هذا القسم يختص بأخبار و احتفالات القبيلة وأبنائها و تغطيات المناسبات و أخبار الأعضاء و التهاني و التبريكات وأخبار ديار بلي ( تغطيات خاصة وعامة )

مقالات لبعض الكتاب من قبيلة بلي في الصحف .

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • موسى بن ربيع البلوي
    رئيس مجلس الإدارة

    • 24 - 10 - 2001
    • 23140

    #1

    مقالات لبعض الكتاب من قبيلة بلي في الصحف .




    إخواني الكرام





    لا شك في أن قبيلة بلي تملك الكثير من المثقفين و الموهوبين من أبناءها

    لذا أحببت أن نجمع ما نقع عليه من مقالات لأبناء القبيلة و الذين يساهمون في الكتابة في العديد من الصحف المحلية و العربية و المجلات لذا آمل من الأحبة التفاعل و أن تكون الردود هنا فقط في جمع المقالات و نحن لسنا بصدد التعليق عليها أو نقدها بقدر ما هو مشروع لجمع ما نستطيعه .



    - 1 -
    الثلاثاء 3 جمادى الأولى 1427هـ الموافق 30 مايو 2006م العدد (2069) السنة السادسة
    http://www.alwatan.com.sa/daily/2006.../writers03.htm

    هل من وسيلة لترميم المواطنين؟
    محمد علي الهرفي*
    رغم ابتعاد مجلس الشورى عن معالجة قضايا المواطنين التي تمس حياتهم بصورة مباشرة فإنه يظل المتنفس الأقرب لهؤلاء المواطنين، وتبقى آمالهم معلقة عليه للتدخل القوي لحل مشاكلهم أو التخفيف منها على أقل تقدير.
    ولأن الصعوبات التي تلامس حياة المواطنين بدأت تتزايد بصورة واضحة خاصة بعد الانهيار الكبير الذي وقع في سوق الأسهم والذي لا تكاد أسرة سعودية إلا وتضررت بسببه فإن قيام مجلس الشورى بعمل شيء قوي وسريع أصبح مطلباً مهماً لكل أفراد المجتمع.
    قد يكون أمام المجلس عقبات تحول دون تحركه الإيجابي والسريع ولكن حرص القيادة في بلادنا على تقديم كل أنواع الدعم للمواطنين يعد واحداً من أقوى الإيجابيات ليتحرك المجلس وهو يشعر بالاطمئنان الكبير لنجاح آرائه وتحويلها إلى واقع يراه المواطن في واقع حياته..
    مأساة الأسهم ليست الوحيدة التي أثرت على حياة المواطنين لكنها - بالإجماع - كانت الأسوأ والأكثر تأثيراً وربما لسنوات قادمة.
    أمام هذه المأساة كان لابد للمجلس أن يتحرك وأن يكون معبراً عن آمال المواطنين، لكنه لم يفعل ما كان مأمولاً منه وبقي يتحرك في دائرة ضيقة ربما لعدم وجود صلاحيات لديه تخوله التحرك بصورة أوسع وأشمل ولكن - ومرة أخرى - المواطن يراه من منظور آخر؛ إنه المعبر عنه - أو هكذا يجب أن يكون -.
    أدرك أن معظمنا قرأ الخبر الذي نشرته بعض صحفنا من أن مركزاً طبياً تبرع بعلاج المصابين بالأمراض النفسية بسبب الأسهم، هذا الخبر يعطي دلالة واضحة على حجم هذا النوع من الأمراض التي أصابت مجموعة من أفراد المجتمع، ومن المؤكد أن هناك أنواعاً أخرى من الإصابات تحدثت عنها صحفنا ورددها - ولا يزال - أناس كثر في مجتمعنا.
    يشكر هذا المركز على فعله، ولعل هناك مراكز أخرى تتحرك في الاتجاه نفسه، ففعل الخير مطلوب وفي جميع الاتجاهات..
    رئيس هيئة سوق المال مطالب بأعمال كثيرة وهو يحاول أن يتحرك هنا وهناك، زار مجلس الشورى وتحدث فيه ولكن الناس ما زالوا يتطلعون إلى شيء آخر وهذا الشيء اختصرته صحيفة "عكاظ" على لسان "مواطن" عندما قال: "المؤشر في انحدار، وحالنا والله دمار، ما نفع تغيير أو تعديل أو طول انتظار. شكلوا لجنة جديدة تكشف المستور وتقول الحقايق باختصار" نعم الناس يريدون كشف الحقيقة وإذا كانت الهيئة عاجزة حتى الآن عن كشف الحقيقة فإن مجلس الشورى يجب أن يكشفها.. كشف الحقيقة أول الطريق لحل المشكلة التي ما زالت تؤرق المواطنين.. رئيس الهيئة يقول: إنه لا يملك عصاً سحرية لحل أزمة السوق، والناس - كما أظن - لا يريدون عصاً سحرية لأن السحر حرام!! لكنهم يريدون حلاً عمليا وليس حديثاً لا يوصل إلى شيء.. الحل يجب أن ينطلق من مجلس الشورى.. هكذا أعتقد.. هيئة سوق المال كانت تعلن أنها أوقفت عدداً من المستثمرين لتلاعبهم في سوق الأسهم، وأعلنت أنها أخذت منهم غرامات تتفق وحجم التلاعب الذي مارسوه.. والسؤال: أين هذه الأموال؟ ولماذا لا تعطى لأصحابها؟
    البنوك، أخذت عمولات كبيرة على المتعاملين في السوق، والهيئة أعطت الحق للبنوك بعدم إعادة شيء للمضاربين - رحمة بالبنوك!! - فلماذا لا تعاد هذه الأموال للمتضررين؟ أليسوا هم الأولى بها من بنوك تكسب مئات الملايين؟؟ هناك أشياء ينبغي عملها والمجلس هو الذي يجب أن يبادر إلى ذلك إذا كان غيره عاجزاً عن الحركة..
    هذه الحلول - حتى وإن عملت- فإنها لا تكفي ولذلك يجب التحرك في اتجاهات أخرى وكثيرة..
    من هذه الأشياء قيام بعض أجهزة الدولة بالتخفيف عن المواطنين في رسوم بعض الخدمات، هذه الرسوم إن كانت مقبولة في الماضي فإنها شاقة جداً هذه الأيام.. هناك فرق بين الرسوم المفروضة على الشركات والمفروضة على المواطنين.
    كل أنواع الرسوم يجب إعادة النظر فيها، كما يجب إعادة النظر فيما ينبغي فعله للمواطنين.. المساعدة في إيجاد المساكن اللائقة، والمساعدة في إيجاد العلاج المناسب والتعليم الجيد، كل هذه أمور من حق مجلس الشورى أن يتحرك وبقوة لتحقيقها..
    أعداد كبيرة من المواطنين بحاجة إلى "ترميم" وهذا "الترميم" سيحد من مشاكل كثيرة قد تصيب المجتمع في مقتل إن لم يتحرك الجميع ممن يملك القدرة على التحرك..
    مجلس الشورى مؤهل للتحرك في هذا الاتجاه وعليه أن يتجاوز صلاحياته ليقدم الأفضل وأعتقد أنه سيجد أذناً صاغية من كل المسؤولين..

    * أكاديمي وكاتب سعودي





    أنصر نبيك
    .
    الإثنين 27محرم 1429هـ
    .


  • موسى بن ربيع البلوي
    رئيس مجلس الإدارة

    • 24 - 10 - 2001
    • 23140

    #2


    لماذا يربط البعض بين الصحوة والتيارات الحزبية؟
    جاء الحديث الثقافي المحلي عن الصحوة في صورة منه متوشحا شعارات النقد والإقصاء والإنصاف أحيانا قليلة وكل ذلك متوقع وسط زحام الأفكار المترادفة الباحثة عن مخرج، غير أني لم أتوقع توشح ذات الحديث (الجنائزية الفكرية) بالكتابة عن موت الصحوة واحتضار الخطاب والمرحلة البائدة وهكذا..
    إن ثمة نظرة هاربة تقفز على المرحلة هروبا من شيء ما.. ذلك الهروب الذي يتقنه ناقم على الصحوة حين كان ذات يوم أحد مخرجاتها السالبة أو بعيداً عن الصحوة يرتحل اللاحق دون النظر إلى سابقه.. في هذه المقالة لا أروم الدفاع عن الصحوة بقدر دفاعي عن المرحلة.. التي يحاول البعض تقبل العزاء فيها مفوتاً الفرصة عن الإفادة منها بذرائع بيدي الواقع خلافها وأبرز ما أريد قوله ما يلي:
    1- لقد كادت الصحوة تكون المتحرك الوحيد في بيئة خاملة، في بيئة تتقن فن المراقبة والتوجس وتغليب المصلحة الخاصة على العامة، إن من يرى ذنب الصحوة تضخم خطابها واحتلاله الصدارة فهذا ليس ذنب الصحوة بقدر ما هو ذنب غيرها، لقد كنا بحاجة إلى (الخطاب الموازي) كنا بحاجة كمثال إلى الخطاب النقدي والتربوي والاجتماعي والصناعي والطبي، إننا في زمن الإعلام والحراك - أيا كان - بلا تنظير يكشفه ويسانده وينتقده يجعل ذلك الحراك في خبر كان وهذا ما تجاوزته الصحوة واعتبره البعض ذنباً عاماً وخطيئة كلية.
    2- يحتاج المتعرضون للصحوة إلى فهم ومن ثم معالجة مفهوم (التدين) سواءً كان ذلك تدينا شخصيا أو تدين المرحلة برمتها.. إن الزخم الديني المصاحب لمناشط الصحوة ليس بدعاً من الأمر، بل هو في إطار قضايا التدين ونتائجه المتوقعة سلباً وإيجابا.. إن ترشيد التدين بإرشاده وليس بتقليصه أمر أكبر وأهم من التدين ذاته، وإن عصرا صفا فيه الدين قال قائلهم (إعدل يا محمد) فخرج منه قائله المتدينون ابتداعاً فكيف الحال الآن؟ وإن ترشيد التدين مسؤولية مجتمع بأكمله وليس فئة خاصة وهذا موضوع طويل ليس محله هذه المقالة.
    3- إن اختزال الصحوة في خطاب سياسي مرحلي أمر مثير للعجب خاصة عندما يأتي ذلك ممن يدعون الليبرالية والسؤال هنا: هل من يملك رأياً سياسيا يعني ذلك أن له طموحاً سياسياً.. هذا باختصار هو جريرة الصحوة العظمى - عند بعضهم - هو بذلك يناقض إحدى أبجديات الحراك الليبرالي المزعوم. وبالمناسبة فإني أشير هنا إلى أن ما يقال عنها الليبرالية السعودية إنما هي نتاج للصحوة الإسلامية وإن شجاعة بعض رموز الصحوة الإسلامية سبب صحوة الرموز الليبرالية، ولو سأل سائل هل تعني أن الليبرالية السعودية قطفت ثمار الصحوة الإسلامية تحت شعار الإصلاح لقلت (في الأمر شيء من هذا) لكنه حتماً ليس كل شيء فالأيام حبلى بنتائج تنسجم مع القدرة على التعامل الواقعي مع المرحلة الحالية.
    4- من إشكاليات المعترضين للصحوة الإحالة إلى بالرمز عند تقييم المرحلة: دعونا نعترف أننا نعاني من حالة إخفاق حين التعامل مع الرمز الديني وذلك في ظني مرتبط بعدة أسباب أولها التعود على التعامل مع الرمز الرسمي وفق مراسيم معينة يسودها الاحترام والتسليم غالبا والسكوت عند المخالفة وعندما أتت لنا الصحوة بالرمز غير الرسمي ورفعت الحصانة فإن التعامل كان مشوبا بالكثير من السلبيات تحت رداء البداية وعدم التعود وردود الأفعال والشعور بالاستقواء. كذلك فإن إقفال سنة فكرية في التعامل مع المراحل مفادها أن السيادة للمرحلة وليست للرمز خاصة فيما له علاقة بالحراك الثقافي الديني يجعل المعركة - إن صح التعبير - نخبوية بحتة ترتفع - بدون تفوق - على الواقع بكل تفصيلاته. إن من خصائص الرمز الديني حقه في اتخاذ الموقف الملائم لعلمه واجتهاده وبنيته النفسية والفكرية وليس شرطاً انسجامه مع ما يراه الآخرون مصلحة محتملة، وفي أدبيات الحراك الإسلامي فإن رمزا دينيا نطق الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان ورمز آخر طار رأسه في كلمة عند سلطان جائر..
    5- الأفق الحزبي في الحكم على الصحوة التعامل معها: لست أدري لماذا يصر البعض على ربط الصحوة الإسلامية أو أية علامات للإحياء الإسلامي بالحركات الحزبية السابقة، قد تكون حيلة لإسقاط الحراك الإسلامي، أو ضيق أفق وسوء تصور أن التوجه الإسلامي امتداد فقط للتحزب وبالتالي يعامل بهذه الصورة. فهل ضاقت عقول العلماء والمفكرين عن ممارسة الحراك الديني في أفق أوسع من اجتهادات سابقة أم إنه افتئات ورجم بسقيم العلل؟
    6- ألمح عند بعض الأطراف إشكاليات نفسية عاطفية أكثر منها علمية أو عقلية طفت على سطح الحوار مبكراً مثل الشكوى من الإقصاء والدعوة إلى التسامح وكأنه استجداء (للتراحم الثقافي) المطلوب على الحقيقة. والذي يبديه البعض من رموز الصحوة كأولوية في هذه المرحلة ويلقى احتفاءً من كثير من الأطراف فلعله شيء من الصلح الذي هو علامة الحياة خلافاً لدعوى الموت والاحتضار، إن النجاة من (الارتهان الفكري) أمر تتقنه الصحوة الإسلامية وهذا سر بقائها وحيويتها.



    الدكتور طارق علي العرادي - تبوك
    أنصر نبيك
    .
    الإثنين 27محرم 1429هـ
    .


    تعليق

    • موسى بن ربيع البلوي
      رئيس مجلس الإدارة

      • 24 - 10 - 2001
      • 23140

      #3


      عقبات في طريق المثقف

      سعود البلوي

      يختلف مفهوم (المثقف) عند عامة الناس باختلاف النظرة إليه، فالبعض ينظر إلى المثقف نظرة سطحية على اعتبار أنه المتعلم الحاصل على شهادة عليا ويعرفه البعض بأنه المبدع في مجال الأدب أو الفن.
      بينما هناك من يرى أن المثقف هو من صفوة متعلمة ذات فعالية على المستوى الاجتماعي تمتلك الرؤية النقدية للمجتمع.
      وعلى الرغم من أهمية العلم والمعرفة في تكوين المثقف إلا أنهما غير كافيين ليكون الفرد مثقفاً وذلك أن مصطلح (المثقفين) يشار به إلى فئة معينة من المجتمع تمثل النخبة (الصفوة) التي تعمل على رفعة المجتمع والرقي بثقافته.
      والمثقف هو المحرك الرئيسي (للثقافة) إذ ينقلها من طور الجمود والسكون إلى طور الحركة والتحول والتفاعل.
      يقول المفكر الإيطالي الشهير (أنطونيو غرامشي): إن المثقف العضوي الحقيقي هو الذي يشارك بنشاط في المجتمع من أجل التغيير نحو الأفضل اعتماداً على القراءة الموضوعية للواقع، وتحكيم الضمير في المواقف التي يجب عليه اتخاذها شجاعاً في إعلان هذه المواقف والدفاع عنها وتحمل تبعاتها.
      وعن الفرق بين المثقف وغيره يقول (غرامشي): يخيل إلي أن الخطأ الأكثر شيوعاً هو أن معيار التمييز ذاك قد جرى البحث عنه في باطن النشاطات الفكرية، لا في منظومة العلاقات التي تبحث فيها هذه النشاطات، وبالتالي الفئة التي يجسدها (المثقفون) وقد صارت في المجمع العام للعلاقات الاجتماعية).
      ويرجع (غرامشي) العناصر المكونة لمفهوم المثقف إلى نقطتين رئيستين.
      1 إن المثقف لا يعرف من باب التفريق بين عمل ذهني وآخر عضلي بل من منطلق المكانة الوظيفية التي يقوم داخل البنية الاجتماعية.
      2 إن كل طبقة اجتماعية قد تفرز شرائح من المثقفين يمثلونها ويرتبطون بها عضوياً، أي بعبارة أخرى أن لكل طبقة اجتماعية مثقفيها الذين يرتبطون بها عضوياً وينشرون وعيها وتصورها عن العالم.
      ويشير المفكر الفلسطيني الراحل (إدوارد سعيد) إلى أن المثقف هو (من وهب ملكة عقلية لتوضيح رسالة أو وجهة نظر أو موقف أو فلسفة أو رأي..) ويمكننا القول: إن (المثقف) هو من اختار السعي للتنوير واجتهد في سبيل نشر الوعي والرقي الفكري للمجتمع إلى مستوى يكفل له حياة أفضل.
      وقد كان الفلاسفة في الماضي يقومون بالدور نفسه الذي يفترض أن يقوم به المثقف حديثاً، لوجود صفة ملازمة لكليهما وهي (روح الدهشة والتأمل والتفكير) إذ استخدمت لفظة المثقف فيما بعد للدلالة فقط على من يقوم بهذا الدور المهم.
      وفي أوروبا ترسخ دور المثقف
      بدءًا من عصر (التنوير) ثم تعزز بالثورة الفرنسية (وهنا نلاحظ علاقة المثقف بالتمرد) إلا أن هذا الدور انحسر كثيراً في العصر الحديث، حيث تقوم مؤسسات (المجتمع المدني) بالدور نفسه الذي كان يقوم به المثقف، وذلك نتيجة الديموقراطية والتطور الفكري الاجتماعي.
      وفي عالمنا العربي بقي دور المثقف مقيداً ومحدوداً، فأصبح العبء كبيراً على كاهله للنهوض والخروج من دائرة التخلف والتمزق الثقافي.
      ورغم المسؤولية وجسامة هذا الدور الذي يحاول مثقفونا العرب القيام به على قدر الاستطاعة والاستعدادات المتاحة إلا أن هناك (عقبات) كبيرة تقف في طريق المثقف من شأنها وأد محاولات النهضة الثقافية أو تأخيرها على أقل تقدير.
      إذ رغم الحاجة الماسة للمثقفين العضويين (القلائل في عالمنا العربي) ليمارسوا هذا الدور فيسهمون به في نهضة الثقافة العربية التي ما زالت تعيش أزمتها الثقافية إلا النتاج الفكري للمثقف العربي يصطدم بأولى العقبات وأعتاها، وهي المجتمع نفسه (عامة الناس) الغارق في الجهل والتخلف، الذي لا يقدر الدور الذي يقوم به المثقف، إذ يرى كثيرون من أفراد المجتمع أن ما يقوم به المثقف إنما هو من قبيل الأعمال الترفيهية والكماليات غير الضرورية التي لا فائدة منها، وهنا تنعدم ثقة المجتمع بالمثقف، فتتحطم السفينة قبل أن تبحر!
      وبانعدام الثقة هذه تتدخل بعض (الفئات) من المجتمع لتكريس هذا المفهوم! فتعمد إلى تشويه صورة المثقف، بتصويره بأنه (خطر داخلي) أخطر بكثير مما يحيط بالمجتمع من أخطار خارجية!
      وبذلك تعمل هذه الفئات على تأليب الرأي العام أو السلطة السياسية ضد المثقف، إما لأسباب نفعية بحتة تتعلق بمصالح تلك الفئات التي قد تخسر (دوراً ما) في المجتمع حين تصل أفكار المثقف الحقيقي إلى أكبر شريحة من الناس. وإما أن يكون ذلك بسبب تصورات خاطئة غير منطقية تتصورها تلك الفئات بدافع (الخوف) غير المبرر على التراث والتقاليد والإرث الثقافي، فتعمل على قمع المثقف بأشكال عدة، باسم الوطنية تارة، وباسم الدين أو العروبة تارة أخرى، للوقوف بين المثقف والمجتمع، ومنع النتاج الفكري للمثقف ومحاولة إلغائه ومصادرته بشتى الطرق!
      ورغم هذه الأزمات التي تعيشها الأمة إلا أن المثقف الحقيقي يعمل بجد مؤمناً بقيمه ورؤاه دون أن يدب في نفسه الضعف، لوجود قناعة بعيدة المدى لديه تتمثل بحتمية الانتصار في الصراع مع (الجهل) الذي يطوق الشعوب العربية التي لا تثمن كثيرًا دور المثقف في محاولة فك تلك الأغلال الضاربة في عمقنا الثقافي العربي.
      ومن العقبات التي تقف في طريق المثقف أيضاً فقدان المثقف حرية التعبير وبذلك تنعدم البيئة الحافزة على التفكير والإبداع والتفاعل، فيضطر بعض المثقفين للجوء إلى (الهجرة الزمانية أو المكانية) إما طلباً للحرية والبيئة المناسبة للعمل الفكري الإبداعي أو ممارسة العزلة عن المجتمع بسبب رفض المجتمع لهم وإقصائهم وإلغائهم بشكل مستمر، وهذا بمثابة الموت البطيء للمثقف، لأنه تكريس لحالة الاغتراب والإقصاء والتهميش التي يعيشها المثقف العربي اليوم.
      ويجد المثقف العربي اليوم نفسه أمام معضلات كبيرة تشعره بالقزامة أمام جسامة الدور الذي عليه القيام به كفرد في المجتمع، ليجد البعض أنفسهم مجبرين على الانتحاء بشكل أو بآخر، وبالتالي تكون الفرصة سانحة والبيئة خصبة لظهور (أشباه المثقفين) على الساحة الثقافية التي احتل الإعلام جزءًا كبيراً منها، فطغى أشباه المثقفين ليضاعفوا دورهم في تظليل وخداع المجتمع، لتتشكل في أذهان الناس صورة نمطية مشوهة عن المثقف وبالتالي أصبح الخلط كبيراً بين المثقفين العضويين الحقيقيين، و(أشباه المثقفين) الذين هم في الحقيقة ليسوا سوى عملة مزيفة تأخذ شكل العملة الحقيقية لكنها تختلف عنها في القيمة ونوعية التأثير!
      وعلى الرغم مما تسببه شريحة (أشباه المثقفين) من تأثير سلبي في الثقافة العربية لا سيما بالظهور الإعلامي المكثف لمناقشة موضوعات حساسة بطريقة التبسيط والتسطيح والنظرة القاصرة، إلا أن المثقف الحقيقي يكون دائماً على قدر حضوره (إن قدر له الحضور) إذ يتمتع بالموضوعية والحوار والنقد بعيداً عن شتى الحسابات الضيقة والمصالح الذاتية.
      وفي ثقافتنا العربية المعاصرة نماذج مشرقة تعمل على رأب الصدع وردم الهوة في ثقافة الأمة، وأعني بهم المثقفون الحقيقيون أمثال: محمد عابد الجابري، محمد آركون، برهان غليون، عبدالله الغذامي.. وغيرهم.


      Sunday 8th July,2012 - صحف السعودية - صحيفة الجزيرة - الأحد 18 شعبان 1433


      أنصر نبيك
      .
      الإثنين 27محرم 1429هـ
      .


      تعليق

      • موسى بن ربيع البلوي
        رئيس مجلس الإدارة

        • 24 - 10 - 2001
        • 23140

        #4


        الأمير سلمان والعدالة التي نتمناها

        محمد علي الهرفي*
        الأمير سلمان كما هو معروفٌ عنه، قريب من الصحافة والصحفيين، وهو - كما يقول عن نفسه - قريب من كل المواطنين، والمواهب يوزعها الله على عباده كيفما يشاء.
        قرب سموه من الصحفيين جعله يرعى حفل صحيفة "الرياض" الذي أقيم يوم الاثنين 17 ربيع الآخر 1427هـ، وهذا الحفل من العادات الحميدة التي دأبت صحيفة الرياض على القيام بها كل عام لتكريم المتميزين في المجالات الصحفية والأدبية والرياضية. وصحيفة "الرياض" بالمناسبة تميزت ببعض الأعمال الحسنة التي تخرج في طابعها العام عن تخصصها الصحفي المباشر إلى المشاركات العامة في قضايا المجتمع وتحقيق أهدافه الطيبة.
        سمو الأمير سلمان في كلمته التي ألقاها بهذه المناسبة تطرق إلى قضايا متعددة وكلها قضايا مهمة تستحق الوقوف عندها وتناولها بالتفصيل، ولكنّ ظرف المقال يجعلني أتناولها بحسب ما تسمح به المساحة المعطاة لي.
        قال سموه: "إنه يحرص على تشجيع المحسن، كما أنه في الوقت نفسه يحرص على توجيه اللوم للمسيء.. والإساءة هنا - بحسب وصف الأمير - لا تكون بسوء نية، إذ إن الكاتب - أي كاتب - لا يتعمد الإساءة حتى وإن وقع فيها أحياناً، فقد تكون اجتهاداً في غير محله".
        المهم هنا الحديث عن مبدأ العدالة في حالتي الاحسان والإساءة، وكيف يجب أن يكون التوازن بينهما دقيقاً؟ فالمحسن يحب أن يسمع كلمة تشجيع ليس من المسؤول فقط، بل من مجتمعه الذي يعيش فيه ويكتب له، ويحرص على النهوض به، لكن كلمة المسؤول لها وزن خاص، بالنسبة له، لاسيما إذا كان هذا المسؤول مثل الأمير سلمان.
        والمسيء هو الآخر - خاصة إذا كانت الإساءة بحسن نية - من مصلحته أن يسمع كلمة توجيه تبعده عن الاستمرار في هذه الإساءة أو سواها.. والمجتمع كله من مسؤوليته ممارسة هذا الدور وباستمرار.
        وتحضرني بهذه المناسبة قصة سمعتها قبل أيام من أحد شيوخ آل خليفة في البحرين وملخصها أن أحد خطباء الجمعة احتاج إلى مساعدة من أحد كبار المسؤولين في الدولة، فلم يستطع الوصول إليه، فأرسل له رسالة، فلم يوصلها الحجاب إليه، فما كان منه إلا أن انتقد هذا المسؤول وبشدة في خطبته يوم الجمعة.. قال لي الشيخ: أُحضر هذا الخطيب في اليوم نفسه عند ذاك المسؤول، فسأله: لماذا كل هذا النقد وبهذه الحدة؟ قال الخطيب: لقد كنت أدعو لك طيلة 10 سنوات فهل وصلك شيء من هذا؟ قال: لا.. قال: كتبت لك رسالة فهل وصلتك. قال: لا. قال: لقد انتقدتك لأصل إليك، لأنني أدركت أن هذه هي الطريقة المثلى، لقد عرفت أن الذين حولك لا يوصلون لك إلا الأخبار السيئة. أما الحسنة فيخفونها عليك.. وقد قضى الشيخ حاجة الرجل، لأنه عرف فيه حُسن النية.
        وبكلمات قليلة - لكنها كثيرة المعنى - تحدث الأمير عن مسألة أخرى في غاية الأهمية وهي الدعوة لتقبل النقد وعدم التبرم بهذا النقد.. وقال سموه - وهو يتحدث عن هذه النقطة - إن المسؤول يستفيد من هذا النقد في حالة صحته، أو حتى في حالة عدم صحته. ففي الحالة الأولى يعمل على تصحيح الأخطاء التي وقع فيها، وفي الحالة الثانية يعمل على توضيح الأمور للناس، لأن الناقد في هذه الحالة ربما التبس عليه أمر أو سمع شيئاً من غير ثقة، فاعتمد على هذا السماع فأخطأ فيه.
        لعلّ سموه يتحدث هنا عن حرية التعبير، وعن هامش هذه الحرية، وعن فوائدها بالنسبة للمجتمع عامة.
        النقد - كما يقول أصحابه من أهل اللغة - هو إظهار المحاسن والمساوئ، والناس - بكل أسف - لا يعرفون إلا الجانب السلبي من النقد، لكن النقد على أية حال إذا كان من المخلصين كانت له إيجابيات كثيرة، فهو طريق جيد للقضاء على الفساد بكل أشكاله أو التقليل منه على أقل تقدير وهو كذلك - وهذا ما ذكره الأمير - مفيد للمسؤول المنقود، فإذا رأى أن ما ذكرته الصحافة عن دائرته صحيح عمل على إزالته وحصل بهذه الازالة منفعة لكل المستفيدين من هذه الدائرة، وإن كان ما ذكر غير صحيح، فإن تصحيح الرؤية، أمر مهم أيضاً.
        عدم التبرم بالنقد، أمر مهم أيضاً - من كل الأطراف - فالناقد عليه أن يتقبل النقد أيضاً.. وباختصار، فإن النقد الحسن يصب في مصلحة المجتمع كله.
        أقول: ليت كل المسؤولين يتمتعون بمثل هذه الرؤية، وليتهم يتجاوبون مع ما يكتب عنهم.. وأقول أيضاً: ليت كل الكتاب يتمتعون بالحيادية والنزاهة والدقة فيما يكتبون.
        كلمة جميلة أخرى أشار إليها الأمير سلمان، وهي دعوته كل المؤسسات الصحفية لكي تكرم المتميزين.. هذه الدعوة - إن تحققت - فسوف تساعد على تنمية روح المنافسة الشريفة بين كل العاملين في المجال الصحفي، وسوف تشعر - أيضاً - المتميزين بأنهم محل تقدير من مؤسستهم ومن مجتمعهم.. ولو أن كل دوائر الدولة تقوم بهذه المهمة لتحسن أداؤها خاصة إذا تم اختيار المتميزين بدقة ونزاهة.
        العدالة التي يقوم عليها أي مجتمع سليم هي العدالة التي تتحقق لكل الأفراد وبنفس القدر، وعندما يتحدث سمو الأمير سلمان عن معاني العدالة ومجالاتها المتعددة وأثرها في المجتمع، فإنه بدون شك يدرك عمق هذا المعنى، وأهميته لمجتمعه بكل فئاته.
        ليت كل فرد فينا يحقق العدالة في سلوكه مع كل الناس، وليت كل مسؤول في بلادنا يحقق العدالة في موقعه، إذاً عندها نوجد مجتمعا قوياً متماسكاً مثلما تمناه الأمير سلمان وفقه الله.




        أنصر نبيك
        .
        الإثنين 27محرم 1429هـ
        .


        تعليق

        • عاصفة الشمال
          كاتبة مميزة

          • 15 - 1 - 2006
          • 6538

          #5

          رائـــــــــــــــــــــع أخي / موسى البلوي .. طرحٌ يبعث على الفرح والإنبساط


          كم نفتخـــــــــــــر كثيراً عندما نجد كتّاب من ابناء قبيلتنا


          يشـــــــــــــاركون الصحف بهذه المقالات الأكثر من رائعة


          ويدلون بدلوهم في همـــــــــوم الوطن والمواطـــــــــــــن ..



          نسأل الله أن يزيدهم... ويثبتهم على طريق الحق والصواب ومافيه خيرٌ للجميع




          وولن اتأخر بعرض مقالات لهم لو توفر لدي ذلك


          وحتى ذلك الحين أحببت فقط أن أشكــــــــــركم على هذا المجهود



          مع خالص تقديري .




          إنْ تَلَبَّسَ قَلَمِيْ فِيْ يَوْمٍ مَاْ رِدَاْء الأَنَاْنِيْةِ 00
          سَأَكْسُرُه00
          ( العَاصِفْة )

          تعليق

          • موسى بن ربيع البلوي
            رئيس مجلس الإدارة

            • 24 - 10 - 2001
            • 23140

            #6


            الخطاب الديني والخطاب الثقافي... القيادة لمن؟

            تعاني الساحة المعاصرة من فوضى في الخطاب لا تكاد تخطئها عين ذي بصيرة وتبرز هذه الفوضى في الأزمات التي تمر بها المجتمعات الإسلامية ولنبدأ في تحرير القضية بإلغاء نظرة على عهده صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت كان هناك خمسة أنواع من الخطاب داخل الدائرة الإسلامية.
            الأول: الخطاب الديني متمثلا في الوحي (القرآن الكريم وكلامه عليه الصلاة والسلام) وكان أبرز سمات ذلك الخطاب القدسية والمطلق أي أنه صواب مطلق وحكمة مطلقة وحكم مطلق.
            الثاني: هو الخطاب الصائب وهو ذلك الذي يأتي متوافقا مع الخطاب الديني وكان رائده عمر بن الخطاب رضي الله عنه في موافقاته المشهورة في السيرة.
            الثالث: هو الخطاب الخاطئ اجتهادا ويمثله آحاد الصحابة رضي الله عنهم في أطروحاتهم وآرائهم التي كان يصححها الوحي.
            الرابع: الخطاب المنافق بريادة عبدالله بن أبي سلول ولهذا الخطاب سمات عامة تحتاج إلى مزيد من الإيضاح ولعله يكون في مقال لا حق.
            الخامس: هو الخطاب المبتدع ويمثله نواة الخوارج في القصة المعروفة (اعدل يا محمد).
            بعد هذا العرض يأتي السؤال عن طبيعة العلاقة بين الخطاب الديني وما عداه بسائر أطيافه؟ لقد كان الخطاب الديني هو المحكم وسواه وهو المتشابه الذي يعود إليه فيمارس الديني معه الموافقة أو التصحيح أو الرفض.
            لننقل هذه الصورة بملامحها العامة إلى واقعنا المعاصر ونطرح هذه التساؤلات.
            من الذي يجب عليه تمثيل الخطاب الديني؟
            هل للخطاب الديني المعاصر الحق في ممارسة حقه المشروع - الإقصاء - مثلا للخطاب المنافق؟؟ هل يحق للخطاب الثقافي ندية الخطاب الديني على اختلاف المرجعية الفكرية؟
            هل تقنين العلاقة وأد للإبداع أم ضبط للفكر؟
            ماذا لو قال قائل: إن الرسول عليه الصلاة والسلام وهو قائد للدولة الإسلامية كان يجمع بين الخطاب الديني والخطاب السياسي؟
            ماذا لو لم يحدث التآخي بين الديني والسياسي كما في كثير من الدول الإسلامية؟
            هل نحن في اتجاه الضبط للواقع الديني - الثقافي بغية ترشيد الفكر أم نحن في منحدر الفوضى؟
            هل سيأتي يوم يقال لنا فيه إذ كان الحلال رأياً فإن الحرام رأي آخر؟



            الدكتور طارق علي العرادي - تبوك

            أنصر نبيك
            .
            الإثنين 27محرم 1429هـ
            .


            تعليق

            • موسى بن ربيع البلوي
              رئيس مجلس الإدارة

              • 24 - 10 - 2001
              • 23140

              #7


              عندما يبكي شارون ويضحك الفلسطينيون

              محمد علي الهرفي

              بعد أن اجتمع رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون مع رئيسه "موشي كتساف" عقد مؤتمراً صحفياً قال فيه والألم يمزق قلبه: "إنه بكى حين رأى صوراً للمستوطنين وهم يبكون أثناء إجبارهم على الخروج من منازلهم". وقال: "إن هذه المشاهد تقطع القلب" أعرف - كما يعرف غيري - أن شارون يحمل عواطف رقيقة ومشاعر جياشة وأنه يتأثر سريعاً من المواقف والمشاهد المحزنة التي يراها.
              هذه المعرفة تدفعني للاعتقاد أنه بكى بحرقة عندما كان يرى منازل الفلسطينيين تهدم فوق رؤوسهم بآلياته أحيانا وبطائراته أحياناً أخرى، وبطبيعة الحال كان يبكي أكثر وأكثر حينما يرى الأشلاء الفلسطينية - رجالاً وأطفالاً ونساءً - وهم يموتون ويتمزقون عندما تصيبهم قنابله المحرقة بين وقت وآخر، أما المجازر الجماعية التي كان يشرف عليها بنفسه سواء في فلسطين أو لبنان ويموت فيها آلاف الضحايا فهي - بدون شك - كانت تبعث في نفسه الألم والحسرة وكانت دموعه لا تتوقف حزنا على ما يراه من المصائب التي تحل بالفلسطينيين في كل مكان.. مسكين هذا الـ"شارون" فكم أتعبته عواطفه الرقيقه وأرهقته كثيراً فهو معروف بأنه "أبوالاستيطان" ومن أكثر الداعين إليه والمحرضين عليه، فكيف طاوعه قلبه على إخراج بضعة آلاف من قطعانه من بيوتهم التي أخذها قهراً من أصحابها وأتى بأناس من هنا وهناك ليجعلهم يحتلون أرض غيرهم ويطردون سكانها الأصليين؟ هؤلاء اليهود - الغزاة - خرجوا من بيوتهم التي سرقوها إلى بيوت أفضل منها وتحت إغراءات كثيرة ولأهداف سياسية مشبوهة وفي أرض - أخرى - مسروقة ومع هذا كله لم يتمالك "شارون" من البكاء وهو يراهم يخرجون بهذه الطريقة التي لا تليق بهم!!
              شارون قرر منفرداً الخروج من غزة، لم يستشر الفلسطينيين في هذا القرار - شركاءه في صنع السلام - هكذا يقولون، ولكن يبدو أن شارون يعرف متى يكون شريكاً ومتى يفسخ هذه الشراكة فلكل حالة لبوسها. المطالب "الشارونية" لقاء هذا الانسحاب - الهزيل - بدأت قبل الانسحاب وبدأ الإلحاح عليها بشدة هذه الأيام- أثناء الانسحاب -. ويبدو أن أصحابه - الأمريكان - كعادتهم يقفون وراءه في طلباته وآماله التي انسحب من أجل تحقيقها.. شارون يريد من القيادة الفلسطينية أن تقوم بنزع أسلحة "الإرهابيين" - على حد قوله - وتفكيك أي قوة يعتمدون عليها وهذا شرطه لمواصلة الحوار مع القيادة الفلسطينية - ذلك الحوار الذي قال إنه لن يجدي شيئاً، فهو - على حد قوله - سيوسع الاستيطان في الضفة وحول القدس وسيستقدم - قطعانا - من هنا وهناك ولن يتزحزح من القدس ومع هذا كله فهو يشترط نزع أسلحة "المقاومة" المشروعة - كما نعتقد -). شارون يفترض أنه سيحقق مكاسب هائلة من فعلته وهو محق في هذا الافتراض إن استجابت له السلطة الفلسطينية، فإن تم نزع أسلحة المقاومة فإن القضاء على الفلسطينيين سيصبح سهلاً ميسوراً، كما أن استعادة تلك المستعمرات سيكون سهلاً كذلك. وإن رفضت الفصائل الفلسطينية نزع أسلحتها وأصرت السلطة على ذلك - وأرجو ألا تفعل - فإن الافتراض الآخر عند "شارون" أن يحصل اقتتال داخلي بين الفلسطينيين يحقق له ما يريد دون أن يخسر أي شيء.. أمر آخر جعل "شارون" يتخذ قراره منفرداً وهو معرفته أن مستعمراته في وسط غزة تكلفه كثيراً وسيعجز عن حمايتها. سكان "المستعمرات" وليست "مستوطنات" عددهم 8500 تقريباً يعيشون وسط مليون فلسطيني فكيف يستطيع هؤلاء حماية أنفسهم من هذا العدد الهائل الذي يحمل لهم الكره الذي لا حدود له؟ كانت مصالح "شارون" أن يخرج فهو لن يخسر شيئاً له قيمة وقد يحقق أشياء كثيرة يتمناها والبركة في - أمريكا - التي تدفع له مليارات الدولارات يبني ويهدم كما يشاء..
              هدايا "شارون" لأحبته الفلسطينيين لم تتوقف ولن تتوقف فكيف يخرج من هذه المستوطنات دون أن يقدم لهم شيئاً؟ أربعة قتلى فقط وعدد من الجرحى كانت هدية واحد من "القطعان" قبل خروجه من مستعمرته. وقبله هناك أربعة من القتلى بين "عرب إسرائيل" هذا كله وقبله أكثر منه بكثير قبل نزع أسلحة المقاومة فكيف سيكون الحال بعد افتراض نزعها
              القيادة الفلسطينية وعموم الشعب الفلسطيني كانوا سعداء بهذا الانسحاب، وعبروا عن فرحهم بطرق متعددة، وسمعنا تصريحات كثيرة من قادة المقاومة وقادة فتح وكلها تبشر بهذا الانتصار وتراه بداية لانتصارات أخرى قادمة. أستطيع تفهم هذا الفرح فلأول مرة تنسحب إسرائيل من أرض فلسطينية، وقد يكون هذا الانسحاب مؤشراً على أن المشروع الصهيوني يمكن إيقافه؛ هذا المشروع الذي يرى أن فلسطين كلها لليهود بالإضافة إلى مساحات أخرى من دول عربية مجاورة.. أستطيع تفهم فرح بعض الفلسطينيين الذين سيعودون إلى أرضهم بعد طول غياب ولكنني مع هذا كله شديد الخوف من أن يتحول هذا كله إلى أوهام إن لم يتفهم الفلسطينيون كلهم أهمية المرحلة وخطورتها.. الإسرائيليون ما زالوا يتحكمون في غزة وحتى بعد الانسحاب الهزيل الذي حصل؛ هم سادة السماء، والمعابر والبحر فهل يستطيع الفلسطينيون التخلص من هذا كله؟ هل يستطيعون الانتصار على بعض خلافاتهم حتى لا تتفاقم وتتحقق بالتالي الأهداف الشارونية من الانسحاب؟ هل تستطيع القيادة الفلسطينية التخلص من ضغوط الأمريكان والصهاينة فلا تنظر إلى المقاومة على أنها "إرهاب"؟ هل تدرك القيادة أن نزع أسلحة المقاومة خطر يتهدد وجود كل فلسطيني؟ هل بإمكان السلطة حماية الفلسطينية من القتل الإسرائيلي المستمر؟ هذه الأسئلة وسواها يجب أن تفكر فيها القيادة الفلسطينية قبل الحديث عن نزع أسلحة المقاومة بكل فصائلها. وإذا كانت إسرائيل "المحتلة" بكل قوتها تسمح لقطعانها بحمل الأسلحة وقتل الفلسطينيين - كما حصل مؤخراً وكما يحصل دائما - فلماذا لا تسمح السلطة لكل مقاوم شريف بحمل سلاحه الذي يدافع به عن نفسه؟
              هل تتوقع السلطة أن شارون سيوقف مجازره؟ بل هو تتوقع منه معاقبة القتلة اليهود؟ إنه يصنع لهم التماثيل ويسميهم "قديسين" وفي أسوأ الحالات يصفهم بأنهم مصابون بخلل عقلي ومن ثم لا تجوز محاكمتهم أما الفلسطيني فعندما يدافع عن أرضه ويقتل يهوداً فإن عقابه السجن لعشرات السنين، هذا إذا لم يمت تحت التعذيب.. شارون كما يبدو وكما صرح بعض أفراد عصابته قالوا إنهم يأملون أن يسارع العرب في تطبيع علاقاتهم باليهود بعد هذا الانسحاب. شخصيا سمعنا أن بعض قادة العرب وتجار العرب تحدثوا عن مسألة التطبيع - طبقاً هناك مطبعون سابقون - هؤلاء - أحسبهم - يبحثون عن أمجاد وهمية ومصالح لن تتحقق فالحكاية المعروفة - منذ القدم - أن الذي يخون وطنه لا يثق به أحد حتى ذلك الذي خان وطنه ومن أجله.. وأرجو أن يتفهم كل قائد عربي أو مسلم وكل فرد عربي أو مسلم هذه الحقيقة. اليهود لم يصنعوا شيئاً وقالوا: إنهم لن يصنعوا شيئاً وأكدوا أن القدس لهم وهاهم يهددون بهدم الأقصى ومناهجهم التعليمية ما زالت تقول: إن هناك أراضي عربية يجب أن تعود لهم فكيف - بعد كل هذا - نمد لهم أيدينا ونفتح لهم بلادنا بدون أي مقابل؟
              أخيراً سألني صديق: لماذا تهدم الحكومة منازل المستعمرين؟ لماذا يحرق بعضهم منزله قبل تركه؟ لماذا لا يتركونها كما هي؟. قلت له: هؤلاء هم اليهود يضرون ولا ينفعون ولو اطلعت على أصولهم العقائدية لعرفت سر أفعالهم وأسأل الله أن ييسر لكل قائد مسلم أن يعرفها؟

              أنصر نبيك
              .
              الإثنين 27محرم 1429هـ
              .


              تعليق

              • موسى بن ربيع البلوي
                رئيس مجلس الإدارة

                • 24 - 10 - 2001
                • 23140

                #8


                الخطاب الثقافي الحالي يتكئ على المصطلح ويعتمد على مبادرات الغير
                عند تأمل ملامح الخطاب الذي يقوده المثقفون والكتاب تجده يتمتع بنفس طريقة التفكير مما يدعو البعض للحكم عليه بالتآمر، ودون الخوض في تصنيفه وخلفياته الفكرية نجد أن أبرز سماته:
                1- عند اقتراب هذا الخطاب من الدين فإنه يشير إلى "إجلال" الدين وعلى جاذبية هذه الكلمة فإنك حين استدعاء كلمة "اتباع" الدين فقد يبدو للعملة وجه آخر وتكمن الإشكالية في أن تكون "إجلال" مرادفة لـ"تحييد" مما يفضي إلى إشكالية أكبر وهي غياب مرجعية التحاكم عند الاختلاف، وإذ يرى بعض أصحاب هذا الخطاب أن مصطلح "الخطاب الديني" ما هو إلا مشارك نشط في فعالية ثقافية فأين نذهب بعلماء الشريعة الذين أناط الله بوجودهم حفظ الدين والعلم؟
                2- الاتكاء على المصطلحات والانطلاق منها للمعالجة: فكلمة "التنوير" مثلا أصبحت منافسا قويا لكلمة "إقصاء" بل قبلة ولى المثقفون وجوههم شطرها... إلا أن هذا التعلق بمصطلح كهذا يأتي مغلوطا ومتناقضا. فبعض الأكاديميين استخدمها مرادفة " للترفيه" خاصة في الويك إند!، والبعض الآخر قام بتلميع "الرموز الأولى" لمنهجه وفكره في مصادرة لهذا المصطلح واختزال التاريخ كله في تاريخ شخص لا يتجاوز عمر شاب لم يتوظف بعد! ومما يصب في ردة فعل غير واقعية استخدام هذا المصطلح مقابلا لسلوك الفئة الباغية علما أن ثقافة البغي لا يقابلها ثقافة التنوير إلا في أجندة هذا الخطاب.
                3- يرتكز شكل المجتمع عند هذا الخطاب على أمرين "العمل" و"الترفيه" مع إغفال الإطار القيمي والأخلاقي للمجتمع وعدم الانطلاق من الإنسان - كينونة - فهذه كاتبة تقول "المهم أن تعمل المرأة بعد ذلك أنطلق كيف شئت في حل مشاكلها".
                4- أصحاب هذا الطرح يكرهون "لا" ويحبون "نعم" يبغضون "ممنوع" ويعشقون "مسموح"... إن قلت هذا حرام فتبا لك من صانع لبيئة الإرهاب أو قلت هذا حلال فيالك من متسامح معترف بالآخر... احتفالية الأطراف هذه حضرها الجميع وغاب عنها التوازن والوسط.
                5- منهجة المستقبل انطلاقا من الأحداث:
                لهذه السمة ارتباط وثيق بالسمة الأولى فإن غياب المرجعية المنهجية يوقع هؤلاء في هذا المأزق. علما أن الأحداث الاستثنائية ترتب الأولويات ولا تضع منهجا جديدا فهل نحن أمة بلا منهج؟.
                بتحليل العناصر أعلاه نجد أن هذا الخطاب في بعض صوره ينطلق من (ردة فعل) لأقوام كانوا في بيات ثقافي وفي صورة أخرى فإنها "انتهازية ثقافية" لخطاب مسترخ غير مبادر يقتات على مبادرات الآخرين وإنجازاتهم كما أن صورة الإسقاط لا تغيب عن مفردات هذا الخطاب فالمهم وضع نموذج وتغييب آخر، بعد ذلك على مالطا السلام... إن مثل هذا الخطاب إن أصبح تيارا فإنه سيفوت على بلادنا فرصة ذهبية لتكوين نموذج إسلامي فريد من حيث الأصالة والمعاصرة وستصبح الحالة الثقافية "أنداد أضداد" ليفاجأ الجميع بشروق الشمس من مكان آخر.


                الدكتور طارق علي العرادي - تبوك
                أنصر نبيك
                .
                الإثنين 27محرم 1429هـ
                .


                تعليق

                • موسى بن ربيع البلوي
                  رئيس مجلس الإدارة

                  • 24 - 10 - 2001
                  • 23140

                  #9


                  د. محمد علي الهرفي
                  أدب الطفل في التأريخ العربي والإسلامي

                  في الجاهلية: لم تمنع حياة البداوة والتقشف التي عاشها العرب قبل الإسلام أن يسهموا بقسط وافر في أدب الأطفال، وذلك أن الاهتمام بهذا الأدب يمتزج مع غريزة البنوة التي فطر عليها الإنسان، وهذا الاهتمام يتم في سياق التوجهات والغايات التي يراد تنشئة الطفل عليها.
                  ففي حياة العرب قبل الإسلام مقاصد اختلفت عن تلك التي جاء بها الإسلام في تربية النشء على العصبية، وتدعيم أركان القبيلة، والمفاخرة بالأحساب والأنساب، ومن هنا كان الحرص على تقويم اللسان وتنمية الفروسية، وغرس قيم البطولة، ونصرة الجار وابن العم .. ويشهد التاريخ لهذا الأدب بكذب ادعاء كثير من المستشرقين من أمثال ((رينان)) الفرنسي حين يقول: ((لا مكان لبلاد العرب في تاريخ العالم السياسي والثقافي والديني قبل ذلك الانقلاب المفاجئ الخارق للعادة الذي صار به العرب أمة فاتحة مبدعة، ولم يكن لجزيرة العرب شأن في القرون الأولى من الميلاد حين كانت غارقة في دياجير ما قبل التاريخ، ولم يظهر بأسها وبسالتها إلا بعد القرن السادس من الميلاد)) .. ومما يجدر ذكره في الرد على مثل هذه الآراء ذلك الانتقاد الذي وجهه كبار المستشرقين وعلى رأسهم ((جوستاف لوبون)) الذي رأى أن حضارة العرب بعد الإسلام، هي وليدة التطور البطيء، وثمرة حضارية لماض طويل لا ننكره لجهلنا به لعدة أسباب منها: طول العهد به، ونظرة المسلمين لهذا التاريخ بعد الإسلام وتبديل الإسلام لكثير من قيم الجاهلية حتى تواكب حضارة الإنسان المسلم الجديدة .. بالإضافة إلى هذه الأسباب ما ذكره (سعيد إسماعيل) في قوله: ((إننا لسنا هنا أمام حدث بشري يصح عليه قانون النمو البطيء للحضارات، وإنما أمام حدث إلهي يختلف كلية عما كان قائماً .. والصحيح أن نقول: إن تلك الحضارة التي أبدعها العرب إذا كانت قد اعتمدت على الإسلام في روحها واتجاهاتها فهي تعني قدرة العرب على الإبداع والابتكار، وقابليتهم لحمل لواء التمدن والتطور)) .. وينبغي أن نشير إلى الخطأ الذي وقع فيه العرب بعد الإسلام ويتمثل ذلك في عدم تدوينهم للآداب والأشعار، وإهمالهم لتسجيل الحوادث، وهذا الخطأ نابع من فهمهم لعدم التدوين إلى ما سمعوه من الأحاديث التي نهت عن عدم الكتابة لغير القرآن الكريم، كما روى مسلم في صحيحه: ((لا تكتبوا عني غير القرآن، ومَن كتب عني غير القرآن فليمحه)) ولعل هذا الفهم الخاطئ للأحاديث الناهية عن تدوين القصص إلى جانب الآيات القرآنية في عهدهم الأول كان مصدره خشية رسول الله من اختلاط الأمر على المسلمين فيجعلون ما ليس من القرآن قرآناً.
                  ـ أدب الأطفال في الشعر الجاهلي والإسلامي:
                  إن الذاكرة العربية احتفظت بشيء غير قليل مما ساد من الأشعار والحكم في آداب الطفولة، وترقيص الأطفال ومداعبتهم بالأغاني والأهازيج، وقد أدرك هؤلاء العرب في جاهليتهم وإسلامهم أن الأهازيج التي يداعبون بها أبناءهم تدخل الفرحة والسرور على هؤلاء الصغار، وتجعل نفوسهم أكثر صفاءً وأشد بهجة .. فنرى الواحد منهم يخاطب صغيره ويُسمعه ما يتمناه له في مستقبله، ويرسم له خطة في الحياة، على ضوء الإمكانات التي يوفرها له، وعلى ضوء المعطيات الاجتماعية التي تسمح بها أعراف المجتمع آنذاك .. من ذلك ما روته ((نُتَيلةُ النمرية)) زوجة عبدالمطلب ابن هاشم حين دفعت بابنها العباس إلى أبيه عبدالمطلب ليقول فيه شيئاً من الشعر، فأخذه وجعل يرقصه ويلاعبه ويقول:
                  ظني بعباس حبيبي إن كبر
                  أن يمنع القوم إذا ضاع الدبر
                  وينزع السجل إذا اليوم اقمطر
                  ويسبأ الزق السجيل المنفجر
                  ويفصل الخطة في اليوم المبر
                  ويكشف الكرب إذا ما الخطب هر
                  أكمل من عبد كلال وحجر
                  لو جمعا لم يبلغا منه العشر
                  أما العاص بن وائل السهمي فقد كان يتمنى لابنه عَمراً أن يسود قبيلتي جمح وسهم، وأن يكون قائداً مغواراً فاتكاً بالأعداء لا يبقى لهم باقية.
                  هذه المعاني الاجتماعية التي كانت سائدة في عصره وكانت تمثل السيادة والجبروت والرفعة عند أبناء القبيلة حاول أن يلقنها صغيره وأن يرضعه إياها وهو لا يزال في سني عمره الأولى، والأب بطبيعة الحال لا يتمنى لأولاده إلا أن يكونوا سادة في أقوامهم .. لهذا نراه يرقص ولده عمراً ويخاطبه بأمنياته قائلاً:
                  ظني بعمرو أن يفوق حلماً
                  وأن يسود جمحاً وسهما
                  وينشق الخصم الألدَّ رغما
                  وأن يقود الجيش مجراً دهما
                  يلهم أحشاء الأعادي لهما
                  أما السيدة أسماء بنت أبي بكر (رضي الله تعالى عنها) فقد كانت معجبة بابنها عبدالله بن الزبير، فكانت تصفه بأحسن الصفات وأجملها، وكانت تتمنى له مستقبلاً طيباً يتوافق مع المعطيات الرائعة التي كانت تراها فيه وهو لا يزال طفلاً صغيراً بين يديها، فهو أبيض كالحسام، يعيش في أسرة طيبة، وهي تتمنى له أن يكون في المستقبل خطيباً لا يجاريه أحد في روعة بيانه وفصاحته، كما تود أن يكون مفرجاً للكربات في ساعة الضيق .. تقول:
                  أبيض كالسيف الحسام الإبريق
                  بين الحواري وبين الصدّيق
                  ظني به ورب ظن تحقيق
                  والله أهل الفضل أهل التوفيق
                  أن يحكم الخطبة يعيي المسليق
                  ويفرج الكربة في ساعة الضيق
                  إذا نبت بالمقل الحماليق
                  والخيل تعدو زيماً برازيق
                  إن هذه الأشعار الطريفة المفرحة للأطفال أدخلت السرور على نبينا محمد عندما كان صغيراً، فقد دخل على عمله الزبير بن عبدالمطلب وهو صبي فأقعده في حجره، وبدأ يداعبه بأبيات تنم عما كان يتمناه له في مستقبل أيامه، فقد تمنى له العيش الهنيّ، كما تمنى له أن يكون معززاً مكرماً في قومه .. ولم يكن يعلم أن الله سبحانه وتعالى قد هيأ ابن أخيه محمداً ليكون نبي هذه الأمة وأعظم شخصية في تاريخ البشرية .. يقول الزبير ابن عبدالمطلب:
                  محمد بن عبدم
                  عشت بعيش أنعم
                  ودولة ومغنم
                  في فرع عز أسنم
                  دام سجيس الأزلم
                  كما أن الزبير بن عبدالمطلب فعل الشيء نفسه مع العباس بن عبدالمطلب فقد أجلسه في حجره وأخذ يداعبه ويرقصه ويقول:
                  إن أخي عباس عف دو كرم
                  فيه عن العوراء إن قيلت صمم
                  يرتاح للمجد ويوفي بالذمم
                  وينحر الكوماء في اليوم البشم
                  أكرم بأعراقك من خال وعم
                  والزبير بن عبدالمطلب لم يكن يداعب الصغار وحدهم بل كان يداعب الصغيرات، وكان يتمنى لهم مستقبلاً طيباً، فقد روى القالي في أماليه أن الزبير بن عبدالمطلب رقص ابنته أم الحكم وأسمعها أبياتاً شعرية تنم عن عاطفة الأبوة الحانية المشفقة على أبنائها، فهو معجب بابنته وجمالها، وهو يرى أن هذا الجمال سيكون مطمحاً للرجال الأكفاء، فماذا يريد بعلها أكثر مما فيها؟ يقول:
                  يا حبذا أم الحكم
                  كأنها ريم أحم
                  يا بعلها ماذا يشم
                  ساهم فيها فسهم
                  ومن الأشياء التي كان يمتدح فيها الأطفال مشابهتهم لأهلهم في الخلقة، وكلما زاد شبه الابن بأبيه كان أقرب إلى نفسه ونفس والدته .. من ذلك ما روى عن فاطمة بنت النبي إنها كانت تداعب ابنها الحسين بن علي (رضي الله تعالى عنهما) وتقول له:
                  إن بني شبه النبي
                  ليس شبيهاً بعلي
                  وكان قيس بن عاصم يود أن يكون ابنه شبيهاً لجده زيد الفوارس أو لخاله ((عمل)) وكان يتمنى أن يكون ابنه شجاعاً، فكان يداعبه ويرقصه بهذه الأبيات:
                  أشبه أبا أمك أو أشبه عمل
                  ولا تكونن كهلوف وكل
                  يصبح في مضجعه قد انجدل
                  وارق إلى الخيرات زنأً في الجبل
                  كما كان سعيد بن صعصعة يتغنى بحبه لابنه ((ميمون)) ويذكر شدة شبهه به .. فيقول:
                  أحب ميمون أشد حب
                  أعرف منه شيهي ولبي
                  ولبه أعرف منه ربي
                  وقد مثل هذا النمط من الأشعار عواطف الآباء تجاه أبنائهم، فالأبناء هم محط آمال آبائهم، وقد أودع الله تعالى عاطفة محبة الولد في قلب والده، وأشد ما تكون هذه العاطفة ظهوراً عندما يكون الولد صغيراً .. من ذلك ما قاله الزبير عن ابنه عروة .. قال:
                  أبيض من آل أبي عتيق
                  مبارك من ولد الصديق
                  ألذّه كما ألذ ريقي
                  ولم يقتصر أمر ترقيص الأطفال على صفوة القوم، فهذا أعرابي يرقص ولده معبراً عن حبه له، وتعلقه به .. فيقول:
                  أحبه حب الشحيح ماله
                  قد ذاق طعم الفقر ثم ناله
                  إذا أراد بذله بدا له
                  وهذا أعرابي يصف ابنه بطيب الروح والملمس، ويدعو الله تعالى أن يرعاه ويحرسه .. يقول:
                  يا حبذا روحه وملمسه
                  أملح شيء ظله وأكيسه
                  الله يرعاه لي ويحرسه
                  ومن الموضوعات التي أسهم فيها شعر الأطفال المفاخرة بالأبناء ومحاولة تفضيلهم على البنات، فقد روى الإبشيهي في المستطرف أنه كان الأعرابي امرأتان فولدت إحداهما جارية والأخرى غلاماً، فأرادت أم الغلام أن تفاخر ضرتها وتعيرها بأنها أنجبت بنتاً وليس غلاماً مثلها فقالت وهي تنشد لابنها:
                  الحمد لله الحميد العالي
                  أنقذني العام من الجواري
                  من كل شوهاء كشن بالي
                  لا تدفع الضيم عن العيال
                  فسمعتها ضرتها فأقبلت ترقص ابنتها قائلة:
                  وما عليّ أن تكون جاريه
                  تكنس بيتي وترد العاريه
                  تمشط رأسي وتكون الفاليه
                  وترفع الساقط من خماريه
                  حتى إذا ما بلغت ثمانيه
                  أو تسعةً من السنين وافيه
                  أزّرتها ببردة يمانيه
                  أصهار صدق ومهور غاليه
                  إن هذه المحاورة الشعرية بين الزوجين تمثل محاولة ذكية للدفاع عن الأنثى وبيان أهميتها في المجتمع المسلم، فهي تخدم والدتها من ناحية وتعلي شأن أسرتها من ناحية أخرى لا سيما إذا تزوجت من علية القوم كمروان أو معاوية، وهذا الدفاع يتفق مع القرآن والسنة حيث حث الرسول الكريم على العناية بالبنات وجعل الجنة مكافأة لمن يحسن تربيتهن.
                  ولكن بعض الأعراب ـ ومع كل هذا الحث على تربية البنات ـ كانوا يكرهون البنات، ويفضلون عليهن الأولاد، فهذا أبو حمزة الضبي يهجر زوجته لأنها ولدت بنتاً، فكان يبيت عند جيران له، ومر عليها يوماً فسمعها ترقص ابنتها وتقول:
                  ما لأبى حمزة لا يأتينا
                  يظل في البيت الذي يلينا
                  غضبان أن لا نلد البنينا
                  تالله ما ذلك في أيدينا
                  وإنما نأخذ ما أعطينا
                  ونحن كالأرض لزارعينا
                  تنبت ما قد زرعوه فينا
                  فتأثر أبو حمزة بهذه الأبيات ودخل على زوجته واسترضاها.
                  ولا شك أن هذه المقطوعات لا تمثل أدباً خالصاً للأطفال، لكنها لا تخلو من معاني تتصل بعالم الطفولة، وأكثرها قيل تعبيراً عن عاطفة أب أو أم أو قريب تربطه علاقة أو قرابة.
                  * المصدر :كتاب أدب الاطفال

                  أنصر نبيك
                  .
                  الإثنين 27محرم 1429هـ
                  .


                  تعليق

                  • موسى بن ربيع البلوي
                    رئيس مجلس الإدارة

                    • 24 - 10 - 2001
                    • 23140

                    #10



                    مزيداً من التشديد لمحاصرة الألعاب النارية الخطرة



                    أتى العيد بثغره الباسم وباطلالته البهية باعثاً السرور والبهجة في النفوس صغيرها وكبيرها، أطل العيد فملأ الوجود فرحاً وشوقاً وتحاباً وإلفة ولقاء ومودة, ولكن هناك من يفسد طعم العيد ويذيب لنا متعته بأفعالهم المشينة، لعل منه ما يفعله بعض الصبية من اطلاق الألعاب النارية في الحارات كأسلوب للتعبير عن مشاعرهم بالفرحة بالعيد, ليس هذا تعبيرا بالفرح، أما علموا انهم يجنون على أنفسهم والآخرين باستعمالهم لتلك الألعاب الخطيرة وكذلك بطريقتهم الخاطئة في اطلاقها حيث يطلقونها بطريقة عشوائية لربما تصيب عين رجل أو عين طفل أو ربما ترجع عليهم؟
                    وكم قرأنا بالصحف عن الحوادث التي سببتها تلك الألعاب وآخرها مانشر قبل أيام عن فقد أحد الشباب عينه وآخر أصيب بحروق وجروح خطيرة جراء تلك الألعاب, من المسؤول عن انتشار مثل هذه الألعاب، ثم من يوفر لهؤلاء الأطفال تلك الألعاب بكميات وفيرة؟ أيكون هناك محلات تبيع هذا الخطر لأطفالنا سراً؟ ان كان هذا صحيحاً فأين الرقابة وأين المسؤولون؟ثم ان كانت هذه الألعاب ممنوعة فكيف يسمح لبعض المحلات ببيعها؟ ندائي إلى من يهمه الأمر بالمزيد من التشديد والمراقبة على المحلات والتأكد من خلوها من تلك الألعاب الخطيرة التي أضحت عادة متزامنة ومرتبطة مع العيد لانه يحز في نفسي ان اطفالنا يحملون الخطر بأيديهم ويلقونه على الناس ولا أحد يحرك ساكناً, لقد تجاوزت تلك الألعاب المتعة والتعبير عن الفرح والسرور بالعيد إلى عبث صبياني يقودهم إلى المهالك والخطر,لقد راجت وانتشرت تلك الألعاب بشكل ملفت للنظر وأضحى الداخل للحارات كأنه داخل على أصوات قصف مدافع من كثرة اطلاق تلك الألعاب, سؤال يطرح نفسه لماذا لاتظهر تلك الألعاب الخطرة إلا في العيد؟ ومن المسؤول عن رواجها؟
                    رجائي الخاص إلى المسؤولين بان توضع عقوبة صارمة لمن يروج تلك الألعاب ويبيعها أو حتى يطلقها.
                    ولاشك ان للآباء مسؤولية كبيرة تقع عليهم في تربية وتنشئة أبنائهم على الفضيلة, وتربيتهم على احترام الجيران وعدم إيذائهم، واطلاق تلك الألعاب ليل نهار يعتبر من ايذاء الجساد,أرجو ان تختفي تلك الظاهرة من حاراتنا ونتمنى ألا نراها ولا نسمعها في العيد القادم وكل عام وانتم.
                    بألف ألف خير وعافية.




                    أحمد صبر البلوي
                    الوجه
                    ( الجدير بالذكر أن الأخ أحمد صبر البلوي هو عضو هنا في المنتدى )
                    أنصر نبيك
                    .
                    الإثنين 27محرم 1429هـ
                    .


                    تعليق

                    • موسى بن ربيع البلوي
                      رئيس مجلس الإدارة

                      • 24 - 10 - 2001
                      • 23140

                      #11
                      شكرا لك إختي الفاضلة / عاصفة الشمال هذا التعقيب .
                      أنصر نبيك
                      .
                      الإثنين 27محرم 1429هـ
                      .


                      تعليق

                      • موسى بن ربيع البلوي
                        رئيس مجلس الإدارة

                        • 24 - 10 - 2001
                        • 23140

                        #12


                        أزمة حادة في مياه الشرب في الوجه ومشروع التحلية ينتظر التحلية
                        تفاقمت أزمة نقص المياه في محافظة الوجه، ووصلت حدا صعبا للغاية فالماء لا غنى عنه ولا بديل له، فعيون وعقول أهالي محافظة الوجه أصبحت حائرة ما بين مشروع توسعة تحلية المياه المالحة بسعة 9 متر مكعب المشروع الذي طال انتظاره ولم ينفذ حتى الآن، وبين الخزان الكبير الذي تم تنفيذه لحفظ المياه وتوزيعها عن طريق شبكة المياه للمنازل، وللأسف الشديد حتى الآن لم تصل له قطرة ماء واحدة، وبين البحر الذي لم يبخل علينا بخيراته وينتظر فقط تنفيذ مشروع التحلية، وأزمة المياه ليست وليدة هذه اللحظة بل هي أزمة دائمة وتتجدد كل عام بسبب قلة إنتاج محطة التحلية رغم أنها أول محطة تحلية في المملكة، ولكن للأسف لم تنل نصيبها من الاهتمام خلال الفترة الماضية، فالسكان في زيادة مطردة وإنتاج التحلية محلك سر ويكاد يكون ثابتاً، إضافة إلى ما يصيبها أحيانا من أعطال يتوقف فيها الإنتاج من المياه المحلاة، ويعتبر العام الحالي من أصعب الأعوام التي مرت على أهالي المحافظة في أزمة المياه، فكثير من المواطنين أنهكتهم المبالغ التي يدفعونها لأصحاب الوايتات الخاصة، فقد اشتعلت بورصة بيع المياه فمصائب قوم عند قوم فوائد، ومن لم يستطع شراء وايت فعليه أن ينتظر قطرة ماء لا تكفيه لمدة يوم واحد، وقد تأتيه هذه القطرة بعد يومين أو ثلاثة أو أسبوع وقد لا تأتيه أبدا نظرا لكثرة المسجلين في قوائم الانتظار لدى خزان المياه وعدم كفاية إنتاج محطة التحلية من المياه، ومنهم من يضطر لتعبئة جوالين المياه بطريقة أو بأخرى، وازدادت الأزمة مع بداية شهر رمضان المبارك نظرا لزيادة الاستهلاك للمياه، ولم يجد الأهالي حلا لمعاناتهم حتى الآن، على الرغم من وجود مشروع لتحلية مياه البحر ينتظر الترسية.




                        إبراهيم سليمان البلوي - عن أهالي محافظة الوجه
                        أنصر نبيك
                        .
                        الإثنين 27محرم 1429هـ
                        .


                        تعليق

                        • معيض ابراهيم الرموثي
                          عضو جديد

                          • 27 - 5 - 2003
                          • 4462

                          #13

                          اخي ابو نادر

                          مجهود رائع تشكر عليه

                          وكنا نتمنى من هؤلاء المثقفين والكتاب مشاركتنا في هذا المنتدى كواجب عليهم تجاه ابناء
                          قبيلتهم لاستفاده من خبراتهم وتنمية المواهب الشابه بالمنتدى ...

                          باستثناء الاعلامي الاخ احمد صبر المشارك بالمنتدى اتحفظ على ما ينشر (هنا ) للبقيه لانه
                          من باب اولى مشاركتهم معنا ..

                          تعليق

                          • عبدالله بن مساوي
                            عضو جديد

                            • 5 - 5 - 2004
                            • 3335

                            #14
                            مشكور اخوي ابو نادر على هذا النقل لابداعات ابناء القبيله في الصحف السعوديه والله يوفقهم ان شالله لرسم صورة حسنه ومميزه لابناء القبيله ان شالله
                            عبدالله بن مساوي


                            تعليق

                            • موسى بن ربيع البلوي
                              رئيس مجلس الإدارة

                              • 24 - 10 - 2001
                              • 23140

                              #15
                              رد: مقالات لبعض الكتاب من قبيلة بلي في الصحف .

                              للرفع و التذكير بالموضوع و مزيد من التواصل و التفاعل ...
                              أنصر نبيك
                              .
                              الإثنين 27محرم 1429هـ
                              .


                              تعليق

                              يعمل...