حوارات ثقافية و أدبية و مكتبة الكترونية

التاجر والخمر ..؟؟

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ماجد سليمان البلوي
    مشرف قسم التراث

    • 28 - 8 - 2009
    • 9524

    #1

    التاجر والخمر ..؟؟

    التاجر والخمر ..؟؟

    السلام عليكم
    أن الخمر لم يكن محرّماً في أول الإسلام ،
    ثم بدأت الدائرة تضيق على تناوله
    حتى حرّمه الله تعالى
    في قوله سبحانه:

    " يا أيها الذين آمنوا ،
    إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام
    رجس من عمل الشيطان ،
    فاجتنبوه لعلكم تفلحون ،
    إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم
    العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ،
    ويصدكم عن ذكر الله
    وعن الصلاة
    فهل أنتم منتهون
    ؟

    قالوا :
    انتهينا ، يا رب ، انتهينا .

    ولعله كان في الأمم السابقة
    غير محرّم كذلك .

    فقد انطلق
    الرجل بسفينته في النهر ،
    يقف على هذه القرية وتلك القرية ،
    وهذا الحي وذاك ،
    يبيع الخمر للناس .
    وكان غشّاشاً ،
    يخلط الخمر بالماء ليزداد بيعه ،
    فيزداد ربحه .

    وكثير من الناس في أيامنا هذه
    يفعل مثله ظنّاً منهم
    – وهذا قلة في الدين ،
    وضعف في اليقين –

    أنهم يسرعون في الثراء ،
    فيَشـُوبون الجيد بالرديء ،
    او يمزجون المتقاربين في النوع..

    ليجنوا المال الكثير
    بالطرق غير المشروعة ،
    فيخسرونه وأضعافه
    بطرق لا يشعرون بها ،
    فقد تكون المرضَ ،
    أو السرقةَ أو الضياعَ أو الإسرافَ
    أو النكدَ في الحياة
    الذي يطغى على كثرة المال ،
    فيفقدُ الإنسانُ الراحة وطعم السعادة

    وهذا كلُّه لا يساوي شيئاً
    أمام عذاب الله تعالى وغضبه
    فما نبت من سحت
    فالنار أولى به .

    باع الرجل
    " الخمر المائيّ" ،
    ووضع الدنانير في كيسه ،
    وانطلق بسفينته عائداً إلى بيته ،
    والسعادة تملأ نفسه ،
    والأمل في جمع ثروة كبيرة يراوده .

    وبينما هو في أحلامه ،
    وقردُه إلى جانبه يقفز هنا وهناك
    اختطف القردُ الكيسَ ،
    وصعِد به إلى سارية السفينة .

    فانخلع قلب التاجر لمصير الكيس ،
    فقد يطيح به القرد في الماء ،
    فيخسر تجارته
    وأحلامه الوردية التي خامرَتْه .
    وقد يفتحه ،
    فتتساقط بعض الدنانير في الماء ،
    ويغيب بعضها في ثنايا الألواح

    أيها القرد ؛
    أيها القرد؛
    بالله عليك انزل .
    فلما لم ينزل ناداه :
    ارم الكيس إليّ بهدوء ،
    ولا تفجعني في مالي
    لم يفهم القرد توسّلَه ،
    بل تمكّن من جلسته أعلى السارية ،

    وحلَّ رباطَ الكيس
    نظر في داخله
    مدّ يده إلى الدنانير الذهبيّة ،
    فأخرج ديناراً ،
    وقلّبَه بيده كأنه يروزه
    ( يختبره ويتعرّفه)
    ثم ألقاه أسفل منه ،
    فسقط في السفينة ..

    فابتدره التاجر
    ورفع رأسه إلى حيث يجلس القرد
    كان التاجر
    متوثّباً مشدودَ الأعصاب
    لقد مدّ القرد يدَه إلى الكيس ،
    وأخرج ديناراً آخر وقلّبه بيده ،
    فاستعدّ التاجر لتلقّيه
    ليس في الأمر حيلة سوى ذلك ..

    لقد ترك دفّة السفينة
    ليتفرّغ للالتقاط الدنانير
    يا ويح التاجر ،
    لقد رمى القرد الدينار في الماء
    بين الأمواج ..

    ورمى التاجر رأسه على عمود السارية
    من الغيظ والقهر
    وعاد ينظر بتوسّل ظاهر إلى القرد ،
    ولكنْ هذه المرة دون أن يناديه ،
    إذ انعقد لسانه ..

    فرمى القرد إليه ديناراً ،
    فأسرع إلى التقاطه ،
    ورمى الدينار الرابع إلى الماء
    يا ويحه ،
    ما عادت رجلاه تحملانه
    سقط على الأرض ،
    وعيناه متعلقتان بالقرد وصنيعه ..

    ازدادت سرعة يد القرد ،
    واستمر التوزيع العادل في القسمة
    دينارٌ يٌرمى على السفينة ،
    وآخر يُلقى إلى الماء
    وفرغ الكيس ،
    ونزل القردُ
    أخذ التاجر نصيبَه من ثمن الخمر ،
    وأخذ النهر نصيبه من ثمن الماء
    الممزوج بالخمر ..

    أليست القسمة صحيحة ،
    والقردُ قاضياً عادلاً ،
    وحكَماً نزيهاً
    ؟

    وقد نال التاجر نصيبه
    من الحزن والألم في الدنيا .
    وسينال جزاءَه في الآخرة ناراً تلَظّى ،
    لا يصلاها إلا الأشقى

    هذا إذا لم يتق الله تعالى ،
    ويتـُب ،
    ويعفُ الكريمُ عنه..
    ولكم تحيات
    ماجد البلوي
يعمل...