فهرس الموضوع
في قلب الشمال الغربي من المملكة العربية السعودية، تتوارى قرية صغيرة تحمل اسمًا لا يُنسى: أبو القزاز. تابعة لمحافظة الوجه في منطقة تبوك، تقع هذه القرية على مسافة نحو سبعين كيلومترًا شمال شرق المحافظة، وعلى بعد ٢٩ كيلومترًا فقط من قرية بدا المجاورة، ويربطها بها طريق أسفلتي هادئ يمر بين الجبال، كأنما يقودك إلى قصة منسية من الماضي.
لكن أبو القزاز ليست مجرّد نقطة نائية على الخارطة، بل هي شاهد حي على حياة ضاربة في جذور التاريخ، حيث عاش فيها رجال ونساء من قبائل بلي العريقة، وتحديدًا الوابصة والعرادات، إلى جانب فخذ الخضرة من القبيلة ذاتها. كل فخذ وكل عائلة هنا يحمل إرثًا خاصًا، وحكايا
ت تتوارثها الألسن جيلاً بعد جيل.
طريق القوافل ومسارات الذاكرة
في الزمن القديم، لم تكن الطرق مرصوفة كما اليوم، وكان على المسافر أن يعرف مواطن الماء، ومنازل الظل، ومواقع الخير. وهنا بزغ نجم أبو القزاز كمحطة لا غنى عنها للمسافرين والرحّل، الواقعة على الطريق التاريخي الذي يربط الوجه بمدينة العلا. في قلب الطبيعة الصحراوية القاسية، وبين الجبال الصامتة، كانت القرية مأوى، وموردًا، وملاذًا في وقت كانت فيه الرحلة مغامرة محفوفة بالمخاطر.
طبيعة تخاطب الروح
القرية تحتضنها الجبال من كل اتجاه، وتنتشر فيها أشجار الدوم ذات الظلال الطويلة والجذور العميقة، التي تُضفي طابعًا بيئيًا خاصًا ونادرًا. ليس بعيدًا عن قلب القرية، يمتد وادي أبو القزاز كأنه شريان الحياة، بسحره الطبيعي وتكوينه الجيولوجي الأخّاذ. عند المطر، يتحوّل الوادي إلى ممر من الماء والضوء، لوحة تنبض بالحياة، تُدهش من يراها ولو مرة واحدة.
ناسها… وجه الأرض النقي
يعيش في القرية عدد من العائلات التي لا تزال متمسكة بنمط الحياة البسيطة. يعتمد السكان على الزراعة وتربية المواشي، ويصنعون من القليل بركة
سياحة الروح والبساطة
بدأت الأنظار تلتفت مؤخرًا إلى قرية أبو القزاز، لا لثرواتها المادية، بل لما تملكه من هدوء نادر، وطبيعة عذراء لم تُلوّثها ضوضاء العصر. وبدأ زوار منصات التواصل الاجتماعي يوثّقون جولاتهم في القرية، مندهشين من صفاء الجو، وبساطة المكان، وكرم السكان. لقد أسهم هؤلاء في لفت الانتباه إلى السياحة الريفية كمسار جديد من مسارات الاكتشاف في المملكة.
خلاصة الرحلة
أبو القزاز ليست مجرد قرية… إنها مرآة لزمن لا يزال ينبض رغم تغيّر العالم من حوله. تحتفظ بعراقتها، وتُظهر التنوع الحقيقي في جغرافيا وثقافة المملكة. فيها تصمت الضوضاء، وتتكلم الأرض، وتحكي الجبال، وتتنفس القبيلة. إنها قرية من تراب، لكنها تحمل قلبًا من ذهب.
1 تعليق
تقرير جميل امكان جميل شكراً لك استاذ عبدالمنعم