خصمك إما أن يرفع من قدرك أو يحط منه .

إن اضطررت يوما للخصومة فاختر أن يكون خصمك يستحق شرف مخاصمتك ولاتجعل من لايستحق شرف هذه الخصومة خصما لك فإن كان من اراذل الناس فأن خصومته تحط من قدرك بين الناس فتجاهله وضعه خلف ظهرك وإن استطعت تبسم في وجهه في كل مرة يحاول ان يستفزك أو يحاول أن يثير غضبك اجعله يحترق ولايحصل على شرف خصومتك فخصومة الجاهل تحط من قدر الرجال .
ألم تسمع عندما تخاصم الجاهل من يأتيك ويذكرك ويقول لك ( لاتحط راسك براس جاهل )
لم تأتي هذه الكلمة من فراغ فالجاهل لايعرف العدل في الخصومة بل ينحدر بك إلى الفجور في الخصومة ولا يجد حرجا في استخدام اقذر الاساليب وانتنها ليخرج اسوأ مافيك للملأ وبهذا يحط من قدرك .
ماذا لو اضطررت لمخاصمة رجل يستحق شرف خصومتك ؟
كيف تعامل معه ؟ وكيف ترفع هذه الخصومة من قدرك ؟
لو كان خصمك ممن اشتهر بكرمه وجوده بين الناس فامتدح فيه هذه الخصلة على مسمع من الناس واعلم أن الناس يدركون أنك اكرم واجود منه .
لوكان خصمك شجاعا وامتدحت خصلة الشجاعة فيه فاعلم أن الناس ستدرك أنك أشجع منه .
وفي كل مرة تثني على خصلة من خصاله الحميده سينالك من الناس مديح يساوي أو يزيد عم عرفوه عن خصمك .
كان الأجداد يدركون شرف الخصومة بل أنهم يثنون على خصومهم دون أن يحطوا من قدرهم ومكانتهم وقد تعلمنا منهم الكثير ولهم في هذا مواقف كثيرة ودروس عديدة في احترام الخصوم وساروي هنا قصة معاوية رضي الله عنه مع علي بن أبي طالب كرم الله وجهه
جاء رجلا لمعاوية رضي الله عنه وقال له: اصطنعني فقد قصدتك من أجبن الناس,وأبخلهم,وألكنهم.
فقال معاوية: من الذي تعنيه؟ فقال الرجل: علي بن أبي طالب.
فقال معاوية: كذبت يا فاجر, أما الجبن فلم يك قط فيه, وأما البخل فلو كان له بيتان بيت من تبر وبيت من تبن لأنفق تبره قبل تبنه, وأما اللكن فما رأيت أحدا يخطب أحسن من علي إذا خطب, قم قبحك الله. ومحا معاوية اسم الرجل من ديوانه.
حقا انها خصومة الشرفاء بلا سباب ولامهاترات ولا سبيل للاصطياد في الماء العكر لدى الشرفاء ان تخاصموا.
ومماسمعته من خصومة الشرفاء هذا البيت من الشعر اظن بانه لاحد شيوخ عتيبة ويلاحظ فيه ثناء ومديح للخصم والارتقاء درجة على هذا الثناء

انتم كما ضلع طويل ومزموم ... وحنا خلقنا الله نجوم تهله
وانتم كما حوت على الشط لاهوم ... وحنا خلقنا لـلواهـيـم عله
وجاء ايضا
إن كان رمحك باول الخيل ملحوم .... فانا برمحي حامين نجد كله

بعد هذا اسألكم بالله لو كان خصمك ممن لاعهد له ولاذمة فكيف بالله تجعله ينال من شرف خصومتك وكيف ترتقي بنفسك من هذا الانحدار الخلقي وكيف ترضى لنفسك بان يسقط بك إلى الحضيض وكيف تسترد علو مقامك بعد كل هذا السقوط . حتما الارتقاء صعب .

لو كان خصمك ( نذلا ) بمعناها العامي الدارج بيننا فاي شرفا ستناله بخصومته حتما لن تنال شرفا بل انحطاطا يتلوه انحطاط وستجد نفسك آخر المطاف مضطرا لان تساير ( نذلا ) .

اغلق ابواب خصومتك ولاتفتحها إلا لمن يستحقها أما من لايستحقها فاوصد هذه الابواب في وجهه واجعله يحترق غيظا ومتى ما احترق تأدب وكن خصما شريفا لاتبخص الناس مقاماتها فمتى ما انتقصت من قدر خصمك انتقصت من نفسك .

تحياتي وتقديري للجميع