذه الوسائل إلا أن علينا التركيز على التربية والتحصين الذاتي فمداخل هذا الإرهاب متعددة والعمل على إغلاقها واجـــــــــــــــــــــب ولكن لا يكفي بل يجب أن يسبقه الجانب التربوي وتعميق الوازع الديني فهو الأبقى والآمن إذ إن وسائل المنع مهما تم إحكامها فمن الممكن خرقها.
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات