أقيموا صفوفكم ثلاثا ، والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن بين قلوبكم

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أحمد علي
    عضو جديد

    • 7 - 6 - 2006
    • 1533

    #1

    أقيموا صفوفكم ثلاثا ، والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن بين قلوبكم

    32 - " أقيموا صفوفكم ثلاثا ، والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن بين قلوبكم " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 39 :


    أخرجه أبو داود ( رقم 662 ) ، و ابن حبان ( 396 ) ، و أحمد ( 4 / 276 ) ،
    و الدولابي في " الكنى " ( 2 / 86 ) عن أبي القاسم الجدلي حسين بن الحارث ،
    قال : سمعت النعمان بن بشير يقول :
    " أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس بوجهه فقال : ... " فذكره ،
    قال : " فرأيت الرجل يلصق منكبه بمنكب صاحبه ، و ركبته بركبة صاحبه ، و كعبه
    بكعبه " .
    قلت : و سنده صحيح ، و علقه البخاري مجزوما به ، و وصله ابن خزيمة أيضا في
    " صحيحه " كما في " الترغيب " ( 1 / 176 ) و " الفتح " ( 2 / 176 ) .
    ثم رواه الدولابي من طريق بقية بن الوليد ، حدثنا حريز قال : سمعت غيلان
    المقرىء يحدث عن أبي قتيلة مرثد بن وداعة ( قال : سمعت ) النعمان بن بشير
    يقول : فذكره .
    و هذا سند لا بأس به في المتابعات ، و رجاله ثقات غير غيلان المقرىء ،
    و لعله غيلان بن أنس الكلبي مولاهم الدمشقي ، فإن يكن هو ، فهو مجهول الحال ،
    روى عنه جماعة ، و قال الحافظ : إنه مقبول .
    فقه الحديث :
    ------------
    و في هذين الحديثين فوائد هامة :
    الأولى : وجوب إقامة الصفوف و تسويتها و التراص فيها ، للأمر بذلك ، و الأصل
    فيه الوجوب إلا لقرينة ، كما هو مقرر في الأصول ، و القرينة هنا تؤكد الوجوب
    و هو قوله صلى الله عليه وسلم : " أو ليخالفن الله بين قلوبكم " . فإن مثل هذا
    التهديد لا يقال فيما ليس بواجب ، كما لا يخفى .
    الثانية : أن التسوية المذكورة إنما تكون بلصق المنكب بالمنكب ، و حافة القدم
    بالقدم ، لأن هذا هو الذي فعله الصحابة رضي الله عنهم حين أمروا بإقامة الصفوف
    و لهذا قال الحافظ في " الفتح " بعد أن ساق الزيادة التي أوردتها في الحديث
    الأول من قول أنس :
    " و أفاد هذا التصريح أن الفعل المذكور كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ،
    و بهذا يتم الاحتجاج به على بيان المراد بإقامة الصف و تسويته " .
    و من المؤسف أن هذه السنة من التسوية قد تهاون بها المسلمون ، بل أضاعوها إلا
    القليل منهم ، فإني لم أرها عند طائفة منهم إلا أهل الحديث ، فإني رأيتهم في
    مكة سنة ( 1368 ) حريصين على التمسك بها كغيرها من سنن المصطفى عليه الصلاة
    و السلام بخلاف غيرهم من أتباع المذاهب الأربعة - لا أستثني منهم حتى الحنابلة
    - فقد صارت هذه السنة عندهم نسيا منسيا ، بل إنهم تتابعوا على هجرها و الإعراض
    عنها ، ذلك لأن أكثر مذاهبهم نصت على أن السنة في القيام التفريج بين القدمين
    بقدر أربع أصابع ، فإن زاد كره ، كما جاء مفصلا في " الفقه على المذاهب الأربعة
    " ( 1 / 207 ) ، و التقدير المذكور لا أصل له في السنة ، و إنما هو مجرد رأي ،
    و لو صح لوجب تقييده بالإمام و المنفرد حتى لا يعارض به هذه السنة الصحيحة ،
    كما تقتضيه القواعد الأصولية .
    و خلاصة القول : إنني أهيب بالمسلمين - و خاصة أئمة المساجد - الحريصين على
    اتباعه صلى الله عليه وسلم و اكتساب فضيلة إحياء سنته صلى الله عليه وسلم أن
    يعملوا بهذه السنة و يحرصوا عليها ، و يدعوا الناس ، إليها حتى يجتمعوا عليها
    جميعا . و بذلك ينجون من تهديد " أو ليخالفن الله بين قلوبكم " .
    الثالثة : في الحديث الأول معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم ، و هي رؤيته
    صلى الله عليه وسلم من ورائه ، و لكن ينبغي أن يعلم أنها خاصة في حالة كونه صلى
    الله عليه وسلم في الصلاة ، إذ لم يرد في شيء من السنة ، أنه كان يرى كذلك خارج
    الصلاة أيضا . و الله أعلم .
    الرابعة : في الحديثين دليل واضح على أمر لا يعلمه كثير من الناس ، و إن كان
    صار معروفا في علم النفس ، و هو أن فساد الظاهر يؤثر في فساد الباطن ، و العكس
    بالعكس ، و في هذا المعنى أحاديث كثيرة ، لعلنا نتعرض لجمعها و تخريجها في
    مناسبة أخرى إن شاء الله تعالي .
    الخامسة : أن شروع الإمام في تكبيرة الإحرام عند قول المؤذن " قد قامت الصلاة "
    بدعة ، لمخالفتها للسنة الصحيحة كما يدل على ذلك هذان الحديثان ، لاسيما الأول
    منهما ، فإنهما يفيدان أن على الإمام بعد إقامة الصلاة واجبا ينبغي عليه القيام
    به ، و هو أمر الناس بالتسوية مذكرا لهم بها ، فإنه مسؤول عنهم : " كلكم راع
    و كلكم مسؤول عن رعيته ... " .
يعمل...