بائعة الخضار !
الوقت الثانية ظهراً هناك في جانب الطريق كانت جالسة أمام بسطتها في لهيب الحر وتحت أشعة الشمس الحارقة، تبيع قليلاً من الخضار بثمناً بخس لعلها تخرج قوتها اليومي الذي تسد به أفواه أطفالها الجياع، وفجأة يحضر إليها رجل لعلها تقول في قرارة نفسها هذا زبون سيشتري مني وسأكسب منه بعض الريالات ، وفجأة يتحول هذا الزبون إلى محقق فيمطر عليها وابلٌ من الإستجوابات من أنتِ ! ولماذا تبيعين هنا ! وفي هذا الوقت !ولماذا !ولِما !كانت ترد عليه بإنكسار تتلعثم تارة وتخفض صوتها تارة أخرى ، خجلاً وخوفاً وإستحياء ، وعندما لم يجد الأجوبة الشافية لتطفله يطلب لها الدوريات الأمنية ، ظن هذا الرجل أن هذا المقطع الذي سينشره في حسابه سيصبح محتوى دسم يغذي هوس الشهرة عنده فيزيد من مشاهداته ويتصدر التاق لكنه ظن وخيب الله ظنه ، أراد هذا الرجل بهذه المرأة الضعيفة شراً لكن إنقلب السحر على الساحر ليصبح هو من تم إستجوابه والتحقيق معه، لقد أرسله الله إليها ليفتح لها أبواب الخير ، فتنهال عليها الخيرات من كل مكان ، فسبحان من سخر أسباب الرزق بقدرته وبتدبيره ، فبدل من أن تُسلط أضواء الشهرة عليه أصبحت هذه المرأة حديث المجتمع ووسائل التواصل الإجتماعي وقنوات الأخبار تتلقفها ، ليعرف القاصي والداني بقصتها فيتعاطفون معها وينهال عليها الدعم ويتحول حالها إلى أفضل مما كانت عليه ، والرجل تم القبض عليه والتحقيق معه وحُكم عليه بالسجن والغرامة ،ليكون عبرة لغيره ، ففي زمن سلمان الحزم لاوجود لمثل هذه العينات فكرامة الأنسان في هذا الوطن لن تُهان والعدالة ستأخذ مجراها، ، السؤال هنا ! هل يعقل أن كل مُتعفف لابد أن يُشهر به لكي يتعاطف الناس معه ، هل يعقل أن يُفضح أمره وأن تُمتهن كرامته لتلتفت إليه أنظار المُشفقين والمُتعاطفين ،فيظهر ممن يتبرع ليس نخوة ولكن لطلب الشهرة ، ليتم تلميعهم إعلامياً ، هل يعقل أن يكون المستضعفين صيداً سهل لمفاليس السوشيل ميديا ليتسلقوا على ظهورهم ، مع الأسف لازال مشاهير الإفلاس يقتاتون على حساب إهانة كرامة الآخرين ، هوس وجنون الشهرة وحب المال أنسى هذا الرجل أن لهذه المرأة كرامة وبفعلته هذه فقد أراق كرامتها ، لكن لاغرابة في ذلك فهذا ديدن البعض ممن نسميهم مفاليس الشهرة ، حقيقة ننصدم حينما نرى الكم الهائل ممن يتابع محتوى بعض المشاهير الذين لم نجد في مايقدمونه أي هدف سوى إستخفاف بعقول الآخرين، علينا أن نحرر عقولنا من متابعة هؤلآء السذج الذين لا هدف لمحتواهم سوى إضاعة الوقت ، نحن لانعمم هناك مشاهير نجد محتواهم راقي ويشدنا لمتابعته ونجد فيه ضآلتنا من التجارب والنصائح التي تفيدنا في حياتنا اليومية ، رسالة إلى مشاهير السناب وغيرهم إن لم تقفوا بجانبهم لتنتشلوهم من الفقر والعوز فلا تقفوا بجانبهم لتلتقطوا معهم (سيلفي) بحثاً عن الشهرة والمال ، وأخيراً إذا لم تستطع تقديم خيراً لأحد فلاتلحق به شراً .
مقال ( بائعة الخضار ! ) لـ سلمى يوسف البلوي
اترك تعليقا