( الغانيات أو الغواني ) جمع غانيه .. والغانيه هي المرأه التي تستغني بجمالها عن الزينه ..
قال جميل بن معمر :
إذا مالغانيات برزن يوما *** وزججن الحواجب والعيونا
وأحمد شوقي قال :
خدعوها بقولهم حسناء *** والغواني يغرهن الثناء
فالغانيه .. صفه محببه .. وليست صفه للمرأه ( الفالته ) أي أللي ماشيه على حل شعرها كما يقول بعض الصلعان المثقفين زورا وبهتانا .. حيث نلاحظ ذلك في كتاباتهم ..
فنعتهم للغانيه بأنها .. من لا خلاق لها .. هو جهل مـُطبق ..
والغانيات .. وإن كنًّ جميلات فلم يكفيهن هذا الجمال الرباني الذي وهبهن به الله عز وجل .. بل لجأن إلى ( التزيُّن ) .. لطبيعة المرأه وتكوينها المجبول على حب الجمال .. لتشبع غريزتها ولتحقيق ذاتها .. ولتفتن عباد الله ..
والمرأه هي المرأه على مر العصور .. فالمرأه الفرنسيه على سبيل المثال وفي العصور الغابره .. كانت تدخل البحر بثوب طويل ورقيق .. وتخرج وقد إبتل ثوبها ولصق بجسمها مجسدا تفاصيله .. من .. إلى ..
كنوع من الإغراء .. قبل إكتشاف ( المايوه ) ..
وفي الجاهليه .. كانت المرأه العربيه .. تهتم بزينتها وبوسائل كثيره .. منها :
النظافه وتصفيف الشعر والخضاب والتزجيج والوصل والتنمص والفلج والطيب والوشم ..
وذكر طرفة بن العبد الوشم فقال :
لخولة أطلال ببرقة ثهمد ** تلوح كباقي ( الوشم ) في ظاهر اليد
وفي المناسبات كالأعباد وحفلات الزواج .. كانت تجر ذيل لباسها النفيس .. زياده في الأناقه واعتدادا بنفسها .. ويقول عنتره يصف عبله وهي تجر ثيابها :
وتظل عبله في الخزوز تجرها ** وأظل في حلق الحديد المبهم
ثم جاء الإسلام .. فأولى للزينه الإهتمام ضمن مقاييس وأطر معينه لا يحل للمرأه أو غيرها للخروج منها .. حفاظا على علاقة المرأه بالمجتمع وبالقيم الأخلاقيه التي تـُنظم الحياة الإنسانيه ..
( قل من حرّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ) الأيه ..
( يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد .. ) الآيه ..
فقد أحلّ الإسلام ما كان طيبا .. وحرّم ما كان فيه مفسده ..
مثل : الوشم والفلج والتنمص والوصل ـ وصل الشعر .. والتغيير في خلق الله .. ما لم يكن ضروره لذلك ..
ومع هذا فالمرأه هي المرأه ..
ففي بداية الإسلام .. تحايلت بعض النساء في حياكة الملابس .. فكان زي ( القباطي ) وهو ثوب طويل يلتصق بالجسم ويبرز محاسنه .. وقد نهى عمر بن الخطاب عن لبسه .. فذكر ذلك ( مالك ) فقال : بلغني أن عمر بن الخطاب نهى النساء عن لبس القباطي .. وإن كان لا يشف .. فإنه يصف ..
وفي عصر الأمويين .. كانت المرأه لا تحب اللون الأسود .. والتاجر العراقي الذي جاء بـ( الخـُمـُر ) السوداء إلى المدينه .. فكسدت بضاعته .. إلى أن قال فيها الشاعر :
قل للمليحة في الخمار الأسود ** ماذا فعلت بناسك متعبد
قد كان شمر للصلاة ثيابه ** حتى خطرت له بباب المسجد
ولم يبقى في المدينه إمرأه جميله .. إلا واشترت خمارا أسودا ..
وسيدة زمانها ( سكينه بنت الحسين ) إبتكرت ( تسريحه ) جديده للشعر .. فقلدتها نساء عصرها .. والتي عـُرفت بـ( الطـُره السكينيه ) نسبة إليها ..
وفي عصر العباسيين .. إقتدت النساء العربيات المسلمات بالنساء البغداديات في لباسهن .. حيث إبتكرن أزياء رائعة الجمال تنم عن ذوق رفيع فمنها :
الغلائل الدخانيه والأرديه الرشيديه والقمص المعنبره والأزر المعصفره .. ولكثرة ولع المرأه بالأزياء الراقيه في تلك الفتره فابتدعت أزياء بديعة الجمال ومن خصائصها .. الأكمام المفتوحه والسراويل البيض المذيله .. وعقد الزنار ..
وتعددت أنواع التزين عند المرأه في العصر العباسي .. حتى تطورت إلى كتابة الأشعار والحكم على ملابسهن وأطرافهن فمنها :
ما كتبته جاريه لإسحق الموصلي على جبينها بالمسك ..
( العشق والكتمان .. ضدان لا يلتقيان )
وكتبت إحدى جواري المتوكل على خدها بالغاليه ( جعفر ) ..
وأخرى كتبت على راحتها اليمنى بالمسك والعنبر :
( قالوا تمنّ فقلت لهم ** يا ليتها حظي من الدنيا )
وعرفت النساء العربيات منذ القدم الأصباغ وتلوين البشره وتجميل الخدود ( الميك أب )
.. فكانت تحصل عليها من شجر الجوز وقشر ثمارها .. وكنّ يتمضخن به ليـُكسب وجوههن حـُمره وإشراقا .. ولا تستخدم هذا الخليط سوى ذوات العز والثراء .. وتـُسمى أؤلئك النسوه بــ( العواتك ) ..
ولا زالت المرأه هي المرأه ..
تبحث عن ما يرضي أنوثتها وفطرتها ..
فيا أيتها ( الغانيات ) الجميلات الفاتنات :
رفقا بالرجاجيل .. ينولكن الثواب من عند الله عز وجل .. !!!