اعتذر الكاتب السعودي القدير نجيب الزامل عبر مقال نشرته الزميلة الاقتصادية الى قبيلة بلي التي تسكن في شمال المملكة بعد خطأ وقع فيه قال بانه غير مقصود تمثل في ايراد اسم قبيلة مواطن قال بانه يمر بحالة فقر مدقع جعله يجمع من القمامة التي تقع بالقرب من سوق الخضار قوت اولاده .
الزامل كان قد طرح في مقال سابق مناشدةٌ مفتوحة للأمّةِ جمعاء، عنونها عندما قررت بيع طفلي , بطلها رجل من قبيلة "بلي"
حيث قال فيها ..بأنه فجع بسبب مكالمة من مواطن م.ع.ر. البلوي، ولم يخفِ اسمه بل ذكره حتى الجد الخامس،
"قال بأنه مل من كثر التوسلات والدعوات التي اطلقها من اجل انقاذه وعائلته من براثن الفقر وكوارثه، لي قرر بيع أحد أطفاله وعمره ثمانية أشهر حتى يتم إنقاذ بقية أفراد العائلة من الانحراف والإجرام والإرهاب واتباع الفكر الضال:
ليعود ويضيف ان
هذا الرجل متزوج من 3 نساء ويعتبر ذبيحٌ من ضحايا سوق الأسهم، باع منزله، واستنفد مبلغ تقاعده، واقترض، واستغل كل مكافآت بناته، ويعيل ثلاثة وعشرين فردا.. ولم يبق له إلا فتات راتبٍ تقاعدي لا يبقى يوما، بل يقول إنه لو قسم راتب تقاعده على كل فرد لكان أقل من دولار أمريكي وهذا تحت خط الفقر المُعلن دوليا بأنه فقرٌ كارثي ..
ثم يكمل ان لدى المواطن ستة شباب وشابات بمؤهلات جامعية، ولم يجد أي واحد منهم عملا .. وهو يعلق قائلا بالحرف الواحد: "ازداد وضع أولادي وعائلتي سوءا لما اكتشفوا أني أحضر لهم الخضراوات وبعض المواد الغذائية من .. القمامة. وحصل وأنهم صاروا يبحثون عن حلول بأنفسهم، وأخاف أن يقودهم هذا إلى أعمالٍ لا ترضي الله ولا ولي الأمر من إجرام ومخدراتٍ والتعرض للإرهاب الفكري والفئة الضالة"..
الزامل عاد ليعتذر اليوم بمقال جاء فيه ..بأنه عندما تطرقتُ لموضوع المواطن «البلوي» بمقال السبت الماضي، كان من منظور التعاطف والمساندة مع إنسان .. إنسان من الوطن، أخٌ وصاحبُ مأساة .. وعندما ذكر هو اسمه خماسيا كاملا استبقيت لقبَه الأخير لأوضح أن تعاطفي معي كونه إنسانا وسعوديا، وأن لا قرابة أو معرفة بأي شكل تربطنا مسبقا إلا ما يفعله الأخ لأخيه، كما نصحنا موجه هذه الأمّةِ الأول نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - حين أمرنا أن نكون كالبنيان المرصوص، وكانت صرخة حب للوطن عن طريق كشف ما سيؤذي هذا الوطن ..
وأضاف الزامل انا لم أفكر بقبيلة، ولم يخطر لي أن أحداً قد يؤرقه ذكر القبيلة مع حجم المأساة، ولكن كل هذا أثبت أني كنت على خطأ .. وأنا على خطأ لأن كثيرا من شيوخ وسادة ومنتمي هذه القبيلة هاتفوني يعتبون ..
مضيفاً ان قبيلة «بـِلي» كبيرة ومنتشرة وذات تاريخ أثيل، تنتمي إلى قبيلة قضاعة اليمنية القحطانية المتجذّرة في التاريخ .. وهي قبيلة أيضا بأعداد كبيرة وتمتد على معظم الساحل الشمالي للبحر الأحمر، وتأخذ مساحات من شمال غرب المملكة، وجنوب الأردن، ويقال أنحاء في فلسطين وفي سيناء .. وعـَزّ على منتمي هذه القبيلة أن تُذكر القبيلة في شأنٍ فردي قد يمسّ كامل القبيلة ..
ويتبع القول .. لذا انفتحت عليّ المكالمات والاحتجاجات وطلب التبرير؛ لمَ «البلوي»؟ وكنت أقول إن كل احترامي لقبلية «بلي» التي لا يطعن أحدٌ في شموخها، ولكن المسألة كانت تتطلب إثباتا واقعيا وإبعاداً لأي صلة شخصية .. ولكن بما أن هذا حزّ في نفوس من هاتفوني من أبناء القبيلة وشيوخها، فلا شك أني أخطأتُ، فيكفي أني خلقت موجة بينهم من الاستياء، وإن كانت، وهم يعرفون، أنها لم تكن تخطر في البال .. لذا كان واجب الاعتذار، والاعتراف بالخطأ لأنه كان من الممكن تجنب ذكر اسم القبيلة، وهذا القولُ مقنع جدا ..
ويوضح الكاتب كنت أحسب بردة الفعل الأولى الخام أن وقوفي مع عائلة مهدّدة من القبيلة سيكسبني تقرباً لهم وإثباتاً للمحبة، على أن حساباتي لم تكن موفقة، وها أنا أعتذر وبحرارة من خطئي تجاههم، وما أثاره المقال من حساسية سالبة جعلتهم يهاتفوني حتى من خارج المملكة ويراسلوني لأنه كما يتفقون مسّهم جميعاً .. ولعلني، باعتذاري القلبي لكل بلوي في قبيلة بلي وكل بلوي منتشر على الأرض، وباعترافي أن الخطأ كان بالإمكان تجنبه، أثبت هذه المرة لحبي وتقديري واحترامي لكل بلوي، ولهذه القبيلة النبيلة ذات الاسم والسمعة والتاريخ العريقة بأحداثِ التاريخ القريبِ والبعيد المثبتة .. والتي يحق لكل منتمٍ لها أن يفخر بما أنجزته طوال هذا التاريخ ..
ليختم الزامل بقوله طبعا مقالٌ مثل ذاك، من كاتبٍ مثل هذا، لن يغير في واقع القبيلة ورفعة سمعتها ذرّة، ولكنه واجبُ الاعتذار متى اقتضى الاعتذار ..
ويبقى أن كل من هاتفني منهم لم يكن غاضباً أو متطاولاً وهذه من شِيَم أبناء قبيلة «بلي» وأخلاقهم، ولكنهم كانوا يرددون مثل كلمة رجل واحد: «نعلم أنه أخذتك الحماسة العاطفية لموضوع مؤلمٍ حقاً، لكن كان يجب أن ننبهك أنك أيضا أثرتَ حساسية من لا ذنبَ لهم في ذكر اسم القبيلة عالمين أنك لم تقصد إلا خيرا» .. وكان هذا كافيا لينبهني لما كان يجب ألا يكون، ولكنه صار .. وأعرف أنه لا يؤثر في القبيلة من قريب ولا بعيدٍ، ولكنه يؤلمني ضميرياً بأني آذيتُ مشاعر إخوةٍ لي لم أحب لها أن تتأذى من أي أحد.
ويبقى أن هذه القبيلة الكريمة، هي قبيلة متكافلة، وأظن من هذا الواقع أنهم يعتنون ويتساندون مع بعضهم، ولا أشك أن طبيعة أخلاقهم ونبلهم لن يتركوا فرداً منهم يعيث به الفقر، وتمزق أواصر عائلته الحاجة، وأن هناك بينهم نظامَ تكافلٍ اجتماعي، لا أشك في ذلك، وأنهم سيسعفون إخوانهم المحتاجين، كما هو متوقع من كل قبيلةٍ وطائفة ومجتمعٍ وأسرةٍ في البلاد.
فيا أيها البلويون: أحبكم وأحترمكم .. وإني أخطأتُ، فاقبلوا اعتذاري.
المفضلات