رجل عاش 30 عاماً منبوذاً بجزيرة نائية واليوم يعود لحياة المدينة ..؟؟

رحل هارباً من حياة المدينة والمجتمع الحضري قبل قرابة الثلاثة عقود، وتحديداً خلال العام 1989، فهرب متجهاً صوب جزيرة قصيّة، وعاش فيها كل هذه الأعوام الثلاثين، بين الطبيعة مُنصاعاً لقوانينها، بعيداً عن أي أحد من البشر، أو أي معلم حضاري، قد تبدو القصة أقرب إلى فيلم سينمائي، ولكنها قصية حقيقية، بطلها عجوز ياباني يدعى "ماسافومي ناغازاكي".

و"ناغازاكي" – أو كما يسميه اليابانييون "الناسك العاري" - هو الساكن الوحيد لجزيرة "سوتوباناري" في مقاطعة جزيرة "أوكيناوا" الإستوائية في اليابان، وهي جزيرة تعد قريبة من تايوان أكثر من منها إلى طوكيو في المسافة، والتي لا يتجاوز طولها الكيلومتراً واحداً فقط، حيث أنه كان قد قرر أن يعيش بعزلة طويلة على متن الجزيرة، وكان قد بدأ هذه العزلة خلال العام 1989، بعد أن ترك عمله القديم في مجال "الترفيه" ورحل عن المدينة نهائياً.

ومن الجدير بالذكر أن جزيرة "سوتوباناري" التي يعيش عليها "ناغازاكي" منفرداً، تعرفها بأنها من الجزر النائية في اليابان، كما أن تياراتها المائية المحيطة بها، تعد من أكثر التيارات المائية بجزر اليابان خطورة وشدة، بالإضافة إلى كون الصيادين من النادر جداً أن يصلوا إليها ويلقوا شباكهم قرب سواحلها.

وبحسب صحيفة بريطانية، أن قصة المنبوذ المعتزل "ناغازاكي"، قد شارفت على النهاية، وذلك بعد أن رفضت السلطات اليابانية بأن تمنحه رغبته الأخيرة بالموت وحيداً ومنبوذاً على متن الجزيرة التي اعتبرها وطنه الوحيد طوال ما يقارب الـ30 عاماً، وأجبرته على العودة إلى حياة الحضارة والمدنية، بعد أن تم العثور عليه مريضاً.

وفي مقابلة قال الكاتب والرحّالة الذي يتناول في كتاباته حياة المنبوذين "ألفارو سيريزو"، وهو الذي كان اكتشف وجود "ناغازاكي" في الجزيرة، حيث ظهرت قصته لأول مرة للعلن في عام 2012، أن السلطات اليابانية كانت قد رحّلت "الناسك العاري" من الجزيرة بعد أن وجده شخص ما وكان يبدو مريضاً، الأمر الذي دفع "سيريزو" لاستدعاء الشرطة حينها، الذين بدورهم قاموا باقتياده للعيش في منزل حكومي يبعد قرابة 60 كيلومتراً في مدينة "إشيغاكا" اليابانية.

وأضاف الكاتب الرحّالة "سيريزو"، أن صحة "ناغازاكي" على ما يرام الآن، وأنه ربما كان مصاباً ببعض الـ"أنفلونزا" فقط عندما تم العثور عليه، وأشار "سيريزو" إلى أن حياة "ناغازاكي" على الجزيرة قد انتهت على الإطلاق، لأنه الآن بات غير مسموح له بالعودة إليها.

أما بطل هذه القصة المنبوذ المعتزل "ناغازاكي"، فكان قد قال خلال مقابلة أجربت معه: "أنا لا أفعل ما يمليه علي المجتمع، بل أتبع قواعد عالم الطبيعة، إذ لا يمكنك أن تهزم الطبيعة، لذلك عليك أن تطيعها بالكامل"، وأضاف قائلاً: "هذا ما تعلمته عندما جئت إلى هنا، وربما هذا هو السبب في أنني تناغمت مع الوضع بشكل جيد كل هذه المدة".

وبحسب الصحيفة البريطانيه فإن "ناغازاكي" اعتاد أن يسافر إلى جزيرة مجاورة للحصول على الماء، وكان غذائه الرئيسي من كعك الأرز، الذي قد يغليه أربع أو خمس مرات في اليوم، باستخدام الأموال التي ترسلها له عائلته، واستخدم ماء المطر الذي تمكن من جمعه عن طريق نظام من أواني الطهي المحطمة في الاستحمام والحلاقة، وبعد مرور عام على إقامته في الجزيرة، جرفت الأمواج ملابسه بعيداً في أحد الأعاصير، وهو الأمر الذي أجبره في أن يظل عارياً كل هذه المدة.

وحول هذا الأمر، وبقائه بدون ملابس طوال هذه السنين، قال "زاغازاكي": "إن التجول عارياً لا يتناسب حقاً مع المجتمع الطبيعي، ولكن هنا على الجزيرة يبدو الأمر طبيعياً فهو مثل الزي الرسمي للجزيرة". فقد اعتاد قضاء أيامه في التمدد تحت أشعة الشمس وتنظيف خيمته ومحاولة تجنب لدغات الحشرات،

وقد كانت الجزيرة المكان الذي أراد أن يكون مثواه الأخير، ووفقاً لما قاله: "فإن العثور على مكان للموت هو أمر هام يتعين القيام به، ولقد قررت أن هذا هو المكان المناسب بالنسبة لي"، ويتابع الناسك العاري قائلاً: "لم يخطر ببالي من قبل كم هو مهم أن تختار المكان الذي ستموت فيه، مثل ما إذا كان هذا المكان في المستشفى أو في المنزل مع عائلتك بجانبك، ولكن أن تموت هنا، محاطاً بكل هذه الطبيعة، هذا أمر لا يمكن مقاومته، أليس كذلك؟"..
ولكم تحيات
ماجد البلوي