أسباب نزول سور القرآن ... (جمع الفتى العصباني)

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مشعل العصباني
    عضو جديد

    • 4 - 5 - 2005
    • 7364

    #31
    سبب نزول سورة آل عمران ( الجزء الثاني )

    قوله ‏{‏إِنَّ أَولى الناسِ بِإِبراهيمَ لَلَّذينَ اِتَّبَعوهُ‏}‏ على ملته وسنته ‏{‏وَهَذا النَبِيُّ‏}‏ يعني محمداً صلى الله عليه وسلم ‏{‏وَالَّذينَ آَمَنوا وَاللهُ وَلِيُّ المُؤمِنينَ‏}‏ أخبرنا أبو حامد أحمد بن الحسن الوراق أخبرنا أبو أحمد محمد بن أحمد الحزري أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم أخبرنا أبو سعيد الأشج قال‏:‏ حدثنا وكيع عن سفيان بن سعيد عن أبيه عن أبي الضحى عن عبد الله قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن لكل نبي ولاة من النبيين وأنا أولى منهم بأبي الخليل أبي إبراهيم ثم قرأ ‏{‏إِنَّ أَولى الناسِ بِإِبراهيمَ لَلَّذينَ اِتَّبَعوهُ وَهَذا النَبِيُّ‏}‏ الآية‏.‏

    قوله ‏{‏وَدَّت طّائِفَةٌ مِّن أَهلِ الكِتابِ لَو يُضِلّونَكُم‏}‏ الآية نزلت في معاذ بن جبل وعمار بن ياسر قوله ‏{‏وَقالَت طّائِفَةٌ مِّن أَهلِ الكِتابِ آَمِنوا‏}‏ الآية‏.‏

    قال الحسن والسدي‏:‏ تواطأ اثنا عشر حبراً من يهود خيبر وقال بعضهم لبعض‏:‏ ادخلوا في دين محمد أول النهار باللسان دون الاعتقاد واكفروا به في آخر النهار وقولوا‏:‏ إنا نظرنا في كتبنا وشاورنا علماءنا فوجدنا محمداً ليس بذلك وظهر لنا كذبه وبطلان دينه فإذا فعلتم ذلك شك أصحابه في دينهم وقالوا‏:‏ إنهم أهل الكتاب وهم أعلم به منا فيرجعون عن دينهم إلى دينكم فأنزل الله تعالى هذه الآية وأخبر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم والمؤمنين‏.‏

    قال مجاهد ومقاتل والكلبي‏:‏ هذا في شأن القبلة لما صرفت إلى الكعبة شق ذلك على اليهود لمخالفتهم قال كعب بن الأشرف وأصحابه‏:‏ آمنوا بالذي أنزل على محمد من أمر الكعبة وصلوا إليها أول النهار ثم اكفروا بالكعبة آخر النهار وارجعوا إلى قبلتكم الصخرة لعلهم يقولون هؤلاء أهل الكتاب وهم أعلم منا فربما يرجعون إلى قبلتنا فحذر الله تعالى نبيه مكر هؤلاء وأطلعه على سرهم وأنزل ‏{‏وَقالَت طّائِفَةٌ مِّن أَهلِ الكِتابِ‏}‏ الآية‏.‏

    قوله ‏{‏إِنَّ الَّذينَ يَشتَرونَ بِعَهدِ اللهِ وَأيمانِهِم ثَمَناً قَليلاً‏}‏ الآية‏.‏

    أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي أخبرنا حاجب بن أحمد أخبرنا محمد بن حماد أخبرنا أبو معاوية عن سفيان عن الأعمش عن عبد الله قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏من حلف على يمين وهو فيها فاجر ليقطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان‏)‏ فقال الأشعث بن قيس‏:‏ في والله كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني فقدمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ لك بينة قلت‏:‏ لا فقال لليهودي‏:‏ أتحلف قلت‏:‏ إذن يحلف فيذهب بمالي فأنزل الله عز وجل ‏{‏إِنَّ الَّذينَ يَشتَرونَ بِعَهدِ اللهِ وَأَيمانِهِم ثَمَناً قَليلاً‏}‏ الآية رواه البخاري عن عبدان عن أبي حمزة عن الأعمش‏.‏

    أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المهرجاني‏:‏ أخبرنا عبد الله بن محمد بن محمد الزاهد أخبرنا أبو القاسم البغوي قال‏:‏ حدثني محمد بن سليمان قال‏:‏ حدثني صالح بن عمر عن الأعمش عن شقيق قال‏:‏ قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من حلف على يمين هو فيها فاجر ليقطع بها مالاً لقي الله وهو عليه غضبان‏)‏ فأنزل الله تعالى ‏{‏إِنَّ الَّذينَ يَشتَرونَ بِعهدِ اللهِ وَأَيمانِهِم ثَمَناً قَليلاً‏}‏ إلى آخر الآية فأتى الأشعث بن قيس فقال‏:‏ ما يحدثكم أبو عبد الرحمن قلنا‏.‏

    كذا وكذا قال‏:‏ لفي نزلت خاصمت رجلاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ألك بينة قلت‏:‏ لا قال‏:‏ تحلف قلت‏:‏ إذا يحلف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ من حلف على يمين هو فيها فاجر ليقتطع بها مالاً لقي الله وهو عليه غضبان فأنزل الله ‏{‏إِنَّ الَّذينَ يَشتَرونَ بِعَهدِ اللهِ وَأَيمانِهِم ثَمَناً قَليلاً‏}‏ الآية رواه البخاري عن حجاج بن منهال عن أبي عوانة‏.‏

    ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع وعن ابن نمير عن أبي معاوية كلهم عن الأعمش‏.‏

    أخبرنا أبو عبد الرحمن الشاذياخي أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الفقيه حدثنا محمد بن يحيى حدثنا عبد الرزاق حدثنا سفيان عن منصور والأعمش عن أبي وائل قال‏:‏ قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏لا يحلف رجل على يمين صبر ليقطع بها مالاً فاجراً إلا لقي الله وهو عليه غضبان‏)‏ قال‏:‏ فأنزل الله تعالى ‏{‏إِنَّ الَّذينَ يَشتَرونَ بِعَهدِ اللهِ وَأَيمانِهِم ثَمَناً قَليلاً‏}‏ قال فجاء الأشعث وعبد الله يحدثهم قال في نزلت وفي رجل خاصمته في بئر وقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ألك بينة قلت‏:‏ لا قال‏:‏ فليحلف لك قلت‏:‏ إذاً يحلف قال‏:‏ فنزلت ‏{‏إِنَّ الَّذينَ يَشتَرونَ بِعَهدِ اللهِ وَأَيمانِهِم ثَمَناً‏}‏ الآية‏.‏

    أخبرنا عمرو بن عمرو المزكي أخبرنا محمد بن المكي أخبرنا محمد بن يوسف أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري حدثنا علي بن سمية يقول‏:‏ أخبرنا العوام بن حوشب عن إبراهيم بن عبد الرحمن عن عبد الله بن أبي أوفى أن رجلاً أقام سلعة في السوق فحلف لقد أعطى بها ما لم يعط ليوقع فيها رجلاً من المسلمين فنزلت ‏{‏إِنَّ الَّذينَ يَشتَرونَ بِعَهدِ اللهِ وَأَيمانِهِم ثَمَناً قَليلاً‏}‏ إلى آخر الآية‏.‏

    وقال الكلبي‏:‏ إن أناساً من علماء اليهود أولي فاقة أصابتهم سنة فاقتحموا إلى كعب بن الأشرف بالمدينة فسألهم كعب‏:‏ هل تعلمون أن هذا الرجل رسول الله في كتابكم قالوا‏:‏ نعم وما تعلمه أنت قال‏:‏ لا فقالوا‏:‏ فإنا نشهد أنه عبد الله ورسوله قال‏:‏ لقد حرمكم الله خيراً كثيراً لقد قدمتم علي وأنا أريد أن أميركم وأكسو عيالكم فحرمكم الله وحرم عيالكم قالوا‏:‏ فإنه شبه لنا فرويداً حتى نلقاه فانطلقوا فكتبوا صفة سوى صفته ثم انتهوا إلى نبي الله فكلموه وساءلوه ثم رجعوا إلى كعب وقالوا‏:‏ لقد كنا نرى أنه رسول الله فلما أتيناه إذا هو ليس بالنعت الذي نعت لنا ووجدنا نعته مخالفاً للذي عندنا وأخرجوا الذي كتبوا فنظر إليه كعب ففرح ومارهم وأنفق عليهم فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

    وقال عكرمة‏:‏ نزلت في أبي رافع ولبابة بن أبي الحقيق وحيي بن أخطب وغيرهم من رؤساء اليهود كتموا ما عهد الله إليهم في التوراة من شأن محمد صلى الله عليه وسلم وبدلوه وكتبوا بأيديهم غيره وحلفوا أنه من عند الله لئلا يفوتهم الرشا والمآكل التي كانت لهم على أتباعهم‏.‏

    قوله ‏{‏ما كانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤتِيَهُ اللهُ‏}‏ الآية‏.‏

    قال الضحاك ومقاتل‏:‏ نزلت في نصارى نجران حين عبدوا عيسى وقوله لبشر يعني عيسى أن يؤتيه الله الكتاب‏:‏ يعني الإنجيل‏.‏

    وقال ابن عباس في رواية الكلبي وعطاء‏:‏ إن أبا رافع اليهودي والرئيس من نصارى نجران قال‏:‏ يا محمد أتريد أن نعبدك ونتخذك رباً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ معاذ الله أن يعبد غير الله أو نأمر بعبادة غير الله ما بذلك بعثني ولا بذلك أمرني فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

    وقال الحسن‏:‏ بلغني أن رجلاً قال‏:‏ يا رسول الله نسلم عليك كما يسلم بعضنا على بعض أفلا نسجد لك قال‏:‏ لا ينبغي أن يسجد لأحد من دون الله ولكن أكرموا نبيكم واعرفوا الحق لأهله فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

    قوله ‏{‏أَفَغيرَ دينِ اللهِ يَبغونَ‏}‏ قال ابن العباس‏:‏ اختصم أهل الكتابين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما اختلفوا بينهم من دين إبراهيم كل فرقة زعمت أنها أولى بدينه فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ كلا الفريقين بريء من دين إبراهيم فغضبوا وقالوا‏:‏ والله ما نرضى بقضائك ولا نأخذ بدينك فأنزل الله تعالى ‏{‏أَفَغَيرَ دينَ الله ِيَبغونَ‏}‏‏.‏

    قوله ‏{‏كَيفَ يَهدي اللهُ قَوماً كَفَروا بَعدَ إِيمانِهِم‏}‏ الآية‏.‏

    أخبرنا أبو بكر الحارثي أخبرنا محمد بن حيان أخبرنا أبو يحيى عبد الرحمن بن محمد حدثنا سهل بن عثمان حدثنا علي بن عاصم عن خالد وداود عن عكرمة عن ابن عباس أن رجلاً من الأنصار ارتد فلحق بالمشركين فأنزل الله تعالى ‏{‏كَيفَ يَهدي اللهُ قَوماً كَفَروا بَعدَ إِيمانِهِم‏}‏ إلى قوله ‏{‏إِلّا الَّذينَ تابوا‏}‏ فبعث بها قومه إليه فلما قرئت إليه قال‏:‏ والله ما كذبني قومي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم والله عز وجل أصدق الثلاثة فرجع ثانياً فقبل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركه‏.‏

    أخبرنا أبو بكر أخبرنا أبو محمد أخبرنا أبو يحيى حدثنا سهل عن يحيى بن أبي زائدة عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس قال‏:‏ ارتد رجل من الأنصار عن الإسلام ولحق بالشرك فندم فأرسل إلى قومه أن يسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ هل لي من توبة فإني قد ندمت فنزلت ‏{‏كَيفَ يَهدي اللهُ قَوماً كَفَروا‏}‏ حتى بلغ ‏{‏إِلّا الَّذينَ تابوا‏}‏ فكتب قومه إليه فرجع فأسلم‏.‏

    أخبرنا أبو عبد الرحمن بن أبي حامد أخبرنا أبو بكر بن زكريا أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الفقيه حدثنا أحمد بن يسار حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا جعفر بن سليمان عن حميد بن الأعرج عن مجاهد قال‏:‏ كان الحرث بن سويد قد أسلم وكان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لحق بقومه وكفر فأنزلت فيه هذه الآية ‏{‏كَيفَ يَهدي اللهُ قَوماً كَفَروا بَعدَ إِيمانِهِم‏}‏ إلى قوله ‏{‏فَإِنَّ اللهَ غَفورٌ رَحيمٌ‏}‏ حملها إليه رجل من قومه فقرأها عليه فقال الحرث‏:‏ والله إنك ما علمت لصدوق وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصدق منك وإن الله لأصدق الثلاثة ثم رجع فأسلم إسلاماً حسناً‏.‏

    قوله ‏{‏إِنَّ الَّذينَ كَفَروا بَعدَ إِيمانِهِم‏}‏ قال الحسن وقتادة وعطاء الخراساني‏:‏ نزلت في اليهود كفروا بعيسى والإنجيل ثم ازدادوا كفراً بمحمد والقرآن‏.‏

    وقال أبو العالية‏:‏ نزلت في اليهود والنصارى كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد إيمانهم بنعته وصفته ثم ازدادوا كفراً بإقامتهم على كفرهم‏.‏

    تعليق

    • مشعل العصباني
      عضو جديد

      • 4 - 5 - 2005
      • 7364

      #32
      سبب نزول سورة آل عمران ( الجزء الثالث )

      قوله ‏{‏كُلُّ الطَعامِ كانَ حِلًّاً لِّبَني إِسرائيلَ‏}‏ قال أبو روق الكلبي‏:‏ نزلت حين قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ إنه على ملة إبراهيم فقالت اليهود‏:‏ كيف وأنت تأكل لحوم الإبل وألبانها فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ كان ذلك حلالاً لإبراهيم فنحن نحله فقالت اليهود‏:‏ كل شيء أصبحنا اليوم نحرمه فإنه كان على نوح وإبراهيم حتى انتهى إلينا فأنزل الله عز وجل تكذيباً لهم ‏{‏كُلُّ الطَعامِ كانَ حِلاًّ لِّبَني إِسرائيلَ‏}‏ الآية‏.‏

      قوله ‏{‏إِنَّ أَوَّلَ بَيتٍ وُضِعَ لِلناسِ‏}‏ الآية‏.‏

      قال مجاهد‏:‏ تفاخر المسلمون واليهود فقالت اليهود‏:‏ بيت المقدس أفضل وأعظم من الكعبة لأنه مهاجر الأنبياء وفي الأرض المقدسة وقال المسلمون‏:‏ بل الكعبة أفضل فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

      قوله ‏{‏يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا إِن تُطيعوا فَريقاً‏}‏ الآية‏.‏

      أخبرنا أبو عمر العسكري فينا أذن لي في روايته قال‏:‏ أخبرني محمد بن الحسين الحداد قال‏:‏ أخبرنا محمد بن يحيى بن خالد قال‏:‏ أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال‏:‏ أخبرنا المؤمل بن إسماعيل قال‏:‏ حدثنا حماد بن زيد حدثنا أيوب عن عكرمة قال‏:‏ كان بين هذين الحيين من الأوس والخزرج قتال في الجاهلية فلما جاء الإسلام اصطلحوا وألف الله بين قلوبهم وجلس يهودي في مجلس فيه نفر من الأوس والخزرج فأنشد شعراً قاله أحد الحيين في حربهم فكأنهم دخلهم من ذلك فقال الحي الآخرون‏:‏ وقد قال شاعرنا في يوم كذا كذا وكذا فقال الآخرون‏:‏ وقد قال شاعرنا في يوم كذا كذا وكذا فقالوا‏:‏ تعالوا نرد الحرب جذعاً كما كانت فنادى هؤلاء يا آل أوس ونادى هؤلاء يا آل خزرج فاجتمعوا وأخذوا السلاح واصطفوا للقتال فنزلت هذه الآية فجاء النبي صلى الله عليه وسلم حتى قام بين الصفين فقرأها ورفع صوته فلما سمعوا صوته أنصتوا وجعلوا يستمعون فلما فرغ ألقوا السلاح وعانق بعضهم بعضاً وجعلوا يبكون‏.‏

      وقال زيد بن أسلم مر شاس بن قيس اليهودي وكان شيخاً قد غبر في الجاهلية عظيم الكفر شديد الضغن على المسلمين شديد الحسد لهم فمر على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأوس والخزرج في مجلس جمعهم يتحدثون فيه فغاظه ما رأى من جماعتهم وألفتهم وصلاح ذات بينهم في الإسلام بعد الذي كان بينهم في الجاهلية من العداوة فقال‏:‏ قد اجتمع ملأ بني قيلة بهذه البلاد لا والله مالنا معهم إذا اجتمعوا بها من قرار فأمر شاباً من اليهود كان معه فقال‏:‏ اعمد إليهم فاجلس معهم ثم ذكرهم بعاث وما كان فيه وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار وكان بعاث يوماً اقتتلت فيه الأوس والخزرج وكان الظفر فيه للأوس على الخزرج ففعل فتكلم القوم عند ذلك فتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجلان من الحيين أوس بن قيظي أحد بني حارثة من الأوس وجابر بن صخر أحد بني سلمة من الخزرج فتقاولا وقال أحدهما لصاحبه إن شئت رددتها جذعاً وغضب الفريقان جميعاً وقالا‏:‏ ارجعا السلاح السلاح موعدكم الظاهرة وهي حرة فخرجوا إليها فانضمت الأوس والخزرج بعضها إلى بعض على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين حتى جاءهم فقال‏:‏ يا معشر المسلمين أتدعون الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن أكرمكم الله بالإسلام وقطع به عنكم أمر الجاهلية وألف بينكم فترجعون إلى ما كنتم عليه كفاراً الله الله فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان وكيد من عدوهم فألقوا السلاح من أيديهم وبكوا وعانق بعضهم بعضاً ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سامعين مطيعين فأنزل الله عز وجل ‏{‏يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا‏}‏ يعني الأوس والخزرج ‏{‏إِن تُطيعوا فَريقاً مِّن الَّذينَ أُوتوا الكِتابَ‏}‏ يعني شاساً وأصحابه ‏{‏يَرُدّوكُم بَعدَ إِيمانِكُم كافِرينَ‏}‏ قال جابر بن عبد الله‏:‏ ما كان طالع أكره إلينا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأومأ إلينا بيده فكففنا وأصلح الله تعالى ما بيننا فما كان شخص أحب إلينا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأيت يوماً أقبح ولا أوحش أولاً وأحسن آخراً من ذلك اليوم‏.‏

      قوله ‏{‏وَكَيفَ تَكفُرونَ‏}‏ الآية‏.‏

      أخبرنا أحمد بن الحسين الحيري قال‏:‏ حدثنا محمد بن يعقوب حدثنا العباس الدوري حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين حدثنا قيس بن الربيع عن الأغر عن خليفة بن حصين عن أبي نصر عن ابن عباس قال‏:‏ كان بين الأوس والخزرج شر في الجاهلية فذكروا ما بينهم فثار بعضهم إلى بعض بالسيوف فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فذهب إليهم فنزلت هذه الآية ‏{‏وَكَيفَ تَكفُرونَ وَأَنتُم تُتلى عَلَيكُم آَياتُ اللهِ وَفيكُم رَسولُهُ‏}‏ ‏{‏وَاِعتَصِموا بِحَبلِ اللهِ جَميعاً وَلا تَفَرَقوا‏}‏‏.‏

      أخبرنا الشريف إسماعيل بن الحسن بن محمد بن الحسين النقيب قال‏:‏ أخبرنا جدي محمد بن الحسين قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين الحافظ قال‏:‏ حدثنا حاتم بن يونس الجرجاني قال‏:‏ حدثنا إبراهيم بن أبي الليث قال‏:‏ حدثنا الأشجعي عن سفيان عن خليفة بن حصين عن أبي نصر عن ابن عباس قال‏:‏ كان الأوس والخزرج يتحدثون فغضبوا حتى كان بينهم الحرب فأخذوا السلاح بعضهم إلى بعض فنزلت ‏{‏وَكَيفَ تَكفُرونَ وَأَنتُم تُتلى عَلَيكُم آَياتُ اللهِ‏}‏ إلى قوله تعالى ‏{‏فَأَنقَذَكُم مِّنها‏}‏‏.‏

      قوله ‏{‏كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ‏}‏ الآية‏.‏

      قال عكرمة ومقاتل‏:‏ نزلت في ابن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة وذلك أن مالك بن الصيف ووهب بن يهوذا اليهوديين قالا لهم‏:‏ إن ديننا خير مما تدعونا إليه ونحن خير وأفضل منكم فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

      قوله ‏{‏لَن يَضُرّوكُم إِلّا أَذىً‏}‏ قال مقاتل‏:‏ إن رءوس اليهود كعب ويحرى والنعمان وأبو رافع وأبو ياسر وابن صوريا عمدوا إلى مؤمنهم عبد الله بن سلام وأصحابه فآذوهم لإسلامهم فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

      قوله ‏{‏لَيسوا سَواءً‏}‏ الآية‏.‏

      قال ابن عباس ومقاتل‏:‏ لما أسلم عبد الله بن سلام وثعلبة بن سعنة وأسيد بن سعنة وأسد بن عبيد ومن أسلم من اليهود قالت أحبار اليهود‏:‏ ما آمن لمحمد إلا شرارنا ولو كانوا من خيارنا لما تركوا دين آبائهم وقالوا لهم‏:‏ لقد خنتم حين استبدلتم بدينكم ديناً غيره فأنزل الله تعالى ‏{‏لَيسوا سَواءً‏}‏ الآية‏.‏

      وقال ابن مسعود‏:‏ نزلت الآية في صلاة العتمة يصليها المسلمون ومن سواهم من أهل الكتاب لا يصليها‏.‏

      أخبرنا أبو سعيد محمد بن عبد الرحمن الرازي قال‏:‏ أخبرنا أبو عمر محمد بن أحمد الحيري قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال‏:‏ حدثنا أبو خيثمة قال‏:‏ حدثنا هاشم بن القاسم قال‏:‏ حدثنا شيبان عن عاصم عن زر عن ابن مسعود قال‏:‏ أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة صلاة العشاء ثم خرج إلى المسجد فإذا الناس ينتظرون الصلاة فقال‏:‏ إنه ليس من أهل الأديان أحد يذكر الله في هذه الساعة غيركم قال‏:‏ فأنزلت هذه الآيات ‏{‏لَيسوا سَواءً مِّن أَهلِ الكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتلونَ‏}‏ إلى قوله ‏{‏وَاللهُ عَليمٌ بِالمُتَّقينَ‏}‏‏.‏

      أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن نوح قال‏:‏ أخبرنا أبو علي بن أحمد الفقيه قال‏:‏ أخبرنا محمد بن المسيب قال‏:‏ حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن وهب قال‏:‏ أخبرني يحيى بن أيوب عن ابن زجر عن سليمان عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود قال‏:‏ احتبس علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة وكان عند بعض أهله أو نسائه فلم يأتنا لصلاة العشاء حتى ذهب ثلث الليل فجاء ومنا المصلي ومنا المضطجع فبشرنا فقال‏:‏ إنه لا يصلي هذه الصلاة أحد من أهل الكتاب وأنزلت ‏{‏لَيسوا سَواءً مِّن أَهلِ الكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتلونَ آَياتِ اللهِ آَناءَ اللَّيلِ وَهُم يَسجُدونَ‏}‏‏.‏

      قوله ‏{‏يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَتَّخِذوا بِطانَةً مِّن دونِكُم‏}‏ الآية‏.‏

      قال ابن عباس ومجاهد‏:‏ نزلت في قوم من المؤمنين كانوا يصافون المنافقين ويواصلون رجلاً من اليهود لما كان بينهم من القرابة والصداقة والحلف والجوار والرضاع فأنزل الله تعالى هذه الآية ينهاهم عن مباطنتهم خوف الفتنة منهم عليهم‏.‏

      قوله ‏{‏إِذ غَدَوتَ مِّن أَهلِكَ‏}‏ الآية‏.‏

      نزلت هذه الآية ف ي غزوة أحد أخبرنا سعيد بن محمد الزاهد قال‏:‏ أخبرنا أبو علي الفقيه قال‏:‏ أخبرنا أبو القاسم البغوي قال‏:‏ حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن جعفر المخرمي عن ابن عون عن المسعر بن مخرمة قال‏:‏ قلت لعبد الرحمن بن عوف‏:‏ أي خالي أخبرني عن قصتكم يوم أحد فقال‏:‏ اقرأ العشرين ومائة من آل عمران تجد ‏{‏وَإِذ غَدَوتَ مِّن أَهلِكَ تُبَوِّئ المُؤمِنينَ‏}‏ إلى قوله تعالى ‏{‏ثُمَّ أَنزَلَ عَليكُم مِّن بَعدِ الغَمِ أَمَنَةً نُّعاسًا‏}‏‏.‏


      قوله تعالى ‏{‏لَيسَ لَكَ مِّنَ الأَمرِ شَيءٌ‏}‏ أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد التميمي قال‏:‏ أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال‏:‏ حدثنا عبد الرحمن بن محمد الرازي قال‏:‏ حدثنا سهل بن عثمان العسكري قال‏:‏ حدثنا عبيدة بن حميد عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال‏:‏ كسرت رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ودمى وجهه فجعل الدم يسيل على وجهه ويقول‏:‏ كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم وهو يدعوهم إلى ربهم قال‏:‏ فأنزل الله تعالى ‏{‏لَيسَ لَكَ مِّنَ الأَمرِ شَيءٌ أَو يَتوبَ عَلَيهِم أَو يُعَذِّبَهُم فَإِنَّهُم ظالِمونَ‏}‏‏.‏

      أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الرازي قال‏:‏ أخبرنا أبو عمرو بن حمدان قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال‏:‏ حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال‏:‏ حدثنا عبد العزيز بن محمد قال‏:‏ حدثنا معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه قال‏:‏ لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلاناً وفلاناً فأنزل الله عز وجل ‏{‏لَيسَ لَكَ مِّنَ الأَمرِ شَيءٌ أَو يَتوبَ عَلَيهِم أَو يُعَذِّبَهُم فَإِنَّهُم ظالِمونَ‏}‏ رواه البخاري عن حيان عن ابن المبارك عن معمر ورواه مسلم من طريق ثابت عن أنس‏.‏

      أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عيسى بن عمرويه قال‏:‏ أخبرنا إبراهيم بن محمد قال‏:‏ أخبرنا مسلم بن الحجاج قال‏:‏ حدثنا العقبي قال‏:‏ حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد وشج في رأسه وجعل يسيل الدم عنه ويقول‏:‏ كيف يفلح قوم شجوا نبيهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلى ربهم فأنزل الله عز وجل ‏{‏لَيسَ لَكَ مِّنَ الأَمرِ شَيءٌ‏}‏‏.‏

      أخبرنا أبو إسحاق الثعالبي أخبرنا عبد الله بن حامد الوزان قال‏:‏ أخبرنا أبو حامد بن الشرقي قال‏:‏ حدثنا محمد بن يحيى قال‏:‏ حدثنا عبد الرزاق قال‏:‏ أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في صلاة الفجر حين رفع رأسه من الركوع‏:‏ ربنا لك الحمد اللهم العن فلاناً وفلاناً دعا على ناس من المنافقين فأنزل الله عز وجل ‏{‏لَيسَ لَكَ مِّنَ الأَمرِ شَيءٌ‏}‏ رواه البخاري من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب وسياقه أحسن من هذا‏.‏

      أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن قال‏:‏ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال‏:‏ حدثنا الحر بن نصر قال‏:‏ فروى علي بن وهب أخبرنا يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال‏:‏ أخبرني شعيب بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن أنهما سمعا أبا هريرة يقول‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يفرغ في صلاة الفجر من القراءة ويكبر ويرفع رأسه ويقول‏:‏ سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ثم يقول وهو قائم‏:‏ اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف اللهم العن لحيان ورعلاً وذكوان وعصية عصت الله ورسوله ثم بلغنا أنه ترك لما نزلت ‏{‏لَيسَ لَكَ مِّنَ الأَمرِ شَيءٌ أَو يَتوبَ عَلَيهِم أَو يُعَذِّبَهُم فَإِنَّهُم ظالِمونَ‏}‏ رواه البخاري عن موسى بن إسماعيل عن إبراهيم بن سعد عن الزهري‏.‏

      قوله تعالى ‏{‏وَالَّذينَ إِذا فَعَلوا فاحِشَةً‏}‏ الآية‏.‏

      قال ابن عباس في رواية عطاء‏:‏ نزلت الآية في نبهان الثمار أتته امرأة حسناء باع منها تمراً فضمها إلى نفسه وقبلها ثم ندم على ذلك فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وذكر ذلك له فنزلت هذه الآية‏.‏

      وقال في رواية الكلبي‏:‏ إن رجلين أنصارياً وثقفياً آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما فكانا لا يفترقان فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه وخرج معه الثقفي وخلف الأنصاري في أهله وحاجته وكان يتعاهد أهل الثقفي فأقبل ذات يوم فأبصر امرأة صاحبه قد اغتسلت وهي ناشرة شعرها فوقعت في نفسه فدخل ولم يستأذن حتى انتهى إليها فذهب ليقبلها فوضعت كفها على وجهها فقبل ظاهر كفها ثم ندم واستحيا فأدبر راجعاً فقالت‏:‏ سبحان الله خنت أمانتك وعصيت ربك ولم تصب حاجتك قال‏:‏ فندم على صنيعه فخرج يسيح في الجبال ويتوب إلى الله تعالى من ذنبه حتى وافى الثقفي فأخبرته أهله بفعله فخرج يطلبه حتى دل عليه فوافقه ساجداً وهو يقول‏:‏ رب ذنبي قد خنت أخي فقال له‏:‏ يا فلان قم فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسله عن ذنبك لعل الله أن يجعل لك فرجاً وتوبة فأقبل معه حتى رجع إلى المدينة وكان ذات يوم عند صلاة العصر نزل جبريل عليه السلام بتوبته فتلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏{‏وَالَّذينَ إِذا فَعَلوا فاحِشَةً‏}‏ إلى قوله ‏{‏وَنِعمَ أَجرُ العامِلينَ‏}‏ فقال عمر‏:‏ يا رسول الله أخاص هذا لهذا الرجل أم للناس عامة قال‏:‏ بل للناس عامة‏.‏

      أخبرني أبو عمرو محمد بن عبد العزيز المروزي إجازة قال‏:‏ أخبرنا محمد بن الحسن الحدادي قال‏:‏ أخبرنا محمد يحيى قال‏:‏ أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال‏:‏ أخبرنا روح قال‏:‏ حدثنا محمد عن أبيه عن عطاء‏:‏ أن المسلمين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ أبنو إسرائيل أكرم على الله منا كانوا إذا أذنب أحدهم أصبحت كفارة ذنبه مكتوبة في عتبة بابه اجذع أذنك اجذع أنفك افعل كذا فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت ‏{‏وَالَّذينَ إِذا فَعَلوا فاحِشَةً‏}‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ألا أخبركم بخير من ذلك فقرأ هذه الآيات‏.‏

      تعليق

      • مشعل العصباني
        عضو جديد

        • 4 - 5 - 2005
        • 7364

        #33
        سبب نزول سورة آل عمران ( الجزء الرابع )

        قوله تعالى ‏{‏وَلا تَهِنوا وَلا تَحزَنوا‏}‏ الآية‏.‏

        قال ابن عباس‏:‏ انهزم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد فبينما هم كذلك إذ أقبل خالد بن الوليد بخيل المشركين يريد أن يعلو عليهم الجبل فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ اللهم لا يعلون علينا اللهم لا قوة لنا إلا بك اللهم ليس يعبدك بهذه البلدة غير هؤلاء النفر فأنزل الله تعالى هذه الآيات وثاب نفر من المسلمين رماة فصعدوا الجبل ورموا خيل المشركين حتى هزموهم فذلك قوله ‏{‏وَأَنتُم الأَعلونَ‏}‏‏.‏

        قوله ‏{‏إِن يَمسَسكُم قَرحٌ‏}‏ الآية‏.‏

        قال راشد بن سعد‏:‏ لما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم كئيباً حزيناً يوم أحد جعلت المرأة تجيء بزوجها وابنها مقتولين وهي تلدم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أهكذا يفعل برسولك فأنزل الله تعالى ‏{‏إِن يَمسَسكُم قَرحٌ‏}‏ الآية‏.‏

        قوله ‏{‏وَما مُحمَّدٌ إِلّا رَسولٌ‏}‏ الآيات‏.‏

        قال عطية العوفي‏:‏ لما كان يوم أحد انهزم الناس فقال بعض الناس‏:‏ قد أصيب محمد فأعطوهم بأيديكم فإنما هم إخوانكم وقال بعضهم‏:‏ إن كان محمد قد أصيب ألا ما تمضون على ما مضى عليه نبيكم حتى تلحقوا به فأنزل الله تعالى في ذلك ‏{‏وما مُحَمَّدٌ إِلّا رَسولٌ قَد خَلَت مِن قَبلِهِ الرُسُلُ‏}‏ إلى ‏{‏وَكأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيّونَ كَثيرٌ فَما وَهَنوا لِما أَصابَهُم في سَبيلِ الله ِوَما ضَعُفوا‏}‏ - لقتل نبيهم - إلى قوله ‏{‏فَآتاهُمُ الله ُثَوابَ الدُنيا‏}‏‏.‏

        قوله ‏{‏سَنُلقي في قُلوبِ الَّذينَ كَفَروا الرُعبَ‏}‏ الآية‏.‏

        قال السدي‏:‏ لما ارتحل أبو سفيان والمشركون يوم أحد متوجهين إلى مكة انطلقوا حتى بلغوا بعض الطريق ثم إنهم ندموا وقالوا‏:‏ بئس ما صنعنا قتلناهم حتى إذا لم يبق منهم إلا الشرذمة تركناهم ارجعوا فاستأصلوهم فلما عزموا على ذلك ألقى الله تعالى في قلوبهم الرعب حتى رجعوا عما هموا به وأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

        قوله تعالى ‏{‏وَلَقد صَدَقَكُمُ اللهُ وَعدَهُ‏}‏ الآية‏.‏

        قال محمد بن كعب القرظي‏:‏ لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وقد أصيبوا بما أصيبوا يوم أحد قال ناس من أصحابه‏:‏ من أين أصابنا هذا وقد وعدنا الله النصر فأنزل الله تعالى ‏{‏وَلَقَد صَدَقَكُمُ اللهُ وَعدَهُ‏}‏ الآية إلى قوله ‏{‏مِنكُم مَّن يُريدُ الدُنيا‏}‏ يعني الرماة الذين فعلوا ما فعلوا يوم أحد‏.‏

        قوله تعالى ‏{‏وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ‏}‏ الآية‏.‏

        أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المطوعي قال‏:‏ أخبرنا أبو عمرو بن محمد بن أحمد الحيري قال‏:‏ أخبرنا أبو يعلى قال‏:‏ حدثنا أبو عبد الله بن أبان قال‏:‏ حدثنا ابن المبارك قال‏:‏ حدثنا شريك عن حصيف عن عكرمة عن ابن عباس قال‏:‏ فقدت قطيفة حمراء يوم بدر مما أصيب من المشركين فقال أناس‏:‏ لعل النبي صلى الله عليه وسلم أخذها فأنزل الله تعالى ‏{‏وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ‏}‏ قال حصيف‏:‏ قلت لسعيد بن جبير‏:‏ ما كان لنبي أن يغل فقال‏:‏ بل يغل ويقتل‏.‏

        أخبرنا أبو الحسن أحمد بن إبراهيم النجار قال‏:‏ حدثنا أبو القاسم سليمان بن أيوب الطبراني قال‏:‏ حدثنا محمد بن أحمد بن يزيد النرسي قال‏:‏ حدثنا أبو عمرو بن العلاء عن مجاهد عن ابن عباس أنه كان ينكر على من يقرأ وما كان لنبي أن يُغَلَّ ويقول‏:‏ كيف لا يكون له أن يغل وقد كان يقتل قال الله تعالى ‏{‏وَيَقتُلونَ الأَنبِياءَ‏}‏ ولكن المنافقين اتهموا النبي صلى الله عليه وسلم في شيء من الغنيمة فأنزل الله عز وجل ‏{‏وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ‏}‏‏.‏

        أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد الأصفهاني قال‏:‏ أخبرنا عبد الله بن محمد الأصفهاني قال‏:‏ حدثنا أبو يحيى الرازي قال‏:‏ حدثنا سهل بن عثمان قال‏:‏ حدثنا وكيع عن سلمة عن الضحاك‏.‏

        قال‏:‏ بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم طلائع فغنم النبي صلى الله عليه وسلم غنيمة وقسمها بين الناس ولم يقسم للطلائع شيئاً فلما قدمت الطلائع قالوا‏:‏ قسم الفيء ولم يقسم لنا فنزلت ‏{‏وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ‏}‏ قال سلمة‏:‏ قرأها الضحاك يغل‏.‏

        وقال ابن عباس في رواية الضحاك‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما وقع في يده غنائم هوازن يوم حنين غله رجل بمخيط فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

        وقال قتادة‏:‏ نزلت وقد غل طوائف من أصحابه وقال الكلبي ومقاتل‏:‏ نزلت حين ترك الرماة المركز يوم أحد طلباً للغنيمة وقالوا‏:‏ نخشى أن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ من أخذ شيئاً فهو له وأن لا يقسم الغنائم كما لم يقسم يوم بدر فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ظننتم أنا نغل ولا نقسم لكم فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

        وروى عن ابن عباس أن أشراف الناس استدعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخصصهم بشيء من الغنائم فنزلت هذه الآية‏.‏

        قوله ‏{‏أَو لَمّا أَصابَتكُم مُّصيبَةٌ‏}‏ الآية‏.‏

        قال ابن عباس‏:‏ حدثني عمر بن الخطاب قال‏:‏ لما كان يوم أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء فقتل منهم سبعون وفر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكسرت رباعيته وهشمت البيضة من رأسه وسال الدم على وجهه فأنزل الله تعالى ‏{‏أَو َلَمّا أَصابَتكُم مُصيبَةٌ‏}‏ إلى قوله ‏{‏قُل هُوَ مِن عِندِ أَنفُسِكُم‏}‏ قال بأخذكم الفداء‏.‏

        قوله ‏{‏وَلا تَحسَبَنَّ الَّذينَ قُتِلوا في سَبيلِ اللهِ أَمواتاً‏}‏ أخبرنا محمد بن محمد بن يحيى قال‏:‏ أخبرنا أبو سعيد إسماعيل بن أحمد الجلالي قال‏:‏ أخبرنا عبد الله بن زيدان البجلي قال‏:‏ حدثنا أبو كريب قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق عن إسماعيل بن أبي أمية عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا‏:‏ من يبلغ إخواننا أنا في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا في الحرب فقال الله عز وجل‏:‏ أنا أبلغهم عنكم فأنزل الله تعالى ‏{‏وَلا تَحسَبَنَّ الَّذينَ قُتِلوا في سَبيلِ اللهِ أَمواتاً بَل أَحياءٌ عِندَ رَبِّهِم يُرزَقونَ‏}‏‏.‏

        رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه من طريق عثمان بن أبي شيبة‏.‏

        أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الغازي قال‏:‏ أخبرنا محمد بن أحمد بن حمدان قال‏:‏ أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب البلخي قال‏:‏ حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال‏:‏ حدثنا ابن إدريس فذكره رواه الحاكم عن علي بن عيسى الحيري عن مسدد عن عثمان بن أبي شيبة‏.‏

        أخبرنا أبو بكر الحارثي حدثنا أبو الشيخ الحافظ قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن الحسين الحذاء قال علي بن المديني قال‏:‏ حدثنا موسى بن إبراهيم بن بشير بن الفاكه الأنصاري أنه سمع طلحة بن حراش قال‏:‏ سمعت جابر بن عبد الله قال‏:‏ نظر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ مالي أراك مهتماً قلت‏:‏ يا رسول الله قتل أبي وترك ديناً وعيالاً فقال‏:‏ ألا أخبرك ما كلم الله أحداً قط إلا من وراء حجاب وإنه كلم أباك كفاحاً فقال‏:‏ يا عبدي سلني أعطك قال‏:‏ أسألك أن تردني إلى الدنيا فأقتل فيك ثانية فقال‏:‏ إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون قال‏:‏ يا رب فأبلغ من ورائي فأنزل الله تعالى ‏{‏وَلا تَحسَبَنَّ الَّذينَ قُتِلوا في سَبيلِ اللهِ أَمواتاً بَل أَحياءٌ‏}‏ الآية‏.‏

        أخبرني أبو عمرو القنطري فيما كتب إلي قال‏:‏ أخبرنا محمد بن الحسين قال‏:‏ أخبرنا محمد بن يحيى قال‏:‏ حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال‏:‏ حدثنا وكيع عن سفيان عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير ‏{‏وَلا تَحسَبَنَّ الَّذينَ قُتِلوا في سَبيلِ اللهِ أَمواتاً بَل أَحياءٌ‏}‏ قال‏:‏ لما أصيب حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن عمير يوم أحد ورأوا ما رزقوا من الخير قالوا‏:‏ ليت إخواننا يعلمون ما أصابنا من الخير كي يزدادوا في الجهاد رغبة فقال الله تعالى‏:‏ أنا أبلغهم عنكم فأنزل الله تعالى ‏{‏وَلا تَحسَبَنَّ الَّذينَ قُتِلوا في سَبيلِ اللهِ أَمواتاً بَل أَحياءٌ‏}‏ إلى قوله ‏{‏لا يُضيعُ أَجرَ المُؤمِنينَ‏}‏‏.‏

        وقال أبو الضحى نزلت هذه الآية في أهل أحد خاصة‏.‏

        وقال جماعة من أهل التفسير‏:‏ نزلت الآية في شهداء بئر معونة وقصتهم مشهورة ذكرها محمد بن إسحاق بن يسار في المغازي‏.‏

        وقال آخرون‏:‏ إن أولياء الشهداء كانوا إذا أصابتهم نعمة أو سرور تحسروا وقالوا‏:‏ نحن في النعمة والسرور وآباؤنا وأبناؤنا وإخواننا في القبور فأنزل الله تعالى هذه الآية تنفيساً عنهم وإخباراً عن حال قتلاهم‏.‏

        قوله ‏{‏الَّذينَ اِستَجابوا للهِ وَالرَسولِ‏}‏ الآية‏.‏

        أخبرنا أحمد بن إبراهيم المقري قال‏:‏ أخبرنا شعيب بن محمد قال‏:‏ أخبرنا مكي بن عبدان قال‏:‏ حدثنا أبو الأزهر قال‏:‏ حدثنا روح قال‏:‏ حدثنا أبو يونس القشيري عن عمرو بن دينار أن رسول الله صلى الله عله وسلم استنفر الناس بعد أحد حين انصرف المشركون فاستجاب له سبعون رجلاً فطلبهم فلقي أبو سفيان عيراً من خزاعة فقال لهم‏:‏ إن لقيتم محمداً يطلبني فأخبروه أني في جمع كثير فلقيهم النبي صلى الله عليه وسلم فسألهم عن أبي سفيان فقالوا‏:‏ لقيناه في جمع كثير ونراك في قلة ولا نأمنه عليك فأبى رسول الله إلا أن يطلبه‏.‏

        فسبقه أبو سفيان فدخل مكة فأنزل الله تعالى فيهم ‏{‏الَّذينَ اِستَجابوا للهِ وَالرَسولِ‏}‏ حتى بلغ ‏{‏فَلا تَخافوهُم وَخافونِ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ‏}‏‏.‏

        أخبرنا عمر بن عمرو قال‏:‏ أخبرنا محمد بن مكي قال‏:‏ أخبرنا محمد بن يوسف قال‏:‏ أخبرنا محمد بن إسماعيل قال‏:‏ أخبرنا محمد قال‏:‏ أخبرنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى ‏{‏الَّذينَ اِستَجابوا للهِ وَالرَسولِ‏}‏ إلى آخرها قال‏:‏ قالت لعروة‏:‏ يا ابن أختي كان أبواك منهم الزبير وأبو بكر لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ما أصاب وانصرف عنه المشركون خاف أن يرجعوا فقال‏:‏ من يذهب في أثرهم فانتدب منهم سبعون رجلاً كان فيهم أبو بكر والزبير‏.‏

        قوله ‏{‏الَّذينَ قالَ لَهُمُ الناسُ‏}‏ الآية‏.‏

        أخبرنا أبو إسحاق الثعالبي قال‏:‏ أخبرنا أبو صالح شعيب بن محمد قال‏:‏ أخبرنا أبو حاتم التميمي قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن الأزهر قال‏:‏ حدثنا روح بن عبادة قال‏:‏ حدثنا سعيد عن قتادة قال‏:‏ ذاك يوم أحد بعد القتل والجراحة وبعد ما انصرف المشركون أبو سفيان وأصحابه قال نبي الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه‏:‏ ألا عصابة تشدد لأمر الله فتطلب عدوها فإنه أنكى للعدو وأبعد للسمع فانطلق عصابة على ما يعلم الله من الجهد حتى إذا كانوا بذي الحليفة جعل الأعراب والناس يأتون عليهم فيقولون هذا أبو سفيان مائل عليكم بالناس فقالوا‏:‏ حسبنا الله ونعم الوكيل فأنزل الله تعالى فيهم ‏{‏الَّذينَ قالَ لَهُمُ الناسُ إِنَّ الناسَ قَد جَمَعوا لَكُم فاِخشُوهُم‏}‏ إلى قوله ‏{‏وَالله ُذو فَضلٍ عَظيمٍ‏}‏‏.‏

        قوله ‏{‏ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ المُؤمِنينَ عَلى ما أَنتُم عَليهِ‏}‏ قال السدي‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليهم وسلم‏:‏ عرضت علي أمتي في صورها كم عرضت على آدم وأعلمت من يومن لي ومن يكفر فبلغ ذلك المنافقين فاستهزءوا وقالوا‏:‏ يزعم محمد أنه يعلم من يؤمن به ومن يكفر ونحن معه ولا يعرفنا فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

        وقال الكلبي‏:‏ قالت قريش‏:‏ تزعم يا محمد أن من خالفك فهو في النار والله عليه غضبان وأن من اتبعك على دينك فهو من أهل الجنة والله عنه راض فأخبرنا بمن يؤمن بك ومن لا يؤمن بك فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

        وقال أبو العالية‏:‏ سأل المؤمنون أن يعطوا علامة يفرق بها بين المؤمن والمنافق فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

        قوله ‏{وَلا يَحسَبَنَّ الَّذينَ يَبخَلونَ بِما آَتاهُمُ اللهُ‏}‏ الآية‏.‏

        جمهور المفسرين على أنها في مانعي الزكاة‏.‏

        وروى عطية عن ابن عباس أن الآية نزلت في أحبار اليهود الذين كتموا صفة محمد صلى الله عليه وسلم ونبوته وأراد بالبخل‏:‏ كتمان العلم الذي آتاهم الله تعالى‏.‏

        قوله ‏{‏لَقَد سَمِعَ اللهُ قَولَ الَّذينَ قالوا‏}‏ الآية‏.‏

        قال عكرمة والسدي ومقاتل ومحمد بن إسحاق‏:‏ دخل أبو بكر الصديق رضي الله عنه ذات يوم بيت مدارس اليهود فوجد ناساً من اليهود قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له فنحاص بن عازوراء وكان من علمائهم فقال أبو بكر لفنحاص‏:‏ اتق الله وأسلم فوالله إنك لتعلم أن محمداً رسول الله قد جاءكم بالحق من عند الله تجدونه مكتوباً عندكم في التوراة فآمن وصدق وأقرض الله قرضاً حسناً يدخلك الجنة ويضاعف لك الثواب فقال فنحاص‏:‏ يا أبا بكر تزعم أن ربنا يستقرضنا أموالنا وما يستقرض إلا الفقير من الغني فإن كان ما تقول حقاً فإن الله إذا لفقير ونحن أغنياء ولو كان غنياً ما استقرضنا أموالنا فغضب أبو بكر رضي الله عنه وضرب وجه فنحاص ضربة شديدة وقال‏:‏ والذي نفسي بيده لولا العهد الذي بيننا وبينك لضربت عنقك يا عدو الله فذهب فنحاص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا محمد انظر إلى ما صنع بي صاحبك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر‏:‏ ما الذي حملك على ما صنعت فقال‏:‏ يا رسول الله إن عدو الله قال قولاً عظيماً زعم أن الله فقير وأنهم أغنياء فغضبت لله وضربت وجهه فجحد ذلك فنحاص فأنزل الله عز وجل رداً على فنحاص وتصديقاً لأبي بكر ‏{‏لَقَد سَمِعَ اللهُ قَولَ الَّذينَ قالُوا‏}‏ الآية‏.‏

        أخبرنا عبد القاهر بن طاهر قال‏:‏ أخبرنا أبو عمرو بن مطر قال‏:‏ أخبرنا جعفر بن الليث الروذباري قال‏:‏ حدثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود قال‏:‏ حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال‏:‏ نزلت في اليهود صك أبو بكر رضي الله عنه وجه رجل منهم وهو الذي قال‏:‏ إن الله فقير ونحن أغنياء قال شبل‏:‏ بلغني أنه فنحاص اليهودي وهو الذي قال ‏{‏يَدُ اللهِ مَغلولَة‏}‏‏.‏

        قوله تعالى ‏{‏الَّذينَ قالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلينا‏}‏ الآية‏.‏

        قال الكلبي‏:‏ نزلت في كعب بن الأشرف ومالك بن الصيف ووهب بن يهوذا وزيد بن تابوه وفي فنحاص بن عازوراء وحيي بن أخطب أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ تزعم أن الله بعثك إلينا رسولاً وأنزل عليك كتاباً وإن الله قد عهد إلينا في التوراة أن لا نؤمن لرسول يزعم أنه من عند الله حتى يأتينا بقربان تأكله النار فإن جئتنا به صدقناك فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

        قوله تعالى ‏{‏وَلتَسمَعُنَّ مِنَ الَّذينَ أُوتوا الكِتابَ مِن قَبلِكُم وَمِنَ الَّذينَ أَشرَكوا أذىً كَثيراً‏}‏ الآية‏.‏

        أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد الفارسي قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون قال‏:‏ أخبرنا أبو حامد أحمد بن الحسن قال‏:‏ حدثنا محمد بن يحيى قال‏:‏ حدثنا أبو اليمان قال‏:‏ حدثنا شعيب عن الزهري قال‏:‏ أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه وكان من أحد الثلاثة الذين تيب عليهم أن كعب بن الأشرف اليهودي كان شاعراً وكان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم ويحرض عليه كفار قريش في شعره وكان النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وأهلها أخلاط منهم المسلمون ومنهم المشركون ومنهم اليهود فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يستصلحهم فكان المشركون واليهود يؤذونه ويؤذون أصحابه أشد الأذى فأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالصبر على ذلك وفيهم أنزل الله ‏{‏وَلتَسمَعُنَّ مِنَ الَّذينَ أُوتوا الكِتابَ‏}‏ الآية‏.‏

        أخبرنا عمرو بن عمرو المزكي قال‏:‏ أخبرنا محمد بن مكي قال‏:‏ أخبرنا محمد بن يوسف قال‏:‏ أخبرنا محمد بن إسماعيل قال‏:‏ أخبرنا أبو اليمان قال‏:‏ أخبرنا شعيب عن الزهري قال‏:‏ أخبرني عروة بن الزبير أن أسامة بن زيد أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب على حمار على قطيفة فدكية وأردف أسامة بن زيد وسار يعود سعد بن عبادة في بني الحرث بن الخزرج قبل وقعة بدر حتى مر بمجلس فيه عبد الله بن أبي وذلك قبل أن يسلم عبد الله بن أبي فإذا في المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود وفي المجلس عبد الله بن رواحة فلما غشى المجلس عجاجة الدابة خمر عبد الله بن أبي أنفه بردائه ثم قال‏:‏ لا تغبروا علينا فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وقف فنزل ودعاهم إلى الله وقرأ عليهم القرآن فقال عبد الله بن أبي‏:‏ أيها المرء إنه لا أحسن مما تقول إن كان حقاً فلم تؤذينا به في مجالسنا ارجع إلى رحلك فمن جاءك فاقصص عليه فقال عبد الله بن رواحة‏:‏ بلى يا رسول الله فاغشنا به في مجالسنا فإنا نحب ذلك واستب المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا يتساورون فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا ثم ركب النبي صلى الله عليه وسلم دابته وسار حتى دخل على سعد بن عبادة فقال له‏:‏ يا سعد ألم تسمع ما قال أبو حباب يريد عبد الله بن أبي قال‏:‏ كذا وكذا فقال سعد بن عبادة‏:‏ يا رسول الله اعف عنه واصفح فوالذي أنزل عليك الكتاب لقد جاء الله بالحق الذي نزل عليك وقد اصطلح أهل هذه البحيرة على أن يتوجوه ويعصبوه بالعصابة فلما رد الله ذلك بالحق الذي أعطاك شرق بذلك فذلك فعل به ما رأيت فعفا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى ‏{‏وَلتَسمَعَنَّ مِنَ الَّذينَ أُوتوا الكِتابَ مِن قَبلِكُم وَمِنَ الَّذينَ أَشرَكوا أَذىً كَثيراً‏}‏ الآية‏.‏

        قوله ‏{‏لا تَحسَبَنَّ الَّذينَ يَفرَحونَ بِما أَتَوا‏}‏ الآية‏.‏

        أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن أحمد بن جعفر قال‏:‏ أخبرنا أبو الهيثم المروزي قال‏:‏ أخبرنا محمد بن يوسف قال‏:‏ أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال‏:‏ أخبرنا سعيد بن أبي مريم قال‏:‏ حدثنا محمد بن جعفر قال‏:‏ حدثنا زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أن رجالاً من المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الغزو تخلفوا عنه فإذا قدم اعتذروا إليه وحلفوا وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا فنزلت ‏{‏لا تَحسَبَنَّ الَّذينَ يَفرَحونَ بِما أَتَوا‏}‏ الآية‏.‏

        ورواه مسلم عن الحسن بن علي الحلواني على ابن أبي مريم‏.‏

        أخبرنا أبو عبد الرحمن الشاذياخي قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي قال‏:‏ أخبرنا محمد بن جهل قال‏:‏ أخبرنا جعفر بن عوف قال‏:‏ حدثنا هشام بن سعد قال‏:‏ حدثنا يزيد بن أسلم أن مروان بن الحكم كان يوماً وهو أمير على المدينة عنده أبو سعيد الخدري وزيد بن ثابت ورافع بن خديج فقال مروان‏:‏ يا أبا سعيد أرأيت قوله تعالى ‏{َلا تَحسَبَنَّ الَّذينَ يَفرَحونَ بِما أَتَوا وَّيُحِبّونَ أَن يُحمَدوا بِما لَم يَفعَلوا‏}‏ والله إنا لنفرح بما أتينا ونحب أن نحمد بما لم نفعل فقال أبو سعيد‏:‏ ليس هذا في هذا وإنما كان رجال في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلفون عنه وعن أصحابه في المغازي فإذا كانت فيهم النكبة وما يكره فرحوا بتخلفهم فإذا كان فيهم ما يحبون حلفوا لهم وأحبوا أن أخبرنا سعيد بن محمد الزاهد قال‏:‏ أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال‏:‏ أخبرنا أبو حامد بن الشرقي قال‏:‏ حدثنا أبو الأزهر قال‏:‏ حدثنا عبد الرزاق قال‏:‏ أخبرنا ابن جريج قال‏:‏ أخبرني ابن أبي مليكة أن علقمة بن وقاص أخبره أن مروان قال لرافع بوابه‏:‏ اذهب إلى ابن عباس وقل له‏:‏ لئن كان امرؤ منا فرح بما أتى وأحب أن يحمد بما لم يفعل عذب لنعذبن أجمعين فقال ابن عباس‏:‏ مالكم ولهذا إنما دعا النبي صلى الله عليه وسلم يهود فسألهم عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره فأروه أن قد استحمدوا إليه بما أخبروه عنه فيما سألهم وفرحوا بما أتوا من كتمانهم إياه ثم قرأ ابن عباس ‏{‏وإِذ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذينَ أُوتوا الكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلناسِ‏}‏ رواه البخاري عن إبراهيم بن موسى عن هشام‏.‏

        ورواه مسلم عن زهير بن حرب عن حجاج كلاهما عن ابن جريج‏.‏

        وقال الضحاك‏:‏ كتب يهود المدينة إلى يهود العراق واليمن ومن بلغهم كتابهم من اليهود في الأرض كلها‏:‏ إن محمداً ليس نبي الله فاثبتوا على دينكم واجمعوا كلمتكم على ذلك فأجمعت كلمتهم على الكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن ففرحوا بذلك وقالوا‏:‏ الحمد لله الذي جمع كلمتنا ولم نتفرق ولم نترك ديننا وقالوا‏:‏ نحن أهل الصوم والصلاة ونحن أولياء الله فذلك قول الله تعالى ‏{‏يَفرَحونَ بِما أَتَوا‏}‏ بما فعلوا ‏{‏وَيُحِبّونَ أَن يُحمَدوا بِما لَم يَفعَلوا‏}‏ يعني بما ذكروا من الصوم قوله ‏{‏إِنَّ في خَلقِِ السَمَواتِ وَالأَرضِ‏}‏ الآية‏.‏

        أخبرنا أبو إسحاق المقري قال‏:‏ أخبرنا عبد الله بن حامد قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن محمد بن يحيى العبيدي قال‏:‏ حدثنا أحمد بن نجدة قال‏:‏ حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال‏:‏ حدثنا يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال‏:‏ أتت قريش اليهود فقالوا ما جاءكم به موسى من الآيات قالوا‏:‏ عصاه ويده بيضاء للناظرين وأتوا النصارى فقالوا‏:‏ كيف كان عيسى فيكم فقالوا‏:‏ يبريء الأكمه والأبرص ويحي الموتى فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

        فقالوا‏:‏ ادع لنا ربك يجعل الصفا ذهباً فأنزل الله ‏{‏إِنَّ في خَلقِ السَمَواتِ وَالأَرضِ وَاِختِلافِ اللَّيلِ وَالنَهارِ لآياتٍ لأُولي الأَلبابِ‏}‏‏.‏

        قوله تعالى ‏{‏فَاِستَجابَ لَهُم رَبُّهُم‏}‏ الآية‏.‏

        أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم النصراباذي قال‏:‏ أخبرنا أبو عمرو إسماعيل بن نجيد قال‏:‏ حدثنا جعفر بن محمد بن سوار قال‏:‏ أخبرنا قتيبة بن سعيد عن سفيان عن عمرو بن دينار عن سلمة بن عمرو بن أبي سلمة رجل من ولد أم سلمة قال‏:‏ قالت أم سلمة‏:‏ يا رسول الله لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء فأنزل الله تعالى ‏{‏فَاِستَجابَ لَهُم رَبُّهُم أَنّي لا أُضيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِّنكُم مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى‏}‏ الآية‏.‏

        رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه عن ابن عون محمد بن أحمد بن ماهان عن محمد بن علي بن زيد عن قوله تعالى ‏{‏لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبَ الَّذينَ كَفَروا في البِلادِ‏}‏ نزلت في مشركي مكة وذلك أنهم كانوا في رخاء ولين من العيش وكانوا يتجرون ويتنعمون فقال بعض المؤمنين‏:‏ إن أعداء الله فيما نرى من الخير وقد هلكنا من الجوع والجهد فنزلت هذه الآية‏.‏

        قوله ‏{‏وَإِنَّ مِن أَهلِ الكِتابِ لَمَن يُؤمِنُ بِاللهِ‏}‏ الآية‏.‏

        قال جابر بن عبد الله وأنس وابن عباس وقتادة‏:‏ نزلت في النجاشي وذلك لما مات نعاه جبريل عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي مات فيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه‏:‏ اخرجوا فصلوا على أخ لكم مات بغير أرضكم فقالوا‏:‏ ومن هو فقال‏:‏ النجاشي فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البقيع وكشف له من المدينة إلى أرض الحبشة فأبصر سرير النجاشي وصلى عليه وكبر أربع تكبيرات واستغفر له وقال لأصحابه‏:‏ استغفروا له فقال المنافقون‏:‏ انظروا إلى هذا يصلي على علج حبشي نصراني لم يره قط وليس على دينه فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

        أخبرنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن عبد الله بن يوسف قال‏:‏ حدثنا أبو عمرو محمد بن جعفر بن مطر إملاء قال‏:‏ أخبرني جعفر بن محمد بن سنان الواسطي قال‏:‏ أخبرنا أبو هاني محمد بن بكار الباهلي قال‏:‏ حدثنا المعتمر بن سليمان عن حميد عن أنس قال‏:‏ قال نبي الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه‏:‏ قوموا فصلوا على أخيكم النجاشي فقال بعضهم لبعض‏:‏ يأمرنا أن نصلي على علج من الحبشة فأنزل الله تعالى ‏{‏وَإِنَّ مِن أَهلِ الكِتابِ لَمَن يُؤمِنُ بِاللهِ وَما أُنزِلَ إِليكُم‏}‏ الآية‏.‏

        وقال مجاهد وابن جريج وابن زيد‏:‏ نزلت في مؤمني أهل الكتاب كلهم‏.‏

        قوله تعالى ‏{‏يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا اِصبِروا وَصابِروا‏}‏ الآية‏.‏

        أخبرنا سعيد بن أبي عمرو الحافظ قال‏:‏ أخبرنا أبو علي الفقيه قال‏:‏ حدثنا محمد بن معاذ الباليني قال‏:‏ حدثنا الحسين بن الحسن بن حرب المروزي قال‏:‏ حدثنا ابن المبارك قال‏:‏ أخبرنا مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير قال‏:‏ حدثني داود بن صالح قال‏:‏ قال أبو سلمة بن عبد الرحمن‏:‏ يا ابن أخي هل تدري في أي شيء نزلت هذه الآية ‏{‏يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا اِصبِروا وَصابِروا وَرابِطوا‏}‏ قال‏:‏ قلت لا قال‏:‏ إنه يا ابن أخي لم يكن في زمان النبي صلى الله عليه وسلم ثغر يرابط فيه ولكن انتظار الصلاة خلف الصلاة‏.‏

        رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه عن أبي محمد المزني عن أحمد بن نجدة عن سعيد بن منصور عن ابن المبارك‏.‏

        تعليق

        • مــــــاســـه
          عضو جديد

          • 20 - 10 - 2006
          • 1655

          #34
          رد: سبب نزول سورة آل عمران ( الجزء الأول )

          تعليق

          • مــــــاســـه
            عضو جديد

            • 20 - 10 - 2006
            • 1655

            #35
            رد: سبب نزول سورة آل عمران ( الجزء الثاني )

            تعليق

            • مــــــاســـه
              عضو جديد

              • 20 - 10 - 2006
              • 1655

              #36
              رد: سبب نزول سورة آل عمران ( الجزء الثالث )

              تعليق

              • مــــــاســـه
                عضو جديد

                • 20 - 10 - 2006
                • 1655

                #37
                رد: سبب نزول سورة آل عمران ( الجزء الرابع )

                تعليق

                • مشعل العصباني
                  عضو جديد

                  • 4 - 5 - 2005
                  • 7364

                  #38
                  رد: سبب نزول سورة آل عمران ( الجزء الرابع )

                  تعليق

                  • مشعل العصباني
                    عضو جديد

                    • 4 - 5 - 2005
                    • 7364

                    #39
                    رد: سبب نزول سورة آل عمران ( الجزء الثالث )

                    شكرا على المرور

                    تعليق

                    • مشعل العصباني
                      عضو جديد

                      • 4 - 5 - 2005
                      • 7364

                      #40
                      رد: سبب نزول سورة آل عمران ( الجزء الثاني )

                      يعطيك العافية على المرور

                      تعليق

                      • مشعل العصباني
                        عضو جديد

                        • 4 - 5 - 2005
                        • 7364

                        #41
                        رد: سبب نزول سورة آل عمران ( الجزء الأول )

                        تعليق

                        • مشعل العصباني
                          عضو جديد

                          • 4 - 5 - 2005
                          • 7364

                          #42
                          سبب نزول سورة النساء ( الجزء الأول )

                          قوله عز وجل ‏{‏وَآَتوا اليَتامى أََموالَهُم‏}‏ الآية‏.‏

                          قال مقاتل والكلبي‏:‏ نزلت في رجل من غطفان كان عنده مال كثير لابن أخ له يتيم فلما بلغ اليتيم طلب المال فمنعه عمه فترافعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية فلما سمعها العم قال‏:‏ أطعنا الله وأطعنا الرسول نعوذ بالله من الحوب الكبير فدفع إليه ماله فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ من يوق شح نفسه ورجع به هكذا فإنه يحل داره يعني جنته فلما قبض الفتى ماله أنفقه في سبيل الله تعالى فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ثبت الأجر وبقي الوزر فقالوا‏:‏ يا رسول الله قد عرفنا أنه ثبت الأجر فكيف بقي الوزر وهو ينفق في سبيل الله فقال‏:‏ ثبت الأجر للغلام وبقي الوزر على والده‏.‏

                          قوله ‏{‏وإِن خِفتُم أَلّا تُقسِطوا في اليَتامى‏}‏ الآية‏.‏

                          أخبرنا أبو بكر التميمي أخبرنا عبد الله بن محمد قال‏:‏ حدثنا أبو يحيى قال‏:‏ حدثنا سهل بن عثمان قال‏:‏ حدثنا يحيى بن أبي زائدة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قوله تعالى ‏{‏َإِن خِفتُم أَلّا تُقسِطوا‏}‏ الآية‏.‏

                          قالت‏:‏ أنزلت هذه في الرجل يكون له اليتيمة وهو وليها ولها مال قال وليس لها أحد يخاصم دونها فلا ينكحها حباً لمالها ويضربها ويسيء صحبتها فقال الله تعالى ‏{‏وَإِن خِفتُم أَلّا تُقسِطوا في اليَتامى فانكِحوا ما طابَ لَكُم مِّنَ النِساءِ‏}‏يقول‏:‏ ما أحللت لك ودع هذه‏.‏

                          رواه مسلم عن أبي كريب عن أبي أسامة عن هشام‏.‏

                          وقال سعيد بن جبير وقتادة والربيع والضحاك والسدي‏:‏ كانوا يتحرجون عن أموال اليتامى ويترخصون في النساء ويتزوجون ما شاءوا فربما عدلوا وربما لم يعدلوا فلما سألوا عن اليتامى فنزلت آية اليتامى ‏{‏َوآتُوا اليَتامى أَموالَهُم‏}‏الآية‏.‏

                          أنزل الله تعالى أيضاً ‏{‏وَإِن خِفتُم أَلاّ تُقسِطوا في اليَتامى‏}‏الآية‏.‏

                          يقول‏:‏ كما خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فكذلك فخافوا في النساء أن لا تعدلوا فيهن فلا تتزوجوا أكثر ما يمكنكم القيام بحقهن لأن النساء كاليتامى في الضعف والعجز وهذا قول ابن عباس في رواية الوالبي‏.‏

                          قوله تعالى ‏{‏َواِبتَلوا اليَتامى‏}‏الآية‏.‏

                          نزلت في ثابت بن رفاعة وفي عمه وذلك أن رفاعة توفي وترك ابنه ثابتاً وهو صغير فأتى عم ثابت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ إن ابن أخي يتيم في حجري فما يحل لي من ماله ومتى أدفع إليه ماله فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

                          قوله تعالى ‏{‏ِللرِجالِ نَصيبٌ مِمّا تَرَكَ الوالِدانِ وَالأَقرَبونَ‏}‏ الآية‏.‏

                          قال المفسرون‏:‏ إن أوس بن ثابت الأنصاري توفي وترك امرأة يقال لها أم كحة وثلاث بنات له منها فقام رجلان هما ابنا عم الميت ووصياه يقال لهما سويد وعرفجة فأخذا ماله ولم يعطيا امرأته شيئاً ولا بناته وكانوا في الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصغير وإن كان ذكراً إنما يورثون الرجال الكبار وكانوا يقولون‏:‏ لا يعطى إلا من قاتل على ظهور الخيل وحاز الغنيمة فجاءت أم كحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت‏:‏ يا رسول الله إن أوس بن ثابت مات وترك علي بنات وأنا امرأة وليس عندي ما أنفق عليهن وقد ترك أبوهن مالاً حسناً وهو عند سويد وعرفجة لم يعطياني ولا بناته من المال شيئاً وهن في حجري ولا يطعماني ولا يسقياني ولا يرفعان لهن رأساً فدعاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا‏:‏ يا رسول الله ولدها لا يركب فرساً ولا يحمل كلاً ولا ينكى عدواً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ انصرفوا حتى أنظر ما يحدث الله لي فيهن فانصرفوا فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

                          قوله ‏{‏إِنَّ الَّذينَ يَأَكُلونَ أَموالَ اليَتامى ظُلماً‏}‏ الآية‏.‏

                          قال مقاتل بن حيان‏:‏ نزلت في رجل من غطفان يقال له مرثد بن زيد ولي مال ابن أخيه وهو يتيم صغير فأكله فأنزل الله فيه هذه الآية‏.‏

                          قوله ‏{‏يُوصِيكُمُ اللهُ في أَولادِكُم‏}‏ الآية‏.‏

                          أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر قال‏:‏ أخبرنا الحسن بن أحمد المخلدي قال‏:‏ أخبرنا المؤمل بن الحسين بن عيسى قال‏:‏ حدثنا الحسين بن محمد بن الصباح قال‏:‏ حدثنا الحجاج عن ابن جريج قال‏:‏ أخبرني ابن المنكدر عن جابر قال‏:‏ عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في بني سلمة يمشيان فوجداني لا أعقل فدعا بماء فتوضأ ثم رش علي منه فأفقت فقلت‏:‏ كيف أصنع في مالي يا رسول الله فنزلت ‏{‏يُوصيكُمُ الله ُفي أَولادِكُم‏}‏ الآية‏.‏

                          رواه البخاري عن إبراهيم بن موسى عن هشام ورواه مسلم عن محمد بن حاتم عن صباح كلاهما عن ابن جريج‏.‏

                          أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد المنصوري قال‏:‏ أخبرنا علي بن عمر بن المهدي قال‏:‏ حدثنا يحيى بن صاعد قال‏:‏ حدثنا أحمد بن المقدام قال‏:‏ حدثنا بشر بن الفضل قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله قال‏:‏ جاءت امرأة بابنتين لها فقالت‏:‏ يا رسول الله هاتان بنتا ثابت بن قيس أو قالت سعد بن الربيع قتل معك يوم أحد وقد استفاء عمهما مالهما وميراثهما فلم يدع لهما مالاً إلا أخذه فما ترى يا رسول الله فوالله ما ينكحان أبداً إلا ولهما مال فقال‏:‏ يقضي الله في ذلك فنزلت سورة النساء وفيها ‏{‏يُوصيكُمُ اللهُ في أَولادِكُم لِلذَكَرِ مِثلُ حَظُ الأُنثَيَينِ‏}‏ إلى آخر الآية فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ادع لي المرأة وصاحبها فقال لعمهما‏:‏ أعطهما الثلثين وأعط أمهما الثمن وما بقي فلك‏.‏

                          قوله تعالى ‏{‏يا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا لا يَحِلُّ لَكُم أَن تَرِثُوا النِساءَ كَرهاً‏}‏ الآية‏.‏

                          أخبرنا أبو بكر الأصفهاني قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن محمد الأصفهاني قال‏:‏ حدثنا أبو يحيى قال‏:‏ حدثنا سهل بن عثمان قال‏:‏ حدثنا أسباط بن محمد عن الشيباني عن عكرمة عن ابن عباس قال أبو إسحاق الشيباني وذكره عطاء بن الحسين السوائي ولا أظنه إلا ذكره عن ابن عباس هذه الآية ‏{‏يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا يَحِلُّ لَكُم أَن تَرِثُوا النِساءَ كَرهاً‏}‏ قال‏:‏ كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته إن شاء بعضهم تزوجها وإن شاءوا زوجوها وإن شاءوا لم يزوجوها وهم أحق بها من أهلها فنزلت هذه الآية في ذلك‏.‏

                          رواه البخاري في التفسير عن محمد بن مقاتل‏.‏

                          ورواه في كتاب الإكراه عن حسين بن منصور كلاهما عن أسباط‏.‏

                          قال المفسرون‏:‏ كان أهل المدينة في الجاهلية وفي أول الإسلام إذا مات الرجل وله امرأة جاء ابنه من غيرها أو قرابته من عصبته فألقى ثوبه على تلك المرأة فصار أحق بها من نفسها ومن غيره فإن شاء أن يتزوجها تزوجها بغير صداق إلا الصداق الذي أصدقها الميت وإن شاء زوجها غير وأخذ صداقها ولم يعطها شيئاً وإن شاء عضلها وضارها لتفتدي منه بما ورثت من الميت‏.‏

                          أو تموت هي فيرثها فتوفي أبو قيس بن الأسلت الأنصاري وترك امرأة كبيشة بنت معن الأنصارية فقام ابن له من غيرها يقال له حصن وقال مقاتل‏:‏ اسمه قيس بن أبي قيس فطرح ثوبه عليها فورث نكاحها ثم تركها فلم يقربها ولم ينفق عليها يضارها لتفتدي منه بمالها فأتت كبيشة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت‏:‏ يا رسول الله إن أبا قيس توفي وورث ابنه نكاحي وقد أضرني وطول علي فلا هو ينفق علي ولا يدخل بي ولا هو يخلي سبيلي فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ اقعدي في بيتك حتى يأتي فيك أمر الله قال‏:‏ فانصرفت وسمعت بذلك النساء في المدينة فأتين رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلن‏:‏ ما نحن إلا كهيئة كبيشة غير أنه لم ينكحها الأبناء ونكحنا بنو العم فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

                          قوله ‏{‏وَلا تَنكِحوا ما نَكَحَ آَباؤُكُم مِّنَ النِساءِ‏}‏ الآية‏.‏

                          نزلت في حصن بن أبي قيس تزوج امرأة أبيه كبيشة بنت معن وفي الأسود بن خلف تزوج امرأة أبيه وصفوان بن أمية بن خلف تزوج امرأة أبيه فاختة بنت الأسود بن المطلب وفي منصور بن ماذن تزوج امرأة أبيه مليكة بنت خارجة‏.‏

                          وقال أشعث بن سوار توفي أبو قيس وكان من صالحي الأنصار فخطب ابنه قيس امرأة أبيه فقالت‏:‏ إني أعدك ولداً ولكني آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم أستأمره فأتته فأخبرته فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

                          قوله تعالى ‏{‏وَالمُحصَناتُ مِنَ النِساءِ إِلّا ما مَلَكَت أَيمانُكُم‏}‏ أخبرنا محمد بن عبد الرحمن البناني قال‏:‏ أخبرنا محمد بن أحمد بن حمدان قال‏:‏ أخبرنا أبو يعلى قال‏:‏ أخبرنا عمر الناقد قال‏:‏ حدثنا أبو أحمد الزبيري قال‏:‏ حدثنا سفيان عن عثمان البتي عن أبي الخليل عن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ أصبنا سبايا يوم أوطاس لهن أزواج فكرهنا أن نقع عليهن فسألنا النبي عليه الصلاة والسلام فنزلت ‏{‏وَالمُحصَناتُ مِنَ النِساءِ إِلاّ ما مَلَكَت أَيمانُكُم‏}‏ فاستحللناهن‏.‏

                          أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد بن الحارث قال‏:‏ أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال‏:‏ حدثنا أبو يحيى قال‏:‏ حدثنا سهل بن عثمان وقال عبد الرحيم عن أشعث بن سوار عن عثمان البتي عن أبي الخليل عن أبي سعيد قال‏:‏ لما سبا رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل أوطاس قلنا يا نبي الله كيف نقع على نساء قد عرفنا أنسابهن وأزواجهن فنزلت هذه الآية ‏{‏وَالمُحصَناتُ مِنَ النِساءِ إِلاّ ما مَلَكَت أَيمانُكُم‏}‏‏.‏

                          أخبرنا أبو مكي الفارسي أخبرنا محمد بن عيسى بن عمرويه حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان حدثنا مسلم بن الحجاج حدثني عبيد الله بن عمر القواريري حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد بن عروة عن قتادة عن صالح أبي خليل عن أبي علقمة الهاشمي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين بعث جيشاً إلى أوطاس ولقى عدواً فقاتلوهم فظهروا عليهم وأصابوا لهم سبايا وكان ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين فأنزل الله في ذلك ‏{‏وَالمُحصَناتُ مِنَ النِساءِ إِلاّ ما مَلَكَت أَيمانُكُم‏}‏‏.‏

                          قوله ‏{‏وَلا تَتَمَنَّوا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعضَكُم عَلى بَعضٍ‏}‏ أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم الصوفي أخبرنا إسماعيل بن نجيد حدثنا جعفر بن محمد بن سوار أخبرنا قتيبة حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال‏:‏ قالت أم سلمة‏:‏ يا رسول الله تغزو الرجال ولا نغزو وإنما لنا نصف الميراث فأنزل الله تعالى ‏{‏وَلا تَتَمنوا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعضَكُم عَلى بَعضٍ‏}‏‏.‏

                          أخبرنا محمد بن عبد العزيز أن محمد بن الحسين أخبرهم عن محمد بن يحيى بن يزيد أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عتاب بن بشير عن حصيف عن عكرمة أن النساء سألن الجهاد فقلن‏:‏ وددنا أن الله جعل لنا الغزو فنصيب من الأجر ما يصيب الرجال فأنزل الله تعالى ‏{‏وَلا تَتَمَنَّوا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعضَكُم عَلى بَعضٍ‏}‏‏.‏

                          وقال قتادة والسدي‏:‏ لما نزل قوله ‏{‏لِلذَكَرِ مِثلُ حَظِ الأُنثَيَينِ‏}‏ قال الرجال‏:‏ إنا لنرجو أن نفضل على النساء بحسناتنا في الآخرة كما فضلنا عليهن في الميراث فيكون أجرنا على الضعف من أجر النساء وقالت النساء‏:‏ إنا لنرجو أن يكون الوزر علينا نصف ما على الرجال في الآخرة كما لنا الميراث على النصف من نصيبهم في الدنيا فأنزل الله تعالى ‏{‏وَلا تَتَمَنَّوا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعضَكُم عَلى بَعضٍ‏}‏‏.‏

                          قوله تعالى ‏{‏وَلِكُلٍّ جَعَلنا مَوالِيَ‏}‏ الآية‏.‏

                          أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الفارسي قال‏:‏ حدثنا محمد بن عبد الله بن حمويه الهروي قال‏:‏ أخبرنا محمد بن محمد الموافي قال‏:‏ حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع قال‏:‏ أخبرني شعيب بن أبي حمزة عن الزهري قال‏:‏ قال سعيد بن المسيب‏:‏ نزلت هذه الآية ‏{‏وَلِكُلٍّ جَعَلنا مَوالِيَ مِمّا تَرَكَ الوالِدانِ والأَقرَبونَ‏}‏ في الذين كانوا يتبنون رجالاً غير أبنائهم ويورثونهم فأنزل الله تعالى فيهم أن يجعل لهم نصيب في الوصية ورد الله تعالى الميراث إلى الموالي من ذوي الرحم والعصبة وأبى أن يجعل للمدعين ميراث من ادعاهم ويتبناهم ولكن جعل نصيباً في الوصية‏.‏

                          قوله تعالى ‏{‏الرِجالُ قَوّامونَ عَلى النِساءِ‏}‏ الآية‏.‏

                          قال مقاتل‏:‏ نزلت هذه الآية في سعد بن الربيع وكان من النقباء وامرأته حبيبة بنت زيد بن أبي هريرة وهما من الأنصار وذلك أنها نشزت عليه فلطمها فانطلق أبوها معها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ أفرشته كريمتي فلطمها فقال النبي صلى الله عليه وسلم لتقتص من زوجها وانصرفت مع أبيها لتقتص منه فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ارجعوا هذا جبريل عليه السلام أتاني وأنزل الله تعالى هذه الآية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أردنا أمراً وأراد الله أمراً والذي أراد الله خير ورفع القصاص‏.‏

                          أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد الزاهد قال‏:‏ أخبرنا زاهد بن أحمد قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن الحسين بن الجنيد قال‏:‏ حدثنا زياد بن أيوب قال‏:‏ حدثنا هشيم قال‏:‏ حدثنا يونس عن الجهني أن رجلاً لطم امرأته فخاصمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجاء معها أهلها فقالوا‏:‏ يا رسول الله إن فلاناً لطم صاحبتنا فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ القصاص القصاص ويقضي قضاء فنزلت هذه الآية ‏{‏الرِجالُ قَوّامونَ عَلى النِساءِ‏}‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ أخبرنا أبو بكر الحارثي قال‏:‏ أخبرنا أبو الشيخ الحافظ قال‏:‏ حدثنا أبو يحيى الرازي قال‏:‏ حدثنا سهل العسكري قال‏:‏ حدثنا علي بن هشام عن إسماعيل عن الحسن قال‏:‏ لما نزلت آية القصاص بين المسلمين لطم رجل امرأته فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت‏:‏ إن زوجي لطمني فالقصاص قال القصاص فبينا هو كذلك أنزل الله تعالى ‏{‏الرِجالُ قَوّامونَ عَلى النِساءِ بِما فَضَّلَ الله ُبَعضَهُم عَلى بَعضٍ‏}‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ أردنا أمراً فأبى الله تعالى خذ أيها الرجل بيد امرأتك‏.‏

                          قوله تعالى ‏{‏الَّذينَ يَبخَلونَ وَيأَمُرونَ الناسَ بِالبُخلِ‏}‏ قال أكثر المفسرين‏:‏ نزلت في اليهود كتموا صفة محمد صلى الله عليه وسلم ولم يبينوها للناس وهم يجدونها مكتوبة عندهم في كتبهم‏.‏

                          وقال الكلبي‏:‏ هم اليهود بخلوا أن يصدقوا من أتاهم صفة محمد صلى الله عليه وسلم ونعته في كتابهم وقال مجاهد‏.‏

                          الآيات الثلاث إلى قوله ‏{‏عَليماً‏}‏ نزلت في اليهود‏.‏

                          وقال ابن عباس وابن زيد‏:‏ نزلت في جماعة من اليهود كانوا يأتون رجالاً من الأنصار يخالطونهم وينصحونهم ويقولون لهم‏:‏ لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر فأنزل الله تعالى ‏{‏الَّذينَ يَبخَلونَ وَيأمُرونَ الناسَ بِالبُخلِ‏}‏‏.‏

                          قوله تعالى ‏{‏يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَقرَبوا الصَلاةَ وَأَنتُم سُكارى‏}‏ الآية‏:‏ نزلت في أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يشربون الخمر ويحضرون الصلاة وهم نشاوى أخبرنا أبو بكر الأصفهاني قال‏:‏ أخبرنا أبو الشيخ الحافظ قال‏:‏ حدثنا أبو يحيى قال حدثنا سهل بن عثمان قال‏:‏ حدثنا أبو عبد الرحمن الإفريقي قال‏:‏ حدثنا عطاء عن أبي عبد الرحمن قال‏:‏ صنع عبد الرحمن بن عوف طعاماً ودعا أناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فطعموا وشربوا وحضرت صلاة المغرب فتقدم بعض القوم فصلى بهم المغرب فقرأ ‏{‏قُل يا أَيُّها الكافِرونَ‏}‏ فلم يقمها فأنزل الله تعالى ‏{‏يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَقرَبوا الصَلاةَ وَأَنتُم سُكارى حَتّى تَعلَموا ما تَقولونَ‏}‏‏.‏

                          قوله تعالى ‏{‏فَلَم تَجِدوا ماءً فَتَيَمَّموا صَعيداً طَيِّبا‏}‏ أخبرنا أبو عبد الله بن أبي إسحاق قال‏:‏ حدثنا أبو عمرو بن مطر قال‏:‏ حدثنا إبراهيم بن علي الذهلي قال‏:‏ حدثنا يحيى قال‏:‏ قرأت على مالك بن أنس عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها قالت‏:‏ خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقد لي فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه وأقام الناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء فأتى الناس إلى أبي بكر فقالوا‏:‏ ألا ترى ما صنعت عائشة أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالناس معه وليس معهم ماء فجاء أبو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذي قد نام فقال‏:‏ أجلست رسول الله والناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء قالت‏:‏ فعاتبني أبو بكر وقال‏:‏ ما شاء الله أن يقول فجعل يطعن بيده في خاصرتي فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصبح على غير ماء فأنزل الله تعالى آية التيمم فتيمموا فقال أسيد بن حضير وهو أحد النقباء‏:‏ ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر قالت عائشة‏:‏ فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته‏.‏

                          رواه البخاري عن إسماعيل بن أبي أويس ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك‏.‏

                          أخبرنا أبو محمد الفارسي قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عبد الله بن الفضل قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين الحافظ قال‏:‏ حدثنا محمد بن يحيى قال‏:‏ حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال‏:‏ حدثنا أبي عن أبي صالح عن ابن شهاب قال‏:‏ حدثني عبد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس عن عمار بن ياسر قال‏:‏ عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم بذات الجيش ومعه عائشة زوجته فانقطع عقد لها من جذع أظفار فحبس الناس ابتغاء عقدها ذلك حتى أضاء الفجر وليس معهم ماء فأنزل الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم قصة التطهر بالصعيد الطيب فقام المسلمون فضربوا بأيديهم الأرض ثم رفعوا أيديهم فلم يقبضوا من التراب شيئاً فمسحوا بها وجوههم وأيديهم إلى المناكب ومن بطون أيديهم إلى الآباط‏.‏

                          قال الزهري‏:‏ قوله تعالى ‏{‏أَِلَم تَرَ إِلى الَّذينَ يُزَكّونَ أَنفُسَهُم‏}‏ الآية‏.‏

                          قال الكلبي‏:‏ نزلت في رجال من اليهود أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأطفالهم وقالوا‏:‏ يا محمد هل على أولادنا هؤلاء من ذنب قال‏:‏ لا فقالوا‏:‏ والذي نحلف به ما نحن إلا كهيئتهم ما من ذنب نعمله بالنهار إلا كفر عنا بالليل وما من ذنب نعمله بالليل إلا كفر عنا بالنهار فهذا الذي زكوا به أنفسهم‏.‏

                          قوله تعالى ‏{‏أَلَم تَرَ إِلى الَّذينَ أَوُتوا نَصيباً مِنَ الكِتابِ يُؤمِنونَ بِالجِبتِ وَالطّاغوتِ‏}‏ أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى قال‏:‏ أخبرنا والدي قال‏:‏ حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي قال‏:‏ حدثنا عبد الجبار بن العلاء قال‏:‏ حدثنا سفيان عن عمرو عن عكرمة قال‏:‏ جاء حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف إلى أهل مكة فقالوا لهم‏:‏ أنتم أهل الكتاب وأهل العلم القديم فأخبرونا عنا وعن محمد فقالوا‏:‏ ما أنتم وما محمد قالوا‏:‏ نحن ننحر الكوماء ونسقي اللبن على الماء ونفك العاني ونصل الأرحام ونسقي الحجيج وديننا القديم ودين محمد الحديث قالا‏:‏ بل أنتم خير منه وأهدى سبيلاً فأنزل الله تعالى ‏{‏أَلَم تَرَ إِلى الَّذينَ أُوتوا نَصيباً مِنَ الكِتابِ‏}‏ إلى قوله تعالى ‏{‏وَمَن يَلعَنِ اللهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصيراً‏}‏‏.‏

                          وقال المفسرون‏:‏ خرج كعب بن الأشرف في سبعين راكباً من اليهود إلى مكة بعد وقعة أحد ليحالفوا قريشاً على غدر رسول الله صلى الله عليه وسلم وينقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل كعب على أبي سفيان ونزلت اليهود في دور قريش فقال أهل مكة‏:‏ إنكم أهل كتاب ومحمد صاحب كتاب ولا نأمن أن يكون هذا مكر منكم فإن أردت أن نخرج معك فاسجد لهذين الصنمين وآمن بهما فذلك قوله ‏{‏يُؤمِنونَ بِالجِبتِ وَالطّاغوتِ‏}‏ ثم قال كعب لأهل مكة‏:‏ ليجيء منكم ثلاثون ومنا ثلاثون فنلزق أكبادنا بالكعبة فنعاهد رب البيت لنجهدن على قتال محمد ففعلوا ذلك فلما فرغوا قال أبو سفيان لكعب‏:‏ إنك امرؤ تقرأ الكتاب وتعلم ونحن أميون لا نعلم فأينا أهدى طريقاً وأقرب إلى الحق أنحن أم محمد فقال كعب‏:‏ اعرضوا على دينكم فقال أبو سفيان‏:‏ نحن ننحر للحجيج الكوماء ونسقيهم الماء ونقري الضيف ونفك العاني ونصل الرحم ونعمر بيت ربنا ونطوف به ونحن أهل الحرم ومحمد فارق دين آبائه وقطع الرحم وفارق الحرم وديننا القديم ودين محمد الحديث فقال كعب‏:‏ أنتم والله أهدى سبيلاً مما هو عليه فأنزل الله تعالى ‏{‏أَلَم تَرَ إِلى الَّذينَ أُوتوا نَصيباً من الكتاب‏}‏ يعني كعباً وأصحابه الآية‏.‏

                          قوله تعالى ‏{‏أُولَئِكَ الذين لَعَنَهُمُ اللهُ‏}‏ الآية‏.‏

                          أخبرنا أحمد بن إبراهيم المقري قال‏:‏ أخبرنا أبو سفيان بن محمد قال‏:‏ أخبرنا مكي بن عبدان قال‏:‏ حدثنا أبو الأزهر قال‏:‏ حدثنا روح قال‏:‏ حدثنا سعيد عن قتادة قال‏:‏ نزلت هذه الآية في كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب رجلين من اليهود من بني النضر لقيا قريشاً بالموسم فقال لهما المشركون‏:‏ أنحن أهدى أم محمد وأصحابه فإنا أهل السدانة والسقاية وأهل الحرم فقالا‏:‏ بل أنتم أهدى من محمد فهما يعلمان أنهما كاذبان إنما حملهما على ذلك حسد محمد وأصحابه فأنزل الله تعالى ‏{‏أُولَئِكَ الَّذينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَن يَلعَنِ اللهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصيراً‏}‏ فلما رجعا إلى قومهما قال لهما قومهما‏:‏ إن محمداً يزعم أنه قد نزل فيكما كذا وكذا فقالا‏:‏ صدق والله ما حملنا على ذلك إلا بغضه وحسده‏.‏

                          قوله ‏{‏إِنَّ اللهَ يَأمُرُكُم أَن تُؤَدُّوا الأَماناتِ إِلى أَهلِها‏}‏ نزلت في عثمان بن طلحة الحجبي من بني عبد الدار كان سادن الكعبة فلما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح أغلق عثمان باب البيت وصعد السطح فطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم المفتاح فقيل‏:‏ إنه مع عثمان فطلب منه فأبى وقال‏:‏ لو علمت أنه رسول الله لم أمنعه المفتاح فلوى علي بن أبي طالب يده وأخذ منه المفتاح وفتح الباب فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت وصلى فيه ركعتين فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح ليجمع له بين السقاية والسدانة فأنزل الله تعالى هذه الآية فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً أن يرد المفتاح إلى عثمان ويعتذر إليه ففعل ذلك علي فقال له عثمان‏:‏ يا علي أكرهت وآذيت ثم جئت ترفق فقال‏:‏ لقد أنزل الله تعالى في شأنك وقرأ عليه هذه الآية فقال عثمان‏:‏ أشهد أن محمداً رسول الله وأسلم فجاء جبريل عليه السلام فقال‏:‏ ما دام هذا البيت فإن المفتاح والسدانة في أولاد عثمان وهو اليوم في أيديهم‏.‏

                          أخبرنا أبو حسان المزكي قال‏:‏ أخبرنا هارون بن محمد الاستراباذي قال‏:‏ حدثنا أبو محمد الخزاعي قال‏:‏ حدثنا أبو الوليد الأزرقي قال‏:‏ حدثنا جدي عن سفيان عن سعيد بن سالم عن ابن جريج عن مجاهد في قول الله تعالى ‏{‏إِنَّ اللهَ يَأمُرُكُم أَن تُؤَدُّوا الأَماناتِ إِلى أَهلِها‏}‏ قال‏:‏ نزلت في ابن طلحة قبض النبي صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة فدخل الكعبة يوم الفتح فخرج وهو يتلو هذه الآية فدعا عثمان فدفع إليه المفتاح وقال‏:‏ خذوها يا بني أبي طلحة بأمانة الله لا ينزعها منكم إلا ظالم‏.‏

                          أخبرنا أبو نصر المهرجاني قال‏:‏ حدثنا عبيد الله بن محمد الزاهد قال‏:‏ حدثنا أبو القاسم المقري قال‏:‏ حدثني أحمد بن زهير قال‏:‏ أخبرنا مصعب قال‏:‏ حدثنا شيبة بن عثمان بن أبي طلحة قال‏:‏ دفع النبي صلى الله عليه وسلم المفتاح إلي وإلى عثمان وقال‏:‏ خذوها يا بني أبي طلحة خالدة تالدة لا يأخذها منكم إلا ظالم فبنوا أبي طلحة الذين يلون سدانة الكعبة دون بني عبد الدار‏.‏

                          قوله تعالى ‏{‏يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا أَطيعوا اللهَ وَأَطيعوا الرَسولَ وَأُولي الأَمرِ مِنكُم‏}‏ أخبرنا أبو عبد الرحمن بن أبي حامد العدل قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر بن أبي زكريا الحافظ قال‏:‏ أخبرنا أبو حامد بن الشرقي قال‏:‏ حدثنا محمد بن يحيى قال حدثنا الحجاج بن محمد عن ابن جريج قال‏:‏ أخبرني يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى ‏{‏أَطيعوا اللهَ وَأَطيعوا الرَسولَ وَأُولي الأَمرِ مِنكُم‏}‏ قال‏:‏ نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية‏.‏

                          رواه البخاري عن صدقة بن فضل ورواه مسلم عن زهير بن حرب كلاهما عن حجاج وقال ابن عباس في رواية بأذان بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد في سرية إلى حي من أحياء العرب وكان معه عمار بن ياسر فسار خالد حتى إذا دنا من القوم عرض لكي يصبحهم فأتاهم النذير فهربوا عن رجل قد كان أسلم فأمر أهله أن يتأهبوا للمسير ثم انطلق حتى أتى عسكر خالد ودخل على عمار فقال‏:‏ يا أبا اليقظان إني منكم وإن قومي لما سمعوا بكم هربوا وأقمت لإسلامي أفنافعي ذلك أو أهرب كما هرب قومي فقال‏:‏ أقم فإن ذلك نافعك وانصرف الرجل إلى أهله وأمرهم بالمقام وأصبح خالد فغار على القوم فلم يجد غير ذلك الرجل فأخذه وأخذ ماله فأتاه عمار فقال‏:‏ خل سبيل الرجل فإنه مسلم وقد كنت أمنته وأمرته بالمقام فقال خالد‏:‏ أنت تجير علي وأنا الأمير فقال‏:‏ نعم أنا أجير عليكم وأنت الأمير فكان في ذلك بينهما كلام فانصرفوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه خبر الرجل فأمنه النبي صلى الله عليه وسلم وأجاز أمان عمار ونهاه أن يجير بعد ذلك على أمير بغير إذنه‏.‏

                          قال‏:‏ واستب عمار وخالد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأغلظ عمار لخالد فغضب خالد وقال‏:‏ يا رسول الله أتدع هذا العبد يشتمني فوالله لولا أنت ما شتمني وكان عمار مولى لهاشم بن المغيرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ يا خالد كف عن عمار فإنه من يسب عماراً يسبه الله ومن يبغض عماراً يبغضه الله فقام عمار فتبعه خالد فأخذ بثوبه وسأله أن يرضى عنه فرضي عنه فأنزل الله تعالى هذه الآية وأمر بطاعة أولي الأمر‏.‏

                          قوله تعالى ‏{‏أَلَم تَرَ إِلى الَّذينَ يَزعُمونَ أَنَّهُم آَمَنوا بِما أُنزِلَ إِليكَ وَما أُنزِلَ مِن قَبلِكَ يُريدونَ أَن يَتَحاكَموا إِلى الطّاغوتِ‏}‏ الآية‏.‏

                          أخبرنا سعيد بن محمد العدل قال‏:‏ أخبرنا أبو عمرو بن حمدان قال‏:‏ أخبرنا الحسن بن سفيان قال‏:‏ حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال‏:‏ حدثنا أبو اليمان قال‏:‏ حدثنا صفوان بن عمرو عن عكرمة عن ابن عباس قال‏:‏ كان أبو بردة الأسلمي كاهناً يقضي بين اليهود فيما يتنافرون إليه فتنافر إليه أناس من أسلم فأنزل الله تعالى ‏{‏أَلَم تَرَ إِلى الَّذينَ يَزعُمونَ‏}‏ إلى قوله ‏{‏رَفيقاً‏}‏‏.‏

                          أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم قال‏:‏ حدثنا أبو صالح بن شعيب بن محمد قال‏:‏ حدثنا أبو حامد التميمي قال‏:‏ حدثنا أبو الأزهر قال‏:‏ حدثنا رويم قال‏:‏ حدثنا سعيد عن قتادة قال‏:‏ ذكر لنا أن هذه الآية أنزلت في رجل من الأنصار يقال له قيس وفي رجل من اليهود في مماراة كانت بينهما في حق تدارءا فيه فتنافرا إلى كاهن بالمدينة ليحكم بينهما وتركا نبي الله صلى الله عليه وسلم فعاب الله تعالى ذلك عليهما وكان اليهودي يدعوه إلى نبي الله وقد علم أنه لن يجور عليه وجعل الأنصاري يأبى عليه وهو يزعم أنه مسلم ويدعوه إلى الكاهن فأنزل الله تعالى ما تسمعون وعاب على الذي يزعم أنه مسلم وعلى اليهودي الذي هو من أهل الكتاب فقال ‏{‏أَلَم تَرَ إِلى الَّذينَ يَزعُمونَ أَنَّهُم آَمَنوا بِما أُنزِلَ إِليكَ‏}‏ إلى قوله ‏{‏يَصُدونَ عَنكَ صُدوداً‏}‏‏.‏

                          أخبرني محمد بن عبد العزيز المروزي في كتابه قال‏:‏ أخبرنا محمد بن الحسين قال‏:‏ أخبرنا محمد بن يحيى قال‏:‏ أخبرنا إسحاق الحنظلي قال‏:‏ أخبرنا المؤملي قال حدثنا يزيد بن زريع عن داود عن الشعبي قال‏:‏ كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة فدعا اليهودي المنافق إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه علم أنه لا يقبل الرشوة ودعا المنافق اليهودي إلى حاكمهم لأنه علم أنهم يأخذون الرشوة في أحكامهم فلما اختلفا اجتمعا على أن يحكما كاهناً في جهينة فأنزل الله تعالى في ذلك ‏{‏أَلَم تَرَ إِلى الَّذينَ يَزعُمونَ أَنَّهُم آَمَنوا بِما أُنزِلَ إِليكَ‏}‏ يعني المنافق ‏{‏وَما أُنزِلَ مِن قَبلِكَ‏}‏ يعني اليهودي ‏{‏يُريدونَ أَن يَتَحاكَموا إِلى الطّاغوتِ‏}‏ إِلى قوله ‏{‏وَيُسَلِموا تَسليماً‏}‏‏.‏

                          وقال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس‏:‏ نزلت في رجل من المنافقين كان بينه وبين يهودي خصومه فقال اليهودي‏:‏ انطلق بنا إلى محمد وقال المنافق‏:‏ بل نأتي كعب بن الأشرف وهو الذي سماه الله تعالى الطاغوت فأبى اليهودي إلا أن يخاصمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأى المنافق ذلك أتى معه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختصما إليه فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهودي فلما خرجا من عنده لزمه المنافق وقال‏:‏ ننطلق إلى عمر بن الخطاب فأقبلا إلى عمر فقال اليهودي‏:‏ اختصمنا أنا وهذا إلى محمد فقضى عليه فلم يرض بقضائه وزعم أنه مخاصم إليك وتعلق بي فجئت إليك معه فقال عمر للمنافق‏:‏ أكذلك قال‏:‏ نعم فقال لهما‏:‏ رويداً حتى أخرج إليكما فدخل عمر وأخذ السيف فاشتمل عليه ثم خرج إليهما وضرب به المنافق حتى برد وقال‏:‏ هكذا أقضي لمن لم يرض بقضاء الله وقضاء رسوله وهرب اليهودي ونزلت هذه الآية وقال جبريل عليه السلام‏:‏ إن عمر فرق بين الحق والباطل فسمي الفاروق‏.‏

                          وقال السدي‏:‏ كان ناس من اليهود أسلموا ونافق بعضهم وكانت قريظة والنضير في الجاهلية إذا قتل رجل من بني قريظة رجلاً من بني النضير قتل به وأخذ ديته مائة وسق من تمر وإذا قتل رجل من بني النضير رجلاً من قريظة لم يقتل به وأعطى ديته ستين وسقاً من تمر وكانت النضير حلفاء الأوس وكانوا أكبر وأشرف من قريظة وهم حلفاء الخزرج فقتل رجل من بني النضير رجلاً من قريظة واختصموا في ذلك فقالت بنو النضير‏:‏ إنا وأنتم اصطلحنا في الجاهلية على أن يقتل منكم ولا تقتلوا منا وعلى أن ديتكم ستون وسقاً والوسق ستون صاعاً وديتنا مائة وسق فنحن نعطيكم ذلك فقالت الخزرج‏:‏ هذا شيء كنتم فعلتموه في الجاهلية لأنكم كثرتم وقللنا فقهرتمونا ونحن وأنتم اليوم أخوة وديننا ودينكم واحد وليس لكم علينا فضل فقال المنافقون‏:‏ انطلقوا إلى أبي بردة الكاهن الأسلمي وقال المسلمون‏:‏ لا بل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأبى المنافقون وانطلقوا إلى أبي بردة ليحكم بينهم فقال‏:‏ أعظموا اللقمة‏:‏ يعني الرشوة فقالوا‏:‏ لك عشرة أوسق قال‏:‏ لا بل مائة وسق ديتي فإني أخاف إن نفرت النضيري قتلتني قريظة وإن نفرت القريظي قتلتني النضير فأبوا أن يعطوه فوق عشرة أوسق وأبى أن يحكم بينهم فأنزل الله تعالى هذه الآية فدعا النبي صلى الله عليه وسلم كاهن أسلم إلى الإسلام فأبى فانصرف فقال النبي صلى الله عليه وسلم لابنيه‏:‏ أدركا أباكما فإنه إن جاوز عقبة كذا لم يسلم أبداً فأدركاه فلم يزالا به حتى انصرف وأسلم وأمر النبي صلى الله عليه وسلم منادياً فنادى‏:‏ ألا إن كاهن أسلم قد أسلم‏.‏

                          قوله تعالى ‏{‏فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤمِنونَ حَتّى يُحَكِّموكَ فيما شَجرَ بَينَهُم‏}‏ نزلت في الزبير بن العوام وخصمه حاطب بن أبي بلتعة وقيل هو ثعلبة بن حاطب‏.‏

                          أخبرنا أبو سعيد عبد الرحمن بن حمدان قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن جعفر بن مالك قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال‏:‏ حدثني أبي قال‏:‏ حدثنا أبو اليمان قال‏:‏ حدثنا شعيب عن الزهري قال‏:‏ أخبرني عروة بن الزبير عن أبيه أنه كان يحدث أنه خاصم رجلاً من الأنصار قد شهد بدراً إلى النبي صلى الله عليه وسلم في شراج الحرة كانا يسقيان بها كلاهما فقال النبي صلى الله عليه وسلم للزبير‏:‏ اسق ثم أرسل إلى جارك فغضب الأنصاري وقال‏:‏ يا رسول الله أن كان ابن عمتك فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال للزبير‏:‏ اسق ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر فاستوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير حقه وكان قبل ذلك أشار على الزبير برأي أراد فيه سعة للأنصاري وله فلما أحفظ الأنصاري رسول الله استوفى للزبير حقه في صريح الحكم قال عروة‏:‏ قال الزبير‏:‏ والله ما أحسب هذه الآية أنزلت إلا في ذلك ‏{‏فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤمِنونَ حَتّى يُحَكِّموكَ فيما شَجَرَ بَينَهُم ثُمَّ لا يَجِدوا في أَنفُسِهِم حَرَجاً مِّمّا قَضَيتَ وَيُسَلِموا تَسليماً‏}‏‏.‏

                          رواه البخاري عن علي بن عبد الله عن محمد بن جعفر عن معمر‏.‏

                          ورواه مسلم عن قتيبة عن الليث كلاهما عن الزهري‏.‏

                          أخبرنا أبو عبد الرحمن بن أبي حامد قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد الحافظ قال‏:‏ حدثنا أبو أحمد محمد بن محمد بن الحسن الشيباني قال‏:‏ حدثنا أحمد بن حماد زغبة قال‏:‏ حدثنا حماد بن يحيى بن هانيء البلخي قال‏:‏ حدثنا سفيان قال‏:‏ حدثني عمرو بن زياد عن أبي سلمة عن أم سلمة أن الزبير بن العوام خاصم رجلاً فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير فقال الرجل‏:‏ إنما قضى له أنه ابن عمته فأنزل الله تعالى ‏{‏فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤمِنونَ‏}‏ الآية‏.‏

                          تعليق

                          • مشعل العصباني
                            عضو جديد

                            • 4 - 5 - 2005
                            • 7364

                            #43
                            سبب نزول سورة النساء ( الجزء الثاني )

                            قوله تعالى ‏{‏وَمَن يَخرُج مِن بَيتِهِ مُهاجِراً إِلى اللهِ وَرَسولِهِ‏}‏ قال ابن عباس في رواية عطاء‏:‏ كان عبد الرحمن بن عوف يخبر أهل مكة بما ينزل فيهم من القرآن فكتب الآية التي نزلت ‏{‏إِن الَّذينَ تَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمي أَنفُسِهِم‏}‏ فلما قرأها المسلمون قال حبيب بن ضمرة الليثي لبنيه وكان شيخاً كبيراً‏:‏ احملوني فإني لست من المستضعفين وإني لا أهتدي إلى الطريق فحمله بنوه على سرير متوجهاً إلى المدينة فلما بلغ التنعيم أشرف على الموت فصفق يمينه على شماله وقال‏:‏ اللهم هذه لك وهذه لرسولك أبايعك على ما بايعتك يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومات حميداً فبلغ خبره أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ لو وافى المدينة لكان أتم أجراً فأنزل الله تعالى فيه هذه الآية‏.‏

                            أخبرنا أبو حسان المزني قال‏:‏ أخبرنا هرون بن محمد بن هرون قال‏:‏ أخبرنا إسحاق بن أحمد الخزاعي قال‏:‏ حدثنا أبو الوليد الأزرقي قال‏:‏ حدثنا جدي قال‏:‏ حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة قال‏:‏ كان بمكة ناس قد دخلهم الإسلام ولم يستطيعوا الهجرة فلما كان يوم بدر وخرج بهم كرهاً فقتلوا أنزل الله تعالى ‏{‏إِنَّ الَّذينَ تَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمي أَنفُسِهِم‏}‏ إلى قوله تعالى ‏{‏عَسى اللهُ أَن يَعفُوَ عَنهُم‏}‏ إلى آخر الآية‏.‏

                            قال‏:‏ وكتب بذلك من كان بالمدينة إلى من بمكة ممن أسلم فقال رجل من بني بكر وكان مريضاً أخرجوني إلى الروحاء فخرجوا به فخرج يريد المدينة فلما بلغ الحصحاص مات فأنزل الله تعالى ‏{‏وَمَن يَخرُج مِن بَيتِهِ مُهاجِراً إِلى اللهِ وَرَسولِهِ‏}‏‏.‏

                            قوله تعالى ‏{‏وَإِذا كُنتَ فيهِم فَأَقَمتَ لَهُمُ الصَلاةَ‏}‏ أخبرنا الأستاذ أبو عثمان الزعفراني المقري سنة خمس وعشرين قال‏:‏ أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي بن زياد السدي سنة ثلاث وستين قال‏:‏ أخبرنا أبو سعيد الفضل بن محمد الجزري بمكة في المسجد الحرام سنة أربع وثلثمائة قال‏:‏ أخبرنا يحيى بن زياد اللخمي قال‏:‏ حدثنا أبو قرة موسى بن طارق قال‏:‏ ذكر سفيان عن منصور عن مجاهد قال‏:‏ حدثنا أبو عياش الورقي قال‏:‏ صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الظهر فقال المشركون‏:‏ قد كانوا على حال لو كنا أصبنا منهم غرة قالوا‏:‏ تأتي عليهم صلاة هي أحب إليهم من آبائهم قال‏:‏ وهي العصر قال‏:‏ فنزل جبريل عليه السلام بهذه الآية بين الأولى والعصر ‏{‏وَإِذا كُنتَ فيهِم فَأَقَمتَ لَهُمُ الصَلاةَ‏}‏ وهم بعسفان وعلى المشركين خالد بن الوليد وهم بيننا وبين القبلة وذكر صلاة الخوف‏.‏

                            أخبرنا عبد الرحمن بن عبدان قال‏:‏ حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد الضبي قال‏:‏ حدثنا محمد بن يعقوب قال‏:‏ حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال‏:‏ حدثنا يونس بن بكير عن النضر عن عكرمة عن ابن عباس قال‏:‏ خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقي المشركين بعسفان فلما صلى رسول الله عليه الصلاة والسلام الظهر فرأوه يركع ويسجد هو وأصحابه قال بعضهم لبعض‏:‏ كان هذا فرصة لكم لو أغرتم عليهم ما علموا بكم حتى تواقعوهم فقال قائل منهم‏:‏ فإن لهم صلاة أخرى هي أحب إليهم من أهليهم وأموالهم فاستعدوا حتى تغيروا عليهم فيها فأنزل الله تبارك وتعالى على نبيه ‏{‏وَإِذا كُنتَ فيهِم فَأَقَمتَ لَهُمُ الصَلاةَ‏}‏ إلى آخر الآية‏.‏

                            وأعلم ما ائتمر به المشركون وذكر صلاة الخوف‏.‏

                            قوله تعالى ‏{‏إِنا أَنزَلنا إِليكَ الكِتابَ بِالحَقِّ لِتَحكُمَ بَينَ الناسِ بِما أَراكَ اللهُ‏}‏ الآية‏.‏

                            إلى قوله تعالى ‏{‏وَمَن يُشرِك بِاللهِ فَقَد ضَلَّ ضَلالاً بَعيداً‏}‏ أنزلت كلها في قصة واحدة‏.‏

                            وذلك أن رجلاً من الأنصار يقال له طعمة بن أبيرق أحد بني ظفر بن الحارث سرق درعاً من جار له يقال له قتادة بن النعمان وكانت الدرع في جراب فيه دقيق فجعل الدقيق ينتثر من خرق في الجراب حتى انتهى إلى الدار وفيها أثر الدقيق ثم خبأها عند رجل من اليهود يقال له زيد بن السمين فالتمست الدرع عند طعمة فلم توجد عنده وحلف لهم‏:‏ والله ما أخذها وما له به من علم فقال أصحاب الدرع‏:‏ بلى والله قد أدلج علينا فأخذها وطلبنا أثره حتى دخل داره فرأينا أثر الدقيق فلما أن حلف تركوه واتبعوا أثر الدقيق حتى انتهوا إلى منزل اليهودي فأخذوه فقال‏:‏ دفعها إلي طعمة بن أبيرق وشهد له أناس من اليهود على ذلك فقالت بنو ظفر وهم قوم طعمة‏:‏ انطلقوا بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فكلموه في ذلك فسألوه أن يجادل عن صاحبهم وقالوا‏:‏ إن لم تفعل هلك صاحبنا وافتضح وبريء اليهودي فهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يفعل وكان هواه معهم وأن يعاقب اليهودي حتى أنزل الله تعالى ‏{‏إِنا أَنزَلنا إِلَيكَ الكِتابَ بِالحَقِّ‏}‏ الآية كلها وهذا قول جماعة من المفسرين‏.‏

                            قوله تعالى ‏{‏لَّيسَ بِأَمانِّيكُم وَلا أَمانِيِّ أَهلِ الكِتابِ‏}‏ أخبرنا أبو بكر التميمي قال‏:‏ أخبرنا أبو محمد بن حيان قال‏:‏ حدثنا أبو يحيى قال‏:‏ حدثنا سهل قال‏:‏ حدثنا علي بن مسهر عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح قال‏:‏ جلس أهل الكتاب أهل التوراة وأهل الإنجيل وأهل الأديان كل صنف يقول لصاحبه‏:‏ نحن خير منكم فنزلت هذه الآية‏.‏

                            وقال مسروق وقتادة‏:‏ احتج المسلمون وأهل الكتاب فقال أهل الكتاب‏:‏ نحن أهدى منكم نبينا قبل نبيكم وكتابنا قبل كتابكم ونحن أولى بالله منكم وقال المسلمون‏:‏ نحن أهدى منكم وأولى بالله نبينا خاتم الأنبياء وكتابنا يقضي على الكتب التي قبله فأنزل الله تعالى هذه الآية ثم أفلج الله حجة المسلمين على من ناوأهم من أهل الأديان بقوله تعالى ‏{‏وَمَن يَعمَل مِن الصَالِحاتِ مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ‏}‏ وبقوله تعالى ‏{‏وَمَن أَحسَنُ ديناً مِّمَّن أَسلَمَ وَجهَهُ للهِ‏}‏ الآيتين‏.‏

                            قوله تعالى ‏{‏وَاِتَّبَعَ مِلَّةَ إِبراهيمَ حَنيفاً واِتَّخَذَ اللهُ إِبراهيمَ خَليلاً‏}‏ اختلفوا في سبب اتخاذ الله إبراهيم خليلاً فأخبرنا أبو سعيد النضروي قال‏:‏ أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسن السراج قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال‏:‏ حدثنا موسى بن إبراهيم المروزي قال‏:‏ حدثنا ابن ربيعة عن أبي قبيل عن عبد الله عن عمر قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏ يا جبريل لم اتخذ الله إبراهيم خليلاً قال‏:‏ لإطعامه الطعام يا محمد‏.‏

                            وقال عبد الله بن عبد الرحمن البزي‏:‏ دخل إبراهيم فجاءه ملك الموت في صورة شاب لا يعرفه قال له إبراهيم‏:‏ بإذن من دخلت فقال‏:‏ بإذن رب المنزل فعرفه إبراهيم عليه السلام فقال له ملك الموت‏:‏ إن ربك اتخذ من عباده خليلاً قال إبراهيم‏:‏ ومن ذلك قال‏:‏ وما تصنع به قال‏:‏ أكون خادماً له حتى أموت قال‏:‏ فإنه أنت‏.‏

                            وقال الكلبي عن ابن صالح عن ابن عباس‏:‏ أصاب الناس سنة جهدوا فيها فحشروا إلى باب إبراهيم عليه الصلاة والسلام يطلبون الطعام وكانت الميرة له كل سنة من صديق له بمصر فبعث غلمانه بالإبل إلى مصر يسأله الميرة فقال خليله‏:‏ لو كان إبراهيم إنما يريد لنفسه احتملنا ذلك له وقد دخل علينا ما دخل على الناس من الشدة فرجع رسل إبراهيم فمروا ببطحاء فقالوا‏:‏ لو احتملنا من هذه البطحاء ليرى الناس أنا قد جئنا بالميرة إنا نستحيي أن نمر بهم وإبلنا فارغة فملئوا تلك الغرائر رملاً ثم إنهم أتوا إبراهيم عليه السلام وسارة نائمة فأعلموه ذلك فاهتم إبراهيم عليه السلام بمكان الناس فغلبته عيناه فنام واستيقظت سارة فقامت إلى تلك الغرائر ففتقتها فإذا هو أجود حوار يكون فأمرت الخبازين فخبزوا وأطعموا الناس واستيقظ إبراهيم عليه السلام فوجد ريح الطعام فقال‏:‏ يا سارة من أين هذا الطعام قالت‏:‏ من عند خليلك المصري فقال‏:‏ بل من عند خليلي الله لا من عند خليلي المصري فيومئذ اتخذ الله إبراهيم خليلاً‏.‏

                            أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المزكي قال‏:‏ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يزيد الحوري قال‏:‏ حدثنا إبراهيم بن شريك قال‏:‏ حدثنا أحمد بن يونس قال‏:‏ حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي المهلب الكنائي عن عبد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم بن أبي أمامة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً وإنه لم يكن نبي إلا وله خليل ألا وإن خليلي أبو بكر‏)‏‏.‏

                            وأخبرني الساهر أبو إسماعيل بن الحسين النقيب قال‏:‏ أخبرنا جدي قال‏:‏ أخبرنا أبو محمد الحسين بن حماد قال‏:‏ أخبرنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي قال‏:‏ أخبرنا سعيد بن أبي مريم قال‏:‏ حدثنا سلمة قال‏:‏ حدثني زيد بن واقد عن القاسم بن نجيد عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏اتخذ الله إبراهيم خليلاً وموسى نجياً واتخذني حبيباً ثم قال‏:‏ وعزتي لأوثرن حبيبي على خليلي ونجيي‏)‏ قوله تعالى ‏{‏وَيَستَفتونَكَ في النِساءِ‏}‏ الآية‏.‏

                            أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قال‏:‏ حدثنا محمد بن يعقوب قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال‏:‏ حدثنا ابن وهب قال‏:‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب قال‏:‏ أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة قالت‏:‏ ثم إن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى هذه الآية ‏{‏وَيَستَفتونَكَ في النِساءِ قُلِ اللهُ يُفتيكُم فيهِنَّ وَما يُتلى عَلَيكُم في الكِتابِ‏}‏ الآية‏.‏

                            قالت‏:‏ والذي يتلى عليهم في الكتاب الآية الأولى التي قال فيها ‏{‏وَإِن خِفتُم أَلّا تُقسِطوا في اليَتامى‏}‏ قالت عائشة رضي الله عنها‏:‏ وقال الله تعالى في الآية الأخرى ‏{‏وَتَرغَبونَ أَن تَنكِحوهُنَّ‏}‏ رغبة أحدكم عن يتيمته التي تكون في حجره حين تكون قليلة المال والجمال فنهوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها وجمالها من باقي النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن‏.‏

                            رواه مسلم عن حرملة عن ابن وهب‏.‏

                            قوله تعالى ‏{‏وإِن اِمرأَةٌ خافَت‏}‏ الآية‏.‏

                            أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد بن الحرث قال‏:‏ أخبرنا عبد الله بن حماد بن جعفر قال‏:‏ حدثنا أبو عمر قال‏:‏ حدثنا سهل قال‏:‏ حدثنا عبد الرحمن بن سلمان عن هشام عن عروة عن عائشة في قول الله تعالى ‏{‏وَإِن اِمرَأَةٌ خافَت مِن بَعلِها نُشوزاً‏}‏ إلى آخر الآية‏.‏

                            نزلت في المرأة تكون عند الرجل فلا يستكثر منها ويريد فراقها ولعلها أن تكون لها صحبة ويكون لها ولد فيكره فراقها وتقول له‏:‏ لا تطلقني وأمسكني وأنت في حل من شأني فأنزلت هذه الآية‏.‏

                            رواه البخاري عن محمد بن مقاتل عن ابن المبارك‏.‏

                            ورواه مسلم عن أبي كريب وأبي أسامة كلاهما عن هشام‏.‏

                            أخبرنا أبو بكر الحيري قال‏:‏ حدثنا محمد بن يعقوب قال‏:‏ أخبرنا الربيع قال‏:‏ أخبرنا الشافعي قال‏:‏ أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن ابن المسيب أن بنت محمد بن سلمة كانت عند رافع بن صبيح فكره منها أمراً إما كبراً وإما غيره فأراد طلاقها فقالت‏:‏ لا تطلقني وأمسكني واقسم قوله تعالى ‏{‏يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا كونوا قَوّامِينَ بِالقِسطِ‏}‏ الآية‏.‏

                            روى أسباط عن السدي قال‏:‏ نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم اختصم إليه غني وفقير وكان ضلعه مع الفقير رأى أن الفقير لا يظلم الغني فأبى الله تعالى إلا أن يقوم بالقسط في الغني والفقير فقال ‏{‏يا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا كونوا قَوّامينَ بِالقِسطِ‏}‏ حتى بلغ ‏{‏إِن يَكُن غَنيّاً أَو فَقيراً فاللهُ أَولى بِهِما‏}‏‏.‏

                            قوله تعالى ‏{‏يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا آَمِنوا بِاللهِ وَرَسولِهِ‏}‏ الآية‏.‏

                            قال الكلبي‏:‏ نزلت في عبد الله بن سلام وأسد وأسيد ابني كعب وثعلبة بن قيس وجماعة من مؤمني أهل الكتاب قالوا‏:‏ يا رسول الله إنا نؤمن بك وبكتابك وبموسى والتوراة وعزير ونكفر بما سواه من الكتب والرسل فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

                            قوله ‏{‏لا يُحِبُّ اللهُ الجَهرَ بِالسُوءِ مِنَ القَولِ‏}‏ الآية‏.‏

                            قال مجاهد‏:‏ إن ضيفاً تضيف قوماً فأساءوا قراه فاشتكاهم فنزلت هذه الآية رخصة في أن يشكو‏.‏

                            قوله تعالى ‏{‏يَسأَلُكَ أَهلُ الكِتابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيهِم كِتاباً‏}‏ الآية‏.‏

                            نزلت في اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن كنت نبياً فأتنا بكتاب جملة من السماء كما أتى به موسى فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

                            قوله تعالى ‏{‏لَكِنَ اللهُ يَشهَدُ بِما أَنزَلَ إِلَيكَ‏}‏ الآية‏.‏

                            قال الكلبي‏:‏ إن رؤساء أهل مكة أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ سألنا عنك اليهود فزعموا أنهم لا يعرفونك فأتنا بمن يشهد لك أن الله بعثك إلينا رسولاً فنزلت هذه الآية ‏{‏لَكِنَ اللهَ يَشهَدُ‏}‏‏.‏

                            قوله تعالى ‏{‏لا تَغُلوا في دينِكُم‏}‏ الآية‏.‏

                            نزلت في طوائف من النصارى حين قالوا عيسى ابن الله فأنزل الله تعالى ‏{‏لا تَغُلوا في دينِكُم وَلا تَقولوا عَلى اللهِ إِلا الحَقَّ‏}‏ الآية‏.‏

                            قوله تعالى ‏{‏لَّن يَستَنكِفَ المَسيحُ‏}‏ الآية‏.‏

                            قال الكلبي‏:‏ إن وفد نجران قالوا‏:‏ يا محمد تعيب صاحبنا قال‏:‏ ومن صاحبكم قالوا‏:‏ عيسى قال‏:‏ وأي شيء أقول فيه قالوا‏:‏ تقول إنه عبد الله ورسوله فقال لهم‏:‏ إنه ليس بعار لعيسى أن يكون عبداً لله قالوا‏:‏ بلى فنزلت ‏{‏لَّن يَستَنكِفَ المَسيحُ أَن يَكونَ عَبدًا لِّلَّهِ‏}‏ الآية‏.‏

                            قوله ‏{‏يَستَفتونَكَ قُلِ اللهُ يُفتيكُم في الكَلالَةِ‏}‏ الآية‏.‏

                            أخبرنا أبو عبد الرحمن بن أبي حامد قال‏:‏ حدثنا زاهر بن أحمد قال‏:‏ حدثنا الحسين بن محمد بن مصعب قال‏:‏ حدثنا يحيى بن حكيم قال‏:‏ حدثنا ابن أبي عدي عن هشام بن عبد الله عن ابن الزبير عن جابر قال‏:‏ اشتكيت فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي سبع أخوات فنفخ في وجهي فأفقت فقلت‏:‏ يا رسول الله أوصي لأخواتي بالثلثين قال‏:‏ اجلس فقلت الشطر قال‏:‏ اجلس ثم خرج فتركني قال‏:‏ ثم دخل علي وقال‏:‏ يا جابر إني لا أراك تموت في وجعك هذا إن الله قد أنزل فبين الذي

                            تعليق

                            • نورة بلي
                              عضو جديد

                              • 22 - 2 - 2006
                              • 6951

                              #44
                              رد: سبب نزول سورة النساء ( الجزء الأول )

                              جزاااااااااااااااااااك الله خيرا

                              وجعلها في موازين حسنااااااااااااتك

                              تعليق

                              • مشعل العصباني
                                عضو جديد

                                • 4 - 5 - 2005
                                • 7364

                                #45
                                رد: سبب نزول سورة النساء ( الجزء الأول )

                                نورة بلي
                                شكرا على المرور

                                تعليق

                                يعمل...