قرية النابع.. ذاكرة الماء والكرم والسكون

0 تعليقات 12 مشاهدات
A+A-
إعادة ضبط
الصفحة الرئيسية قرى وهجر بلي قرية النابع.. ذاكرة الماء والكرم والسكون

قرية النابع.. ذاكرة الماء والكرم والسكون

0 تعليقات 12 مشاهدات
A+A-
إعادة ضبط

في الشمال الغربي من أرض المملكة، حيث يلتقي البحر بالجبل وتتشكل الملامح بين الرمل والصخر، تقع قرية النابع، قطعة من ذاكرة الزمان، وواحة سكونٍ تنبض بالحياة الهادئة. هناك، تحت ظلّ السماء الصافية، يعيش الناس ببساطة نادرة، تحكمهم القيم، وتجمعهم الأرض.

قرية النابع، إحدى قرى محافظة الوجه التابعة لمنطقة تبوك، ليست قرية عادية. فهي تحمل في تضاريسها ملامح الأصالة، وفي وجوه أهلها آثار الزمن الجميل. يسكنها العرادات من قبيلة بلي، أبناء الأرض الذين عرفوا الصبر، وتوارثوا الشرف، وظلّوا على عهد الجيرة والكرم والعزّة.

تحيط بالنابع جبال صامتة، تشهد على قرون مضت، وتحتضنها أراضٍ صلبة، يعرفها الرعاة والمزارعون جيداً. ورغم قسوة الطبيعة، لم يتخلَّ أهلها يوماً عن أرضهم. ففي الشتاء، تطيب الأجواء وتلين الحياة، وفي الصيف، تعلّمهم الشمس معنى الجلد والثبات.

هناك لا تُقاس الحياة بعدد ناطحات السحاب أو زحمة الطرق، بل بحجم الطمأنينة التي يشعر بها المرء حين يعرف كل من حوله، ويعرفونه. الجار جار، والكلمة عهد، والقهوة لا تُشرب إلا بمشاركة.

تاريخ يحفظه الماء والملح

قبل أن تُرسم على الخرائط، كانت النابع ملاذاً للمسافرين، ونقطة استراحة بين تبوك والوجه. بئرها القديم لا يزال شاهداً على كرمها، حيث لا يُسأل الغريب عن اسمه قبل أن يُسقى. كانت – ولا تزال – محطة للراحة، وموطناً للسكينة.

ملامح من التحديث

في السنوات الأخيرة، بدأت معالم التطور تصل إلى النابع، ببطء لكنه بثبات. طرقٌ أُنشئت، وخدماتٌ بدأت تزحف نحو البيوت الحجرية. الكهرباء والاتصالات دخلت حياة الناس، لكن روح المكان ما زالت كما هي: نقيّة، غير ملوّثة بعجلة المدينة.

ورغم هذا التحسن، لا تزال الخدمات الأساسية محدودة. المراكز الصحية والتعليمية لا تلبّي جميع الاحتياجات، مما يدفع كثيرين للذهاب إلى محافظة الوجه القريبة. ومع ذلك، يعلّق أهل القرية آمالاً على المستقبل، وعلى من يرون في هذه الأرض فرصة، لا مجرد مساحة مهملة.

تحديات.. وأمل لا ينطفئ

شباب النابع، مثلهم مثل كثير من شباب القرى، يتطلعون لحياة أوسع، ووظائف أكثر، وفرص تُبقيهم قريبين من جذورهم دون أن يُجبروا على الرحيل. بعضهم غادر، لكن قلبه ظل هناك، في بيت الشعر أو البيت الشعبي، في مزرعة النخل، في بئر الجد.

ورغم قلّة الموارد، تمتلك النابع فرصة أن تتحول إلى وجهة للسياحة الريفية، بما تملكه من طبيعة وجذور، وناس يعرفون كيف يروون الحكاية.

النابع ليست مجرد اسم على لافتة الطريق، بل روحٌ تحيا في ظل جبل، وتستقي من بئر قديم، وتحلم بغدٍ أجمل. هي قرية يعرفها أهلها جيدًا، ويعرفون قيمتها، مهما غابت عن الإعلام أو التقارير. لأن بعض الأماكن لا تُقاس بحجمها، بل بما تتركه في القلب.

تنبيه مهم!!

في حال وجود أي ملاحظة على الموضوع الرجاء كتابة تعليق في الأسفل للإطلاع عليه

اترك تعليقًا

* باستخدام هذا النموذج فإنك توافق على تخزين بياناتك ومعالجتها بواسطة هذا الموقع.

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الكاتب

موقع قبيلة بلي الرسمي، تأسس عام 2000، يُعد أول منصة إلكترونية تهتم بتوثيق تاريخ وحاضر قبيلة بلي. أسسه عبدالمنعم البلوي ليكون مرجعًا موثوقًا للباحثين والمهتمين بتاريخ القبيلة. يضم الموقع أرشيفًا غنيًا بالوثائق، والمقالات، والصور النادرة.

اختيارات المحررين

أحدث المقالات

جميع الحقوق محفوظة © لموقع قبيلة بلي الرسمي – تأسس عام 2000 

Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
هل أنت متأكد من رغبتك في إلغاء الاشتراك؟

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. نفترض أنك موافق على ذلك، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا رغبت في ذلك. موافق اقرأ المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00