مواضيع منوعة في علم الاجتماع والطب والأسرة

اللي عندة بحث (يفزع)

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سعود السرحاني
    عضو جديد

    • 31 - 12 - 2006
    • 11574

    #16
    رد: اللي عندة بحث (يفزع)

    ثالثاً: خلاصة المبحث الأول:


    تجلى مما سبق ذكره أن هذاالنوع من أنواع علوم الحديث تدخل فيه زيادة الثقة، وقد رأينا ابن الصلاح يطلقالقبول فيما وصله الثقة مخالفا لغيره، أو فيما رفعه مخالفا لمن وقفه، وهو حكممختلف عما بينه هو في نوع العلة، اللهم إلا إذا قيدنا ذلك بحالة ما إذا لم يتبينأن هذه الزيادة قد وقعت منه خطأ ووهما بعد تتبع القرائن والملابسات.


    وفي هذهالحالة وحدها التي يكون فيها الحديث خاليا مما يدل على وهم راويه أو صوابه منالقرائن والملابسات يصح أن يقال: هذا الوصل أو الرفع من الثقة، وزيادتهمقبولة.


    وبهذا تصبح مسألة تعارض الوصل والإرسال وتعارض الوقف والرفع منسجمة معالأنواع التي تشكل وحدة موضوعية لا سيما موضوع زيادة الثقة في أحكامها وأبعادهاالنقدية.


    المبحث الثاني : المدرج



    أولاً: نص ابن الصلاح فيالمدرج:


    قال ابن الصلاح: "النوع العشرون: معرفة المدرج في الحديث.وهو أقسام: منها ما أدرج في حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من كلام بعض رواته،بأن يذكر الصحابي أو من بعده عقيب ما يرويه من الحديث كلاماً من عند نفسه، فيرويهمن بعده موصولاً بالحديث غير فاصل بينهما بذكر قائله، فيلتبس الأمر فيه على من لايعلم حقيقة الحال، ويتوهم أن الجميع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم".


    ومنأمثلته المشهورة: ما رويناه في التشهد عن أبي خيثمة زهير بن معاوية عن الحسن بنالحر عن القاسم بن مخيمرة عن علقمة عن عبدالله بن مسعود أن رسول الله (صلى اللهعليه وسلم) علّمه التشهد في الصلاة، فقال: قل: "التحيات لله فذكر التشهد وفي آخره: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله ، فإذا قلت هذا فقد قضيتصلاتك، إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد".


    هكذا رواه أبو خيثمة عنالحسن بن الحر، فأدرج في الحديث قوله:"فإذا قلت هذا ... إلى آخره وإنما هذا من كلامابن مسعود لا من كلام رسول الله (صلى الله عليه وسلم).


    ومن الدليل عليه أن الثقةالزاهد عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان رواه عن راويه الحسن بن الحر كذلك، واتفق حسينالجعفي وابن عجلان وغيرهما في روايتهم عن الحسن بن الحر على ترك ذكر هذا الكلام فيآخر الحديث، مع اتفاق كل من روى التشهد عن علقمة وعن غيره، عن ابن مسعود على ذلك،ورواه شبابة عن أبي خيثمة، ففصله أيضاً".


    ومن أقسام المدرج: أن يكون متنالحديث عند الراوي له بإسناد إلا طرفاً منه فإنه عنده بإسناد ثان، فيدرجه من رواهعنه على الإسناد الأول، ويحذف الإسناد الثاني، ويروي جميعه بالإسنادالأول.


    مثاله: حديث ابن عيينة وزائدة بن قدامة عن عاصم بن كليب عن أبيه عنوائل بن حجر في صفة صلاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وفي آخره: "أنه جاء فيالشتاء فرآهم يرفعون أيديهم من تحت الثياب" والصواب رواية من روى عن عاصم بن كليببهذا الإسناد صفة الصلاة خاصة، وفصل ذكر رفع الأيدي عنه، فرواه عن عاصم عن عبدالجبار بن وائل عن بعض أهله عن وائل بن حجر".


    ومنها: أن يدرج في متن حديثبعض متن حديث آخر مخالف للأول في الإسناد.


    ومثاله :رواية سعيد بن أبي مريم عنمالك عن الزهري عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تباغضواولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تنافسوا ..." الحديث.


    فقوله :"لا تنافسوا" أدرجهابن أبي مريم من متن حديث آخر رواه مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة فيه: "لا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا" والله أعلم.


    ومنها: أنيروي الراوي حديثا عن جماعة بينهم اختلاف في إسناده ، فلا يذكر الاختلاف فيه، بليدرج روايتهم على الاتفاق.


    مثاله: رواية عبدالرحمن بن مهدي ومحمد بن كثيرالعبدي عن الثوري عن منصور والأعمش وواصل الأحدب عن أبي وائل عن عمرو بن شرحبيل عنابن مسعود, قلت: يا رسول الله أي الذنب أعظم …الحديث.


    وواصل إنما رواه عن أبيوائل عن عبدالله من غير ذكر عمرو بن شرحبيل بينهما والله أعلم."انتهى.



    ثانياً: تحليل النص والتعقيب عليه:


    إن الذي بيّنهابن الصلاح في هذا النوع المسمى مدرجاً ينطوي على معظم أقسامه وأمثلته مفهوم زيادةالثقة إذا وقع الإدراج من الثقة؛ إذ كل ما يزيده هو في الحديث مما ليس منه دون أنيفصله عن أصل الحديث يعد مدرجاً، سواء كان هذا المدرَج قولا لصحابي أو قولاً لراو ممنبعده، كما في المثال الأول، أو كان جزءا من حديث آخر يُروى بإسناد مستقل كما فيالمثال الثاني والثالث.


    ولوقوع الإدراج في الحديث أسباب كثيرة، ويرجع معظمهاإلى سوء الحفظ أو الوهم أو الرواية بالمعنى أو إلى أمن الالتباس عند الراوي؛ كشرحالراوي معاني الكلمات الغريبة الواردة في الحديث أثناء التحديث.


    وتفصيل ذلككالتالي: ترى في المثال الأول أن أبا خيثمة -الثقة- زاد في آخر الحديث جملة لميذكرها غيره من الثقات، وبذلك أصبح مخالفاً لهم في ذلك، وحين تبين من التتبعوالقرائن أن تلك الجملة كان يقولها عبدالله بن مسعود من عنده بعد رواية الحديث عنالنبي (صلى الله عليه وسلم) قالوا إنها مدرجة في متن الحديث، وبالتالي يقال عنها "شاذة" بناء على أنها مخالفة لما رواه الثقات أو مخالفة للواقع الحديثي. أو يقال"منكرة" باعتبارها غير معروفة عن عبدالله بن مسعود، وإنما يعرف عنه أنه قال ذلك منعنده وليس مروياً عن النبي (صلى الله عليه وسلم). أو يقال "معلولة" بشكل عام إذ إنإدراج تلك الجملة في الحديث، وجعلها طرفاً من قول النبي (صلى الله عليه وسلم) يعد خطأووهما. أو قل: إنها زيادة ثقة غير مقبولة لأنه زيادة عن أصل الحديث المرفوع.

    وكذا الأمر في المثال الثاني، حيث زاد كل من ابن عيينة وزائدة بن قدامة في آخرالحديث"أنه جاء في الشتاء فرآهم يرفعون أيديهم من تحت الثياب" وبهذه الزيادةتحققت المخالفة بينهما وبين الثقات الآخرين، وبالتالي أصبحت مردودة بعد أن تأكدإدراجها. وإن شئت سمها شاذة أو منكرة أو معلولة أو زيادة الثقة غير المقبولة.
    وأما في المثال الثالث فقد زاد ابن أبي مريم الثقة جملة ‘لا تنافسوا’ في الحديثالذي رواه جماعة من الثقات بدونها. ومن تتبع القرائن علم أنها جملة من حديث آخر كانيرويه مالك بإسناد آخر، وبالتالي فزيادة ابن أبي مريم مردودة ولا تعد طرفا منالحديث.

    ثالثاً: خلاصة المبحث الثاني:
    هكذا تتضح وحدة الموضوع التيتربط المدرج بموضوع زيادة الثقة، لا سيما الأنواع : العلة والشاذ والمنكر، وتتمثلهذه الوحدة الموضوعية في التفرد والمخالفة. فما يتفرد به الثقة مخالفاً لغيره تكونأحكامه حسب القرائن والملابسات التي تحيط بذلك. ولذلك يبقى نوع المدرج الذي أدرجهالثقة في أصل الحديث في دائرة زيادة الثقة التي تبين خطؤها، وبالتالي يكون هذاالمدرج من الأنواع المردودة من الزيادات. وبما أن زيادة الثقة تقع في الحديث لأسبابكثيرة منها ما يدل على أنها مدرجة ومقحمة في أصل الحديث فإن إطلاق الحكم بقبولالزيادة من الثقة دون التفات إلى الأسباب المحتملة لذكرها في الحديث يكون مناقضالقواعد النقد عند المحدثين تنظيراً وتطبيقاً.
    والجدير بالذكر أن الحافظ ابنحجر وبعض المتأخرين جعلوا أول مثال مما سبق لإدراج في المتن، وأما الثاني والثالثوالرابع فعدوها أمثلة إدراج في السند.
    وهذا غير دقيق فيما أرى؛ إذ ترجع كلها ماعدا المثال الرابع إلى زيادة في المتن وإدراجها فيه، غير أن الأول كانت الزيادةالمدرجة فيه قولاً لصحابي، بينما كانت الزيادة المدرجة في الثاني والثالث هي طرف منحديث آخر فجاء التلفيق بين سنديهما. وأما الرابع فيكون مثالا لوقوع الإدراج فيالسند، وليس في المتن وذلك بالتلفيق بين روايتين مختلفتين أحدهما متصلة والثانيةمنقطعة وكان المتن فيهما واحداً.
    ولذلك نجعل ما سبق من الأمثلة كلها ما عداالرابع إدراجا في المتن، وأما الإدراج في الإسناد فسنرى أمثلته في المبحثالآتي.
    ولذلك فنوع المدرج يشكل -مع المزيد في متصل الأسانيد- وحدة موضوعيةفي قضية الزيادة والإدراج، يقول فضيلة الأستاذ الدكتور / نور الدين عتر (حفظهالله):"وفي رأينا أن هذا النوع يمكن أن يدخل في المدرج (مدرج السند) الآتي وفيالمعلل بعلة غير قادحة، فليتأمل".
    التعديل الأخير تم بواسطة سعود السرحاني; الساعة 04-30-2007, 04:40 PM.
    ســأقف عند هــذا الحـــد

    فلمـ يبقى للفرص أي مجــال

    وداعاً منتدى بلي

    أتمنى ذكري بالخيـــر


    خذ من ا̄ﻟحياه : ﭑﻟشيء ا̄ﻟذيءَ ﯾﺳعدك ..
    ۆ باقي الأمور اتُرك?ا تأتي ڳمـَﭑ كتب?اا ♡`
    ﭑلله ﻟگ . . ♥

    تعليق

    • سعود السرحاني
      عضو جديد

      • 31 - 12 - 2006
      • 11574

      #17
      رد: اللي عندة بحث (يفزع)

      المبحث الثالث: المزيدفي متصل الأسانيد





      أولاً: نص ابن الصلاح في المزيد:


      قال ابن الصلاح: "السابع والثلاثون: معرفة المزيد في متصل الأسانيد.مثاله: ما روي عن عبدالله بن المبارك قال: حدثنا سفيان عن عبدالرحمن بن يزيد بنجابر قال: حدثني بسر بن عبيدالله، قال: سمعت أبا إدريس يقول: سمعت واثلة بنالأسقع، يقول: سمعت أبا مرثد الغنوي يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: "لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها". فذِكرُ سفيان في هذا الإسناد زيادة ووهم، وهكذا ذِكرُ أبي إدريس.


      أما الوهم في ذكر سفيان، فممن دون ابن المبارك؛لأن جماعة ثقات رووه عن ابن المبارك عن ابن جابر نفسه، ومنهم من صرح فيه بلفظالإخبار بينهما، وأما ذكر أبي إدريس فيه فابن المبارك منسوب فيه إلى الوهم؛ وذلكلأن جماعة من الثقات رووه عن ابن جابر فلم يذكروا أبا إدريس بين بسر وواثلة وفيهممن صرح فيه بسماع بسر من واثلة".


      قال أبو حاتم الرازي: يرون أن ابن المباركوهم في هذا. قال: وكثيراً ما يحدث بسر من أبي إدريس، فغلط ابن المبارك وظن أن هذامما روى عن أبي إدريس عن واثلة، وقد سمع هذا بسر من واثلة نفسه".


      قلت: -يعنيابن الصلاح- قد ألف الخطيب الحافظ في هذا النوع كتابا سماه كتاب: "تمييز المزيد فيمتصل الأسانيد،"وفي كثير مما ذكره نظر؛ لأن الإسناد الخالي عن الراوي الزائد إنكان بلفظة "عن" في ذلك، فينبغي أن يحكم بإرساله ويجعل معللاً بالإسناد الذي ذكر فيهالزائد لما عرف في نوع المعلل، وكما يأتي ذكره إن شاء الله تعالى في النوع الذييليه. وإن كان فيه تصريح بالسماع، أو بالإخبار كما في المثال الذي أوردناه فجائز أنيكون قد سمع ذلك من رجل عنه، ثم سمعه منه نفسه، فيكون بسر في هذا الحديث قد سمعه منأبي إدريس عن واثلة ثم لقي واثلةَ فسمعه منه كما جاء مثله مصرحا به في غير هذا".


      اللهم إلا أن توجد قرينة تدل على كونه وهما كنحو ما ذكره أبو حاتم في المثالالمذكور، وأيضا فالظاهر ممن وقع له مثل ذلك أن يذكر السماعين. فإذا لم يجيء عنه ذكرذلك حملناه على الزيادة المذكورة، والله أعلم".



      ثانياً: تحليل النص:


      تطرق ابن الصلاح لنوع "المزيد في متصل الأسانيد" من خلال نموذج ينطبقعليه تماما مفهوم زيادة الثقة، لأن ذكر "أبي إدريس" في السند بين بسر وواثلةزيادة من ابن المبارك، وهو أحد أئمة الحفاظ المشهورين، وكذا ذكر "سفيان" بين ابنالمبارك وابن جابر مزيد من قبل أحد الرواة المتأخرين بعد ابن المبارك، ولم يذكر ابنالصلاح اسم ذلك الراوي ولعله شيخ الخطيب أو من فوقه. وبعد أن بين حكم هذينالمزيدين بأنهما مردودان، عقب على منهج الخطيب في قبول المزيد ورده عموما قائلاً: "وفي كثير مما ذكره نظر؛ لأن الإسناد الخالي عن الراوي الزائد إن كان بلفظة "عن" في ذلك، فينبغي أن يحكم بإرساله ويجعل معللاً بالإسناد الذي ذكر فيه الزائد لماعرف في نوع المعلل، وكما يأتي ذكره إن شاء الله تعالى في النوع الذي يليه. وإن كانفيه تصريح بالسماع، أو بالإخبار كما في المثال الذي أوردناه فجائز أن يكون قد سمعذلك من رجل عنه، ثم سمعه منه نفسه، فيكون بسر في هذا الحديث قد سمعه من أبي إدريسعن واثلة ثم لقي واثلةَ فسمعه منه كما جاء مثله مصرحا به في غير هذا. اللهم إلا أنتوجد قرينة تدل على كونه وهما كنحو ما ذكره أبوحاتم في المثال المذكور، وأيضاً فالظاهر ممن وقع له مثل ذلك أن يذكر السماعين. فإذا لم يجيء عنه ذكر ذلك حملناه علىالزيادة المذكورة".


      ومن خلال هذا التعقيب أفادنا ابن الصلاح أن قبول المزيد فيالإسناد يدور على إحدى حالتين:


      الأولى: وجود العنعنة في السند الخالي عنالراوي المزيد.


      والثانية: ذكر السماع والإخبار فيه.


      فإذا كانت الحالةالأولى تشكل ميزانا لقبول المزيد في السند، وانقطاع السند الناقص المعنعن وفق مالخصه ابن الصلاح آنفاً فإن ذلك لا يمكن أن يكون إلا على أساس قبول زيادة الثقة.وبالتالي فما يترتب عن ذلك من الأحكام لا يكون منسجماً مع منهج المحدثين في ذلك؛ حيثإن القرائن والملابسات المحيطة بالمزيد تكون هي موازينهم لقبول الزيادات وردهاعموما، بغض النظر عما ورد في السند من العنعنة أو التحديث. وما رأينا في تعقيب ابنالصلاح لم يكن إلا مظهراً لتصادم الأسلوبين؛ الأسلوب القائم على ظاهر السند والأسلوبالقائم على دلالة القرائن والملابسات.


      وهذا طبعاً إذا لم يقصد ابن الصلاح بقوله: "اللهم إلا أن توجد قرينة تدل على كونه وهما" الاستثناء من إطلاق القبول فيالحالة الأولى والثانية جميعا، ولا مانع من ذلك، لكن الظاهر من السياق أنه يريد بهأن يستثني من الحالة الثانية فقط. وذلك لسببين:


      أولهما: أنه ذكر هذا الاستثناءبعد بيان الحالة الثانية مباشرة بحيث لا يتوجه مغزاه إلى الحالة الأولى؛ لأنه قالفي آخر الفقرة:"وأيضا فالظاهر ممن وقع له مثل ذلك أن يذكر السماعين. فإذا لم يجيءعنه ذكر ذلك حملناه على الزيادة المذكورة"، مما يؤكد أن الحالة الأولى علىإطلاقها دون استثناء. ولو كان قبول المزيد في جميع الحالات متوقفا على القرائنكمنهج عام لأضاف ابن الصلاح إلى الجملة ما يدل على ذلك، كأن يقول بعدها مباشرة: "وذلك إذا لم توجد قرينة تدل على كونها وهما" مثلاً؛ ولذلك نقول إن هذه الجملةالأخيرة تؤكد لنا أن هذا الاستثناء إنما يكون بخصوص الحالة الثانية وحدها، وبالتاليفما ورد في الحالة الأولى يكون على إطلاقه كما أوضحنا آنفا، دون ربطهبالقرائن.


      والسبب الثاني: أن ابن الصلاح بصدد الاعتراض على الخطيب البغداديبقوله "لأن الإسناد الخالي عن الراوي الزائد إن كان بلفظة "عن" في ذلك، فينبغي أنيحكم بإرساله ويجعل معللا بالإسناد الذي ذكر فيه الزائد لما عرف في نوع المعلل، وهذا واضح جدا أنه يبني الأحكام في المزيد على ظاهر السند المتمثل في ذكر العنعنة.ولو كان الاستثناء يشمل الحالة الأولى أيضا لما اعترض على الخطيب لكونه قد اعتمدعلى القرائن في قبوله المزيد ورده.


      وأما الحالة الثانية التي يعدها ابن الصلاحميزانا لقبول السند المزيد واتصال السند الناقص، فإنه لم يستند في ذلك إلا إلى مجردأن يكون محتملا أن يسمع الراوي ذلك الحديث مرتين؛ مرة بالواسطة وأخرى بدونها، غيرأنه استدرك على ذلك بقوله: "اللهم إلا أن توجد قرينة تدل على كونه وهما"، وبذلكيصبح الأمر في قبول المزيد ورده في الحالة الثانية منوطا بالقرينة، وبالتالي يكونابن الصلاح موافقا للخطيب في ذلك.


      بيد أن أسلوب الاستثناء يوهم أن الأصل الغالبفي القبول هو الاعتماد على ظاهر السند دون البحث عن دلالات القرائن وإيحاءاتالملابسات؛ حيث قال:"اللهم إلا أن توجد قرينة على كونه وهما"؛ إذ يعبر بذلك عادةعن القلة النادرة. ومن المعلوم أن اعتماد القرائن في قبول الزيادات مهما كان موضعهافي السند أو المتن هو الأصل الغالب في منهج المحدثين النقاد، وأنهم لا يحيدون عنهذا الأصل إلا في حالات نادرة يصبح فيها‎‎‎الحديث خاليا عن القرائن.


      والخلاصة:


      أن ابن الصلاح لم يحكم على المزيد في السند بأنه مردود مطلقاً، بل جعله على التفاصيلالتي ذكرها، لكن معظمها تعود إلى ظاهر السند، وبالتالي يصبح ما ذكره هنا من الأحكاممتفاوتا عما شرحه في الأنواع السابقة التي تشكل معه وحدة موضوعية، لا سيما في نوعالعلة التي أقر فيها ابن الصلاح بأن الحكم قبولاً أو رداً في الحديث المخالف أوالمتفرد يتوقف على دلالة القرائن والملابسات التي لا ينهض بها سوى نقاد الحديث.


      وإن كان نوع "المزيد في متصل الأسانيد" من أنواع الزيادات التي تنبثق عنها حالةالمخالفة بين الرواة عموما فإن قبوله ورده يتوقفان على مقتضى القرائن المحتفةبالمزيد، كما هو منهج النقاد في تعاملهم مع هذه الأنواع من الأحاديث، وقد بين ذلكابن الصلاح في مبحث العلة.



      ثالثاً: منهج الخطيب في قبول المزيد:


      مما لا شك فيه أن الخطيب البغدادي قد انتهج في كتابه: "تميز المزيد في متصلالأسانيد"، منهجا مغايرا لما شرحه ابن الصلاح، وهذا واضح جدا من سياق اعتراضه عليه.


      وبما أن هذا الكتاب من المخطوطات المفقودة فإنه يصعب علينا التحدث عن المنهجالذي انتهجه الخطيب فيه، لكن من خلال ما ذكره ابن الصلاح يمكن القول: إن منهجه قائمعلى تتبع القرائن التي تحف بالحديث، وربما لم تكن القرائن في رد المزيد في بعضالأسانيد غير مذكورة في الكتاب.


      ولذلك فإنه من الطبيعي أن يوجد في تلك المجموعاتالحديثية التي ذكرها الخطيب في كتابه "تمييز المزيد" ما أثار الانتباه لدى ابنالصلاح لكون ذلك مخالفا لمقتضى القاعدة التي ذكرها هو في التعقيب.


      وبذلك أصبحالفرق بين الأسلوبين واضحا وجليا؛ إذ أسلوب الخطيب مبني على دلالات القرائن، بينماأسلوب ابن الصلاح قائم على ظواهر السند، وبذلك يبقى ما ذكره في التعقيب منسجما معمنهجه العام في معالجة القضايا النقدية كما لمسنا من قبل في الأنواعالسابقة.
      التعديل الأخير تم بواسطة سعود السرحاني; الساعة 04-30-2007, 04:39 PM.
      ســأقف عند هــذا الحـــد

      فلمـ يبقى للفرص أي مجــال

      وداعاً منتدى بلي

      أتمنى ذكري بالخيـــر


      خذ من ا̄ﻟحياه : ﭑﻟشيء ا̄ﻟذيءَ ﯾﺳعدك ..
      ۆ باقي الأمور اتُرك?ا تأتي ڳمـَﭑ كتب?اا ♡`
      ﭑلله ﻟگ . . ♥

      تعليق

      • سعود السرحاني
        عضو جديد

        • 31 - 12 - 2006
        • 11574

        #18
        رد: اللي عندة بحث (يفزع)

        رابعاً: تأصيل مسألة "المزيد في متصل الأسانيد" وتفصيل أحكامها:
        بعد أن اتضح الفرق بين ابن الصلاح وبين الخطيب فيما يخصمسألة المزيد في متصل الأسانيد، وبعد أن تبين مغزى كلام ابن الصلاح حول ذلك فعليناأن نتساءل حول حقيقة هذه المسألة: هل يقاس على ذلك المثال الذي ذكره ابن الصلاح كلما يزاد في الإسناد، ويقال: إنه"المزيد في متصل السند"؟ ومتى يحكم عليه بأنهمزيد في السند؟ ومتى يحكم على السند الخالي من المزيد أنه منقطع؟ وما هو الضابط فيذلك؟ وهذه التساؤلات ضرورية وملحة لتجلية هذا النوع من جميع أبعاده.

        وبإمعانالنظر فيما شرحه ابن الصلاح علمنا أن أصل هذا النوع يرجع إلى نقطة اختلاف الرواة فيالإسناد بالزيادة والنقص؛ يزيد البعض فيه راويا، ويسقطه الآخر، مما يشكل وحدةموضوعية مع مسألة تعارض الوقف والرفع وتعارض الوصل والإرسال. وبذلك يصبح "المزيدفي متصل الإسناد" جزءا مهما من مسألة زيادة الثقة، وذلك طبعاً إذا كان الذي زاد فيالسند ثقة كما رأينا في المثال السابق.


        ولذلك قال الحافظ ابن رجب الحنبلي: "وقدصنف في ذلك الحافظ أبو بكر الخطيب مصنفا حسنا سماه "تمييز المزيد في متصل الأسانيد"وقسمه قسمين: أحدهما ما حكم فيه بصحة ذكر الزيادة في الإسناد وتركها، والثاني ماحكم فيه برد الزيادة وعدم قبولها، ثم إن الخطيب تناقض فذكر في كتاب "الكفاية":للناس مذاهب في اختلاف الرواة في إرسال الحديث ووصله كلها لا تعرف عن أحد من متقدميالحفاظ إنما هي مأخوذة من كتب المتكلمين، ثم إنه اختار أن الزيادة من الثقة تقبلمطلقا كما نصره المتكلمون وكثير من الفقهاء وهذا يخالف تصرفه في كتاب" تمييزالمزيد"، وقد عاب تصرفه في كتاب "تمييز المزيد" بعض محدثي الفقهاء، وطمع فيهلموافقته لهم كتاب "الكفاية".




        يمكن أن نلخص الأمر في هذا النوع بما يلي:


        أ -أنه إذا تبين بالقرائن خطأ المزيد في السند، واتصال السند الآخر الخالي عن ذلك يقال: "مزيد في متصل الإسناد"، وفي عبارة أخرى: "مزيد في أصل السند المتصل". كما فيالمثال الذي أورده ابن الصلاح؛ فإن النقاد لم يحكموا على المزيد بأنه وهم وخطأ إلاعلى أساس القرائن المحيطة به، وهي واضحة بجلاء في قول أبي حاتم، حين قال: "وهِمَابن المبارك في زيادته" أبا إدريس لأن بسر بن عبدالله روى عن واثلة ولقيه، ولاأعلم أبا إدريس روى عن واثلة شيئا، وأهل الشام أضبط لحديثهم من الغرباء"، وجاء فيموضع آخر من كتابه العلل:"وكثيراً ما يحدث بسر عن أبي إدريس، فغلط ابن المبارك، وظنأن هذا مما روى عن أبي إدريس عن واثلة، وقد سمع هذا بسر من واثلة نفسه" يعني بذلكسلوك الجادة. وبذلك يندرج هذا المزيد تحت المعلول عموما أو الشاذ أو المنكر أوالمدرج خصوصاً.


        ب - وإذا تبين بالقرائن أن اسم الراوي مقحم في السند، وذكره فيهخطأ، وأن السند الآخر الذي خلا من ذكره منقطع، صح أن يقال: مزيد في أصل السندالمنقطع، لكونه مدرجاً فيه ومقحماً، كما في حديث المكي بن إبراهيم عن ابن جريح عننافع عن إبراهيم بن عبدالله بن معبد أن ابن عباس حدثه عن ميمونة في فضل المسجدالنبوي وقد صرح أئمة النقد مثل البخاري والدارقطني بأن ذكر ابن عباس فيه وهم،والصواب: "ما رواه عبدالرزاق وغيره من الثقات عن ابن جريح عن نافع عن إبراهيم بنعبدالله بن معبد عن ميمونة" وكذا رواه الليث بن سعد عن نافع بإسقاط "ابن عباس"راويا عن ميمونة ولذلك يظل الإسناد منقطعاً، حيث إن إبراهيم لم يسمع من ميمونة حسبقول ابن حبان.


        جـ- وأما إذا دلت القرائن على أن الراوي حدث مرتين مرة بذكرالواسطة وأخرى بدونها يعني عاليا ونازلاً فيقال: مزيد في متصل الإسناد، يعني أن وجودالواسطة في السند لا يدل على انقطاع السند الآخر الذي خلا من الواسطة، بل كلاهمامتصل.


        ومثاله: حديث بسرة في الوضوء من مس الفرج؛ فقد رواه يحيى بن سعيد القطانوعلى ابن المبارك عن هشام بن عروة عن أبيه عن بسرة. ورواه سفيان بن عيينة وجماعةعن هشام بن عروة عن أبيه عن مروان بن الحكم عن بسرة.


        وكذلك رواه جماعة عنالزهري عن عروة، ورواه مالك عن عبدالله بن أبي بكر أنه سمع عروة يقول دخلت علىمروان بن الحكم فذكرنا ما يكون منه الوضوء، فقال مروان: مِن مَسِّ الذكر الوضوءُ،فقال عروة: ما علمت ذلك، فقال مروان: أخبرتني بسرة بنت صفوان أنها سمعت النبي صلىالله عليه وسلم يقول: إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ.


        هذا وقد رواه شعيب بن إسحاقوعنبسة بن عبد الواحد وحميد بن الأسود وغيرهم عن هشام بن عروة عن أبيه عن مروان عنبسرة بالقصة، بزيادة في آخر الحديث: "قال عروة: ثم لقيت بسرة، فسألتها عن هذاالحديث، فحدثتني به عن النبي (صلى الله عليه وسلم)".


        قال ابن حبان: "وأما خبربسرة الذي ذكرناه فإن عروة بن الزبير سمعه من مروان بن الحكم عن بسرة، فلم يقنعهمذلك، حتى بعث مروان شرطياً له إلى بسرة فسألها، ثم أتاهم فأخبرهم بمثل ما قالت بسرةفسمعه عروة ثانياً عن الشرطي عن بسرة، ثم لم يقنعه ذلك حتى ذهب إلى بسرة فسمع منها.فأخبر عن عروة عن بسرة متصل ليس بمنقطع ...".


        وقال ابن خزيمة: "وبقول الشافعيأقول؛ لأن عروة قد سمع خبر بسرة منها، لا كما توهم بعض علمائنا أن الخبر واه لطعنهفي مروان".


        د- وأما في حالة وجود القرائن التي تدل على ثبوت المزيد في السند،وأن الإسناد بدون ذكره يكون منقطعاً فلا يقال: مزيد في متصل الإسناد. كما في حديثسعيد بن عامر عن جويرية بنت أسماء عن نافع عن ابن عمر عن عمر (رضي الله عنه) حديث "وافقت ربي في ثلاث"، وقد رواه محمد بن عمر المقدمي عن سعيد بن عامر عن جويريةعن رجل عن نافع. ولعل من القرائن الدالة على ثبوت المزيد بين جويرية ونافع أنجويرية مكثر عن نافع جداً، فلو كان هذا الحديث عنده عنه لما رواه عن رجل مبهم عنه.


        قال الحافظ العلائي -وهو يشرح هذه القرينة-:"وحاصل الأمر أن الراوي متىقال: "عن فلان" ثم أدخل بينه وبينه في ذلك الخبر واسطة، فالظاهر أنه لو كان عندهعن الأعلى لم يدخل الواسطة؛ إذ لا فائدة في ذلك، وتكون الرواية الأولى مرسلة إذا لميعرف الراوي بالتدليس وإلا فمدلسة، وحكم المدلس حكم المرسل كما تقدم، وخصوصاً إذا كان الراوي مكثراً عن الشيخ الذي روى عنه بالواسطة، كهشام بن عروة عن أبيه، ومجاهدعن ابن عباس، وغير ذلك مما تقدم من الأمثلة فلو أن هذا الحديث عنده عنه لكان يسايرما روى عنه، فلما رواه بواسطة بينه وبين شيخه المكثر عنه عُلم أن هذا الحديث لميسمعه منه، ولا سيما إذا كان ذلك الواسطة رجلا مبهما أو متكلما فيه".


        هـ- إذا وجد القرائن الدالة على صواب المزيد أو خطئه فهذا يكون قسماً آخر من المزيد،وينطبق عليه ما ذكره الإمام ابن الصلاح من مراعاة ظواهر السند، ومع ذلك لا يصفوالمقام من كدر الإشكال الذي أشار إليه الإمام ابن الصلاح في نوع المرسل الخفي بقولههذا: "وهذا وما سبق في النوع الذي قبله -يعني الإرسال الخفي والمزيد في متصلالإسناد- يتعرض لأن يعترض بكل واحد منهما على الآخر".


        يعني ابن الصلاح: أنهيمكن الاحتجاج بوجود الواسطة في السند على وجود الانقطاع في السند المقابل الذييخلو عنها، كما يمكن الاستدلال بالعكس أيضا. أي إن إسقاط الواسطة من السند دليل علىاتصال السند من غير ذكرها وأن وجودها في السند الآخر خطأ ووهم وزيادة. وهذا طبعاإذا اعتمدنا في هذه المسائل على ظاهر الإسناد. وأما إن كانت القرائن هي المعولعليها في كل ما يتصل بتلك المسائل فلا نرى وجها لما ذكره ابن الصلاح.


        هذا وقدلخص الحافظ العلائي أطراف هذا النوع على شكل يقارب ما ذكرناه آنفا، وهذا نصه: "وحاصل الأمر أن ذلك على أقسام: أحدها ما يترجح فيه الحكم بكونه مزيدا فيه وإنالحديث متصل بدون ذلك الزائد. وثانيها ما ترجح فيه الحكم عليه بالإرسال إذا روىبدون الراوي المزيد. وثالثها ما يظهر فيه كونه بالوجهين أي أنه سمعه من شيخه الأدنىوشيخ شيخه أيضا وكيف ما رواه كان متصلا. ورابعها ما يتوقف فيه لكونه محتملا لكلواحد من الأمرين".


        فهذه هي أطراف مسألة المزيد في أصل الإسناد، وبذلك يكونهذا النوع من مسائل زيادة الثقة، وبالتالي لا يكون هذا المزيد مقبولاً أو مردوداً، ولا ينبغي استخدام مصطلح "المزيد في متصل الإسناد" في ذلك إلا بالقرائن الدالةعلى ذلك.


        ولذلك قال العلائي بعد ذكر الأمثلة لكل قسم مما ذكره آنفاً: "بهذهالأمثلة كلها ظهر أن الحكم بالزيادة تارة يكون للاعتبار برواية الأكثر، وتارةللتصريح بالسماع من الأعلى، وتارة لقرينة تنضم إلى ذلك إلى غيرها من الوجوه". وفيضوء ذلك فما زاده الثقة في السند لا يطلق عليه القبول ولا الرد، وإنما يجب إخضاعهلحكم القرائن والملابسات المحيطة بذلك، كما سبق في تعارض الوصل والإرسال وتعارضالوقف والرفع، ويقول السيوطي: ربما كان الحكم للزائد وربما كان للناقص والزائد وهم، وهو يشتبه على كثير من أهل الحديث، ولا يدركه إلا النقاد.


        وفي حالة كون ذلكالمزيد ثابتا في السند فإفادة الانقطاع في السند الذي لم يقع فيه ذلك الراوي المزيدتكون متوقفة على دراسة القرائن. وأما إن كانت الزيادة مردودة فلا يلزم منه أن يكونالسند الناقص متصلاً. بل يتوقف الحكم فيه أيضا على المعرفة التاريخية لمدى علاقةالراوي بمن فوقه. وهذا الذي الحافظ العلائي يشكل نقطة تعقيب واضح على ما فصله ابنالصلاح (رحمه الله تعالى).



        خامساً : خلاصة المبحث الرابع:


        من هنايتبلور مدى صلة هذا النوع بمسألة "زيادة الثقة" وغيرها من الأنواع التي سبقذكرها، وهي: تعارض الوصل والإرسال، وتعارض الوقف والرفع، والمدرج ؛ فإنها جميعاتنبثق من نقطة الاختلاف بين الرواة زيادة ونقصا، وأن الحكم فيها يكون متوقفا علىتتبع القرائن وإمعان النظر في دلالاتها الظاهرة والخفية.


        وأما ما بينه ابنالصلاح من اعتماد ظواهر السند فلا يُعوّل عليه إلا في حالة التأكد من خلو المزيد فيالسند من القرائن الدالة على صوابه أو خطئه. وبالتالي يتجلى هذا الموضوع منسجمالصنيع المحدثين في التصحيح والتضعيف. وإذا علمت هذا فإنك تكون على يقين بأن هذاالباب لا ينهض به إلا الناقد المتمرس العارف بهذا الشأن. وعليه فما يلحظ في ظواهرالإسناد من العنعنة أو ذكر السماع فلا يتخذ ذريعة لرفض نصوص النقاد على وجود خطأووهم فيما زاده الثقة في سند الحديث.


        وبقي هنا أمران:


        أولهما: أن الذي يظهرمن خلال تتبع هذا الموضوع في مصادر متعددة أنه لم يستخدم هذا المصطلح إلا الخطيبالبغدادي، بل ربما يكون هو أول من استخدم هذا المصطلح، وذلك حين أفرد له تأليفاخاصا أسماه "تمييز المزيد في متصل الأسانيد"، وتسبب ذلك لتحول هذا المصطلح نوعامن أنواع علوم الحديث لدى المتأخرين، مثل "السابق واللاحق"، و"المؤتلفوالمختلف"، وغيرها من الأنواع التي يرجع ظهورها في كتب المصطلح كأنواع علوم الحديثإلى تأليف الخطيب وغيره كتبا مفردة لكل منها، ولعل هذا الإفراد من أجل طرافة تلكالمسائل الجزئية، وليست لكونها أنواعا تحوي قواعد علمية.


        والجدير بالذكر أنالحافظ ابن حجر في الفتح استخدم هذا المصطلح بشكل مكثف في رد المزيد وتخطئته،والحكم على أصل السند باتصاله، بخلاف ما كان عليه ابن الصلاح حيث يجعل قبول المزيدفي السند أصلاً.


        والثاني: لهذا النوع صلة وثيقة بالتدليس والإرسال الخفي وبجميعأنواع الانقطاع عموما باعتبار كونه وسيلة من وسائل كشف ذلك الانقطاع الظاهر والخفي،وإن كان ذكر الواسطة بين راويين في السند يعد مؤشرا على وجود احتمال الانقطاع فيالسند الحالي من الواسطة؛ فإنه لا يعول على ذلك مباشرة إلا بواسطة القرائن، كماأوضحنا ذلك مفصلا في كتابنا "كيف ندرس علوم الحديث".


        وبعد دراسة الأنواعالسابقة : تعارض الوصل والإرسال وتعارض الوقف والرفع، والمدرج، والمزيد في متصلالأسانيد، دراسة تحليلية ونقدية يتبين لنا مدى ظهور زيادة الثقة في هذه الأنواعبحيث تشكل كلها وحدة موضوعية تتمثل في التفرد والمخالفة، وأن هذا الترابط الموضوعيفيما بينها لم يكن أساسا في معظم كتب المصطلح حين معالجتها لهذه الأنواع.




        ســأقف عند هــذا الحـــد

        فلمـ يبقى للفرص أي مجــال

        وداعاً منتدى بلي

        أتمنى ذكري بالخيـــر


        خذ من ا̄ﻟحياه : ﭑﻟشيء ا̄ﻟذيءَ ﯾﺳعدك ..
        ۆ باقي الأمور اتُرك?ا تأتي ڳمـَﭑ كتب?اا ♡`
        ﭑلله ﻟگ . . ♥

        تعليق

        • سعود السرحاني
          عضو جديد

          • 31 - 12 - 2006
          • 11574

          #19
          رد: اللي عندة بحث (يفزع)

          الخاتمة
          تتمثل أهم نقاط هذا البحث فيما يلي:
          1) إن الأنواع السابقة: تعارض الوصل والإرسالوتعارض الوقف والرفع، والمدرج، والمزيد في متصل الأسانيد،كلها تتصل بمسألة زيادةالثقة، وتشكل جميعها وحدة موضوعية تتمثل في حالتي التفرد والمخالفة، وأن هذاالترابط الموضوعي فيما بينها لم يكن أساسا في كتب المصطلح حين معالجتها لهذهالأنواع.
          2) ولتصبح أحكام هذه الأنواع موحدة ومنسجمةمع منهج المحدثين النقاد في قبول الأحاديث وردها يجب أن يؤخذ هذا الترابط الموضوعيالوثيق بعين الاعتبار حين يطرح كل منها، وأن يعد ما سبق في مبحث العلة من تفاصيلالحكم والحيثيات العلمية ميزانا دقيقا في ذلك كله.
          3) وتتفق معظم كتب المصطلح على اعتبار أحوال الرواة وظواهر السند معيارا عاما لتفصيلأحكام تلك الأنواع التي دار عليه البحث، وهذا أمر يتعارض تماما مع منهج المحدثينالنقاد في قبول الحديث ورده.
          4) وكل هذه النتائجتؤكد أن زيادة الثقة ليس حكمها القبول مطلقا ولا الرد مطلقا وإنما يكون ذلك كله وفقالقرائن المتوافرة فيها، وأما في حالة عدم توافرها لا يبقى مجال في قبول الزيادةسوى الرجوع إلى الأصل في الثقة، وهو أن يكون مصيبا فيما زاده، ويقال عندئذ إن قبولزيادة الثقة مقبولة.

          ولله الحمد والشكر.
          ســأقف عند هــذا الحـــد

          فلمـ يبقى للفرص أي مجــال

          وداعاً منتدى بلي

          أتمنى ذكري بالخيـــر


          خذ من ا̄ﻟحياه : ﭑﻟشيء ا̄ﻟذيءَ ﯾﺳعدك ..
          ۆ باقي الأمور اتُرك?ا تأتي ڳمـَﭑ كتب?اا ♡`
          ﭑلله ﻟگ . . ♥

          تعليق

          • سعود السرحاني
            عضو جديد

            • 31 - 12 - 2006
            • 11574

            #20
            رد: اللي عندة بحث (يفزع)

            أخوي ياسر

            أعذرنا على القصووور

            وهذا رابط موقع فيه بحووث علمية

            http://saaid.net/bahoth/index.htm

            دمتى بخير
            ســأقف عند هــذا الحـــد

            فلمـ يبقى للفرص أي مجــال

            وداعاً منتدى بلي

            أتمنى ذكري بالخيـــر


            خذ من ا̄ﻟحياه : ﭑﻟشيء ا̄ﻟذيءَ ﯾﺳعدك ..
            ۆ باقي الأمور اتُرك?ا تأتي ڳمـَﭑ كتب?اا ♡`
            ﭑلله ﻟگ . . ♥

            تعليق

            • نواف النجيدي
              عضو جديد

              • 18 - 10 - 2005
              • 16947

              #21
              رد: اللي عندة بحث (يفزع)

              بـــــــارك الله فيك أخي الغالي



              الطَــــرِيق طـــــــــوَيل ... لكن حتَمـاً بأمر الله [سَأصل ]



              تبوك

              تعليق

              • ياسر حمدان المقبلي
                عضو جديد

                • 26 - 2 - 2005
                • 7972

                #22
                رد: اللي عندة بحث (يفزع)

                بيّض الله وجيهكم نواف وسعود

                كفيتوا وفيتوا.
                اللهّم أغفر لأبي وأسكنه فسيح جنّاتك : (


                @yasser_almqbli

                تعليق

                • عاصفة الشمال
                  كاتبة مميزة

                  • 15 - 1 - 2006
                  • 6538

                  #23
                  رد: اللي عندة بحث (يفزع)





                  أخي // ياسر


                  لدي من الأبحاث الكثير إنما كلما حملتها يحدث فشل في رفع الملف


                  رغم صغر حجمه ...لا أعلم ما المشكلة ؟؟





                  إنْ تَلَبَّسَ قَلَمِيْ فِيْ يَوْمٍ مَاْ رِدَاْء الأَنَاْنِيْةِ 00
                  سَأَكْسُرُه00
                  ( العَاصِفْة )

                  تعليق

                  • ياسر حمدان المقبلي
                    عضو جديد

                    • 26 - 2 - 2005
                    • 7972

                    #24
                    رد: اللي عندة بحث (يفزع)

                    المشاركة الأصلية بواسطة عاصفة الشمال


                    أخي // ياسر


                    لدي من الأبحاث الكثير إنما كلما حملتها يحدث فشل في رفع الملف


                    رغم صغر حجمه ...لا أعلم ما المشكلة ؟؟






                    هلا.. خيتي عاصفه

                    تأكدي من صيغة الملف المرفوع ويفضل ان يكون بصيغتة الووردdoc
                    او مضغوطzip اوrar
                    اوtxt مذكرة
                    اللهّم أغفر لأبي وأسكنه فسيح جنّاتك : (


                    @yasser_almqbli

                    تعليق

                    • محمود الجذلي
                      عضو جديد

                      • 17 - 4 - 2004
                      • 15630

                      #25
                      رد: اللي عندة بحث (يفزع)

                      ابو حمدان ..

                      ابشر يالذيب .. امرني بس وش موضوعه ..

                      والاخوان ماقصروا.. بس توني اشوف الموضوع << ماخذتة الاختبارات ..

                      ,

                      لوْ منِ [ تمنىَ ] يــ درك اللي تمناه ,
                      كنَتْ أتمنَى " شوفتْك " كل سآعه!
                      ولوُيعطيِ الله كل شئ [ طلبنآهـَ ]
                      طَلبتك أخ لي وووولو ~ بالرضاعهْ }

                      تعليق

                      • ياسر حمدان المقبلي
                        عضو جديد

                        • 26 - 2 - 2005
                        • 7972

                        #26
                        رد: اللي عندة بحث (يفزع)

                        اي موضوع يابوريم

                        انت وزوئك
                        اللهّم أغفر لأبي وأسكنه فسيح جنّاتك : (


                        @yasser_almqbli

                        تعليق

                        • محمود الجذلي
                          عضو جديد

                          • 17 - 4 - 2004
                          • 15630

                          #27
                          رد: اللي عندة بحث (يفزع)

                          الولاء والبراء

                          .

                          الفصل الأول‏:‏ الولاء أو الولاية
                          التعريف اللغوي‏:‏
                          الولاية بفتح الواو وكسرها تعني النصرة‏:‏ يقال‏:‏ هم على ولاية‏:‏ أي مجتمعون في النصرة ‏(‏لسان العرب‏)‏‏.‏
                          والولي والمولى واحد في كلام العرب، ووليك هو من كان بينك وبينه سبب يجعله يواليك وتواليه أي تحبه وتؤيده وتنصره ويفعل هذا أيضاً معك، والله ولي المؤمنين ومولاهم بهذا المعنى أي محبهم وناصرهم ومؤيدهم كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور‏}‏ ‏(‏البقرة‏:‏257‏)‏، وقال أيضاً‏:‏ ‏{‏ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم‏}‏ ‏(‏محمد‏:‏11‏)‏ وولي المرأة هو متولي شئونها كالأب والأخ الأكبر ونحو ذلك، وفي لسان العرب‏:‏ قال أبو الهيثم‏:‏ ‏"‏المولى على ستة أوجه‏:‏ المولى ابن العم والعم والأخ والابن والعصبات كلهم، والمولى الناصر، والمولى الولي الذي يلي عليك أمرك، قال‏:‏ ورجل ولاء وقوم ولاء في معنى ولي وأولياء لأن الولاء مصدر، والمولى مولى الموالاة وهو الذي يُسلم ‏(‏أي يدخل الإسلام‏)‏ على يديك ويواليك المولى مولى النعمة وهو المعتق أنعم على عبده بعتقه، والمولى المعتق ‏(‏بالبناء للمجهول‏)‏ لأنه ينزل منزلة ابن العم يجب عليك أن تنصره وترثه إن مات، ولا وارث له فهذه ستة أوجه‏"‏ أ‏.‏هـ‏.‏
                          المعنى الشرعي‏:‏
                          وهذه المعاني اللغوية الآنفة كلها ثابتة في حق المسلم للمسلم إلا ما استثناه النص من ذلك كالميراث مثلاً كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين‏}‏ ‏(‏الأحزاب‏:‏6‏)‏ أي أولى ببعضهم في الميراث من ولاية المؤمنين الآخرين والتي كانت ولاية الميراث ثابتة لهم في أول عهد الرسول بالمدينة وذلك لفترة محدودة ثم نسخت‏.‏ ونستطيع أن نقول أن الولاية الثابتة من كل مسلم لأخيه المسلم تشمل ما يلي‏:‏ الحب، والنصرة، والتعاطف والتراحم والتكافل والتعاون، وكف كل أنواع الأذى والشر عنه، وبعض هذه الأمور الإيجابية يدخل في باب الفرائض والواجبات وبعضها يدخل في باب المستحب والمندوبات‏.‏
                          وأما الأمور السلبية وأعين بها كف الأذى فإن بعضها يدخل في باب الكفر والخروج من الدين وبعضها معصية وبعضها يدخل في إطار المكروهات والتنزيهات، وسنبين كل ذلك بحول الله وتوفيقه بالنصوص من كتاب الله وسنة رسوله‏.‏
                          ‏(‏أ‏)‏ الأدلة على وجوب موالاة المسلم لأخيه المسلم‏:‏
                          الأدلة في هذا الباب أكثر من أن تحصر ونحن نذكر هنا بعضها، فمن الأدلة القرآنية قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إنما المؤمنون إخوة‏}‏ ‏(‏الحجرات‏:‏10‏)‏ وهذه الآية قد جاءت بصيغة الحصر أي ليس المؤمنون إلا أخوة، ومفهوم هذا أنه إذا انتهت الأخوة انتهى الإيمان، وكذلك قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض‏}‏ ‏(‏الأنفال‏:‏72‏)‏ وهذا تأكيد من الله جاء بصفة الخبر وكأنه أمر مستقر مفروغ منه، والمقصود بالأمر بأن يوالي المهاجرون الأنصار بعضهم بعضا، ثم قال بعد عدة آيات‏:‏ ‏{‏والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم‏}‏ ‏(‏الأنفال‏:‏75‏)‏ فأشار إلى أن من يأتي بعد الرعيل الأول ويهاجر معهم فهم منهم أي قطعة وبضعة منهم، وهذه المعاني نفسها أكدها الله سبحانه وتعالى في سورة الحشر، ففي ذكر تقسيم الفيء حق لثلاثة أصناف هم فقراء المهاجرين، وفقراء الأنصار الذين تبوأوا الدار والإيمان قبل المهاجرين ثم فقراء التابعين إلى يوم القيامة ووصف الله التابعين بصفة لازمة لاستحقاقهم الفيء وصحة انتسابهم إلى هذه الأمة فقال‏:‏ ‏{‏والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم‏}‏ ‏(‏الحشر‏:‏10‏)‏ فوصفهم بأنهم يدعون لمن سبق من هذه الأمة بالخير ويطلبون من الله أن لا يكون في قلوبهم أدنى غل للمؤمنين، ولهذا استنبط الإمام الشافعي في هذه الآية أن الرافضة لا حظ لهم في أخماس الفيء وذلك لسبهم أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وامتلاء قلوبهم بالحقد والغل لهم‏.‏
                          ومن الآيات الدالة على معنى الولاء أيضاً قوله تعالى‏:‏ ‏{‏والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم‏}‏ ‏(‏التوبة‏:‏71‏)‏ وفي هذه الآية تقرير لولاية المؤمنين والمؤمنات واتصافهم بما وصفهم الله به من أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر‏.‏‏.‏ الخ‏.‏
                          والسنة مليئة بمثل هذه المعاني كقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏المسلم أخو المسلم‏]‏ ‏(‏الشيخان وأبو داود والترمذي‏)‏ وقال أيضاً‏:‏ ‏[‏المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً‏]‏ ‏(‏مسلم وغيره‏)‏ وقال‏:‏ ‏[‏مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجيد بالسهر والحمى‏]‏ ‏(‏متفق عليه‏)‏ وقال أيضاً كما روى مسلم‏:‏ ‏[‏المسلمون كرجل واحد إذا اشتكى عينه اشتكى كله وإن اشتكى رأسه اشتكى كله‏]‏ ‏(‏مسلم والترمذي وأحمد‏)‏‏
                          وهذه الأحاديث مقررة للمعاني السابقة التي جاءت به الآيات‏.‏
                          أولاً‏:‏ الحقوق اللازمة من كل مسلم لأخيه المسلم‏:‏
                          ‏(‏1‏)‏ الحب‏:‏
                          يدل لهذا قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه‏]‏ ‏(‏الشيخان والترمذي والنسائي وغيرهم‏)‏‏.‏ وهذه أدنى درجات المحبة والمقصود أن كل مسلم يجب عليه أن يحب لأخيه من خير الدنيا والآخرة ما يحبه هو لنفسه ولا يمكن أن يحصل هذا إلا بأن تحب الشخص لأنك لا تحب الخير لمن تكره‏.‏ ولا يتصور أن تحب الخير إلا لمن تحب، وهذا الواجب قد تناساه وأهمله اكثر المسلمين في زماننا بل لا نكاد نجد إلا قليلاً ممن يحبون إخوانهم المسلمين حباً دينياً حقيقياً مجرداُ عن الهوى والمصلحة والعصبية، وبالرغم من أن هذه المنزلة -أعني محبة المسلم لأخيه المسلم- من لوازم الموالاة فإنه أيضاً باب عظيم من أبواب الخير في الآخرة والشعور بحلاوة الإيمان في الدنيا كما جاء في الصحيحين في شأن السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم‏:‏ ‏[‏رجلين تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه‏]‏ ‏(‏متفق عليه‏)‏ وكذلك جاء في الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏ثلاث من وجدهن وجد بهن حلاوة الإيمان‏:‏ أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا الله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار‏]‏ ‏(‏البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وغيرهم‏)‏‏
                          وقد يظن ظان أن المحبة عمل قلبي ولا يستطيع الإنسان التحكم فيه فكيف يرغم على محبة المسلمين‏؟‏‏!‏ والجواب أن هذا خطأ لأن القلب تابع للعقيدة والإيمان فمن آمن بالله وأحبه فلابد أن يحب من يحب الله، والمسلم مفروض فيه أن يحب الله ويطيعه ولذلك وجب علينا محبة المسلم لمحبتنا الله ولدينه، بل لا يمكن أن يتصور إيمان أصلاً دون أن يحب المسلمون بعضهم بعضاً، كما قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم‏؟‏ أفشوا السلام بينكم‏]‏ ‏(‏مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة‏)‏‏.‏
                          وهكذا نعلم أنه لا إيمان قبل المحبة، وقد أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سبيلها وهي إفشاء السلام لأنه أدنى معروف من الممكن أن يبذله المسلم لأخيه المسلم وهو لا يكلف أكثر من كلمة طيبة تتضمن دعاء وطلباً من الله بالسلامة والعافية من كل شر والرحمة لمن تسلم عليه‏.‏ ولا شك أن الدعاء والتمني على هذا النحو يرقق القلب ويشعر بمحبة المسلم لأخيه المسلم، فأين المسلمون اليوم من تطبيق هذه الجزئية في هذا الأصل الشرعي ‏"‏الموالاة‏"‏‏؟‏
                          ‏(‏2‏)‏ المجاملة‏:‏
                          وهي تضم حقوقاً خمسة واجبة جمعها النبي في حديث واحد كما قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏حق المسلم على المسلم خمس‏:‏ رد السلام، وتشميت العاطس، واتباع الجنازة، وعيادة المريض، وإجابة الدعوة‏]‏ ‏(‏متفق عليه‏)‏، ومعنى تشميت العاطس أن تقول له إذا سمعته يحمد الله بعد عطاسه‏:‏ ‏"‏يرحمك الله‏"‏ فيرد عليك ‏"‏يهديكم الله ويصلح بالكم‏"‏، وأما إجابة الدعوة فالمقصود إجابة دعوة الطعام حتى وإن كره الإنسان الحضور لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏ومن لم يحب الداعي فقد عصا أبا القاسم‏]‏ ‏(‏مسلم وأبو داود وابن ماجة‏)‏، وفي البخاري قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏ولو دعيت إلى كراع لأجبت‏]‏ والكراع هو رجل الماشية، وهذه الحقوق الخمسة الآنفة من باب المجاملات اللازمة الواجبة من كل مسلم على أخيه المسلم‏.‏
                          ‏(‏3‏)‏ النصرة‏:‏
                          وهي تعني أن يقف المسلم في صف إخوانه المسلمين فيكون معهم يداً واحدة على أعدائهم ولا يخلي بتاتاً -ما استطاع إلى ذلك سبيلاً- بين مسلم وعدوه ويدل لهذا المعنى آيات وأحاديث كثيرة منها قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصيراً‏}‏ ‏(‏النساء‏:‏75‏)‏ وقد جعل الله هنا القتال في سبيل تخليص المسلمين المستضعفين قتالاً في سبيله ونصراً له سبحانه وتعالى، وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً‏]‏ ‏(‏الشيخان والترمذي وأحمد‏)‏، وقد فسر صلى الله عليه وسلم نصر الأخ ظالماً بأن ترده عن الظلم وأما نصره مظلوماً فمعناه رد الظلم عنه، ومثل هذا المعنى أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه‏]‏ ‏(‏البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم‏)‏ ومعنى أن يسلمه أي يخلي بينه وبين أعدائه‏.‏
                          ولما كان هذا الحق يتعلق بعلاقات المسلمين والكفار قوةً وضعفاً وفي وقت عهد وهدنة وفي غير ذلك، وفي دار الإسلام ودار الكفر أقول لما كان الأمر كذلك كان للنصرة قواعد وأحكاماً كثيرة ملخصها أنه يجب أن ننصر إخواننا المسلمين المستضعفين فلا يجب عليهم ذلك كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر على آل ياسر وهو يعذبون فلا يملك إلا أن يقول لهم ‏[‏صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة‏]‏ ‏(‏سيرة ابن هشام 1/319-320‏)‏، ولم يستطع أن يرد عن أحد المستضعفين شيئاً طيلة مكوثه صلى الله عليه وسلم بمكة، ولكن بعد أن عزه الله بسيوف الأنصار استطاع أن يمد يد العون للمستضعفين بمكة فكان يرسل إليهم من ينقذهم ويساعدهم على الفرار إلى المدينة، ولكن الله سبحانه وتعالى نهانا أن نساعد المستضعفين من المؤمنين بديار الكفار إذا كان بيننا وبين قومهم عهد كما كان موقف الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الحديبية حيث امتنع عن مساعدة المستضعفين في مكة بعد هذا الصلح ولذلك اضطروا إلى الفرار إلى ساحل البحر كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير‏}‏ ‏(‏الأنفال‏:‏72‏)‏ وهكذا نعلم أن هذا النص ‏[‏ولا يسلمه‏]‏ الوارد في الحديث وكذلك قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان‏}‏ ‏(‏النساء‏:‏75‏)‏ مخصصين بالاستطاعة، وبأن لا يكون المسلمين قد ارتبطوا بعهد وميثاق مع قوم من الكفار فلا يجوز خيانتهم في هذا‏.‏
                          وهذه الحقوق السالفة ‏"‏الحب والمجاملة والنصرة‏"‏ هي حقوق عامة من كل مسلم لأخيه المسلم في الشرق أو الغرب لا تمييز فيها بين مسلم وآخر ولكن ثمة حقوق أخرى لبعض المسلمين يوجبها ويلزمها المناسبة والموقع ومن ذلك‏


                          يتبع الجزء الثاني

                          لوْ منِ [ تمنىَ ] يــ درك اللي تمناه ,
                          كنَتْ أتمنَى " شوفتْك " كل سآعه!
                          ولوُيعطيِ الله كل شئ [ طلبنآهـَ ]
                          طَلبتك أخ لي وووولو ~ بالرضاعهْ }

                          تعليق

                          • محمود الجذلي
                            عضو جديد

                            • 17 - 4 - 2004
                            • 15630

                            #28
                            رد: اللي عندة بحث (يفزع)

                            ثانياً‏:‏ الحقوق الخاصة‏:‏
                            ‏(‏1‏)‏ حق النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏
                            وهو هادي هذه الأمة وقائدها ورسولها صلى الله عليه وسلم وإليه المرجع في التبليغ والإتباع، وحق كل مسلم في هذه الأمة أن يحبه أكثر من نفسه وماله ووالده وولده، وأن يجعل طاعته كلها له وذلك بعد الله سبحانه وتعالى وأن يذب عنه وعن دينه ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وقد جاءت في هذا آيات وأحاديث كثيرة منها قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً* لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلاً‏}‏ ‏(‏الفتح‏:‏8-9‏)‏ فجمع الله حقه وحق رسوله في آية واحدة فحق الرسول التعزيز والتوقير والإيمان به وتسبيحه بكرة وأصيلاً، وجعل الله إيذاء الرسول موجباً للعن مهما صغر مادام أن صاحبه يقصد كما قال تعالى ‏{‏إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً‏}‏ ‏(‏ الأحزاب‏:‏57‏)‏ فجمع سبحانه بين نفسه وبين رسوله أيضاً في آية واحدة ليبين أن الأذى الواقع على رسوله يقع على الله أيضاً‏.
                            وجعل إساءة الأدب ولو دون قصد بحضرة الرسول محبطة كما قال تعالي‏:‏ ‏{‏ يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون‏}‏ ‏(‏الحجرات‏:‏2‏)‏ فقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وأنتم لا تشعرون‏}‏ دليل على أن من لم يقصد هذه الإساءة يحبط عمله، وأما من رفع صوته على النبي وبحضرته يقصد الإساءة إليه فلا شك أنه كافر ملعون كما مر في آية الأحزاب الآنفة، فكيف بعد ذلك الذين يتهمون الرسول بشتى التهم ويعادون سنته ويستهزئون بهديه ومع ذلك يزعمون أنهم من المسلمين‏؟‏
                            (‏2‏)‏ حق الربانيين والعلماء‏:‏
                            ويأتي بعد حق الرسول صلى الله عليه وسلم حقوق الربانيين من أهل العلم والفضل والذين وفقهم الله لتعليم الناس وتربيتهم وتوجيههم والأخذ بأيديهم إلى الهدى والنور، وهؤلاء حقوقهم في المحبة والطاعة والموالاة والنصرة ورد الجميل بعد حقوق النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة إذ هم السبب المباشر في الهداية والإرشاد وشكرهم واجب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏لا يشكر الله من لا يشكر الناس‏]‏ ‏(‏أبو داود والترمذي وأحمد‏)‏ ولاشك أن أعظم الناس معروفاً من هداك الله على يديه وأرشدك به ولو إلى قليل من الخير، فكيف إذا كنت ضالاً فهداك الله بواسطته، وكافراً فأسلمت على يديه والرسول صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏[‏من صنع لكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تظنوا أنكم قد كافأتموه‏]‏ ‏(‏أبو داود والنسائي وأحمد‏)‏ ومعلوم أن مكافأة من هداك إلى الدين مستحيلة لأن الخير الذي ساقه الله لك على يديه لا تستطيع أن ترد مثله إليه فقد هداك الرباني إلى الجنة بتوفيق الله وإعانته فهل تستطيع أن تكافئه بمثل الجنة‏؟‏ لا، إلا أن تدعو له بأن يحقق الله له من الخير مثل ما أسدى إليك‏.وقد جمع الله ولاية نفسه والرسول والمؤمنين في آية واحدة كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون‏}‏ ‏(‏المائدة‏:‏55‏)‏ أي هؤلاء هم من يجب علينا أن نوالهم الله ورسوله والمؤمنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهو متصفون بالركوع الدائم كما وصف الله ورسوله معه بقوله ‏{‏محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً‏}‏ ‏(‏الفتح‏:‏29‏)‏‏.‏
                            ‏(‏3‏)‏ حق الوالدين والأرحام‏:‏
                            ثم يأتي بعد حق النبي صلى الله عليه وسلم وحق المربي والمعلم للخير حق الوالدين والأرحام، وأولى الوالدين الأم ثم الأب كما جاء في الصحيحين ‏"‏أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي‏؟‏ قال‏:‏ ‏[‏أمك‏]‏ قال‏:‏ ثم من‏؟‏ قال‏:‏ ‏[‏أمك‏]‏ قال‏:‏ ثم من‏؟‏ قال‏:‏ ‏[‏أمك‏]‏ قال‏:‏ ثم من‏؟‏ قال‏:‏ ‏[‏أبوك‏]‏‏"‏ ‏(‏متفق عليه‏)‏، وقد أمر الله بالبر بهما في آيات كثيرة من كتابه كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهم أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً *واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا‏}‏ ‏(‏الإسراء‏:‏23-24‏)‏، والبر بالوالدين يستمر ويجب حتى مع كفرهما ودعوتهما ابنهما إلى الكفر والشرك والمقصود بالبر هنا المصاحبة بالمعروف كالقول اللين وعدم التعنيف وعدم التأفف وعدم الزجر والإحسان إليهما بالمال والإعانة والخدمة كل ذلك حاشا الطاعة في الكفر والشرك كما قال تعالى في سورة لقمان ‏{‏ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير *وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إليّ ثم إلي مرجعكم فأنبؤكم بما كنتم تعملون‏}‏ ‏(‏لقمان‏:‏14-15‏)‏‏.‏
                            ويأتي بعد الوالدين الأرحام الأقرب فالأقرب كالأخوة والأخوات والأبناء وأبناء الأبناء وأبناء الإخوة وأبناء الأخوات، وهكذا وكل هؤلاء يجب وصلهم حتى لو قطعوا، وقد هدد الله من يقطع أرحامه بالقطع والدخول في النار بل جعل الله قطع الأرحام من الفساد في الأرض كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم *أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم‏}‏ ‏(‏محمد‏:‏22‏)‏ وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏لا يدخل الجنة قاطع‏]‏ ‏(‏الشيخان وأبو داود والترمذي وأحمد‏)‏ وقال أيضاً‏:‏ ‏[‏يقول الله تعالى‏:‏ ‏"‏أنا الرحمن خلقت الرحم ووضعت لها إسماً من إسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته‏"‏‏]‏ ‏(‏أحمد وغيره‏)‏ وصلة الأرحام واجبة أيضاً مع كفرهم ما داموا غير محاربين لله كما سيأتي تعريف ذلك في باب البراءة، أما إذا كانوا مسالمين غير محاربين للمسلمين فيستحب برهم والإحسان إليهم ولو كانوا كفاراً والنصوص السالفة عامة في كل الأرحام وقد بينا كيف نص الله على الوالدين بالبر والإحسان مع الكفر وهما من جملة الأرحام وكذلك نص على وجوب الإحسان إلى الأقارب مع الكفر كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون‏}‏ ‏(‏البقرة‏:‏272‏)‏ وقد نزلت هذه الآية في بعض الأنصار كان لهم أقارب كفار يحسنون إليهم رجاء إسلامهم، فلما استبطئوا ذلك قطعوا عنهم النفقة، فأنزل الله الآية، والعجيب بعد كل هذه النصوص المحكمة الواضحة أن نجد مسلمين يتشدقون باسم الإسلام ويقطعون أرحامهم بدعوى أنهم على بعض المعاصي، وسيأتي أن موالاة المسلم واجبة مع فعله للمعصية فكيف بالأرحام والأقارب‏.‏
                            ‏(‏4‏)‏ حق الجوار والصحبة والشراكة والضيافة‏:‏
                            يأتي بعد حقوق الأرحام حقوق الجوار والصحبة والشراكة والضيافة وكل ذلك ثابت أيضاً في نصوص كثيرة من الكتاب والسنة كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏واعبدوا لله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً‏}‏ ‏(‏النساء‏:‏36‏)‏، وقال صلى الله عليه وسلم ‏[‏ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه‏]‏ ‏(‏متفق عليه‏)‏، وأما الضيف فقد جاء فيه قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره‏.‏‏.‏ الحديث‏]‏ ‏(‏البخاري وأحمد وأبو داود وابن ماجة‏)‏ وقال أيضاً‏:‏ ‏[‏والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن‏]‏ قالوا‏:‏ من يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏[‏من لا يؤمن جاره بوائقه‏]‏ ‏(‏البخاري ومسلم وأحمد‏)‏‏.‏


                            يتبع الجزء الثالث

                            لوْ منِ [ تمنىَ ] يــ درك اللي تمناه ,
                            كنَتْ أتمنَى " شوفتْك " كل سآعه!
                            ولوُيعطيِ الله كل شئ [ طلبنآهـَ ]
                            طَلبتك أخ لي وووولو ~ بالرضاعهْ }

                            تعليق

                            • محمود الجذلي
                              عضو جديد

                              • 17 - 4 - 2004
                              • 15630

                              #29
                              رد: اللي عندة بحث (يفزع)

                              (‏5‏)‏ حق الفقير والمسكين وابن السبيل والسائل‏:‏
                              ثم يأتي بعد ذلك حق الفقراء والمساكين وأبناء السبيل والسائلين، وقد جاءت نصوص كثيرة في الكتاب والسنة توصي بهم وتجعل لهم نصيباً في الزكاة وأموال المسلمين العامة بل ويجعل لهم حقوقاُ في مال المسلمين غير الزكاة وهي أشبه من المعلوم بالدين ضرورة ولذلك فلا داعي لسرد النصوص في ذلك‏.‏
                              ثالثاً‏:‏ نواقض الموالاة‏:‏
                              عرفنا فيما مضى هذا الأصل من أصول الموالاة وعرفنا معناه الشرعي واللغوي، ولمن يجب ومراتب المؤمنين ومنازلهم بحسب الموالاة، والآن نأتي إلى نواقض هذا الأصل، ونستطيع تلخيصها فيما يلي‏:‏
                              ‏(‏1‏)‏ إخراج المسلم من الإسلام عن معرفة وبصيرة‏:‏
                              ل من حكم على رجل مسلم بأنه كافر وهو يعلم في قرارة نفسه أنه مسلم فقد كفر، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما‏]‏ ‏(‏متفق عليه‏)‏، أي إما أن يكون كافراً في الحقيقة وهذا الوصف ينطبق عليه، وإما عاد القول إلى قائله، كما قال أيضاً صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏من قال لأخيه يا كافر وليس كما قال إلا حار عليه‏]‏ ‏(‏مسلم‏)‏ أي رجع الوصف عليه، وأما تكفير المسلم خطئاً وظناً فهو معصية وليس بكفر، كمن ظن أن مسلماً فعل مكفراً وليس بمكفر فكفره لذلك ظاناً أنه قد كفر بذلك، فهذا مرتكب للمعصية وخاصة إذا اقترن هذا مع الجهل والتهجم على الفتيا، وعدم التروي دون استفراغ الوسع في معرفة متى يكفر المسلم ومتى لا يكفر، وأما من كفر مسلماً وهو يعلم أو يغلب على ظنه أنه لا يكفر بما رآه عليه أو سمع عنه فقد كفر قطعاً، لأنه يكون قد كفر مسلماً عن علم وبصيرة‏.‏
                              ‏(‏2‏)‏ من استحل دم المسلم أو عرضه أو ماله‏:‏
                              وذلك أن عرض المسلم ودمه وماله حرام كما قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏إن دماءكم وأعراضكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا‏]‏ ‏(‏متفق عليه‏)‏ ومعلوم أن استحلال المعصية كفر، ومعنى الاستحلال أي الظن والاعتقاد فيما حرمه الله أنه حلال، ومعلوم أيضاً أن حرمة دم المسلم وعرضه وماله وانتهاك هذا أشد عند الله من انتهاك حرمة الزنا والخمر والربا كما قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏الربا إحدى وسبعون بابا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم‏]‏ ‏(‏ابن ماجة‏)‏ أي أعظم من الربا‏.‏ وقد حكم الله على من استحل الربا بالكفر والخلود في النار، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون‏}‏ ‏(‏البقرة‏:‏275‏)‏ فقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أصحاب النار هم فيها خالدون‏}‏ دليل على كفرهم وقولهم ‏{‏إنما البيع مثل الربا‏}‏ أي أنهم استحلوا هذا ورأوا أنه لا فرق بين البيع والربا، ومن المعلوم في الدين ضرورة أن مستحل المعصية كافر، وهذا يعني أن مستحل دم المسلم وعرضه وماله فهو كافر‏.‏
                              (‏3‏)‏ موالاة الكافر وإعانته على المسلم‏:‏
                              كل من والى كافراً وأعانه وظاهره على مسلم فقد كفر ونقض هذا الأصل ‏"‏الموالاة‏"‏ وخرج من دين الله سبحانه وتعالى وهذا يصدق أيضاً على من اطلع الكفار على عورات المسلمين في الحرب وأفشى لهم أسرار المسلمين وقد جاء بشأن هذا آيات كثيرة منها قوله تعالى ‏{‏يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين‏}‏ ‏(‏المائدة‏:‏51‏)‏ فقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فإنه منهم‏}‏ يدل على أنه قد خرج بذلك من الإيمان إلى الكفر وهو نص صريح، ويخرج من هذا أيضاً من فعل هذا غير مستحل له، في حال ضعف أو خوف أو رغبة كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منه تقاة ويحذركم الله نفسه‏}‏ الآية ‏(‏آل عمران‏:‏28‏)‏ فقوله‏:‏ ‏{‏إلا أن تتقوا منهم تقاة‏}‏ يدل على أن اتقى شر الكفار وداراهم وردهم عن نفسه في حال ضعف ولا يحب أن ينتصر الكفار ولا أن يظهروا على المسلمين فإنه لا يكفر بذلك بل يكون معذوراً عند الله، والله أعلم بالقلوب، ولذلك عفا الرسول صلى الله عليه وسلم عن حاطب بن أبي بلتعة الذي أفشى سر المسلمين وأخبر قريشاً بأن الرسول قد جمع لهم يريد حربهم وذلك قبل غزوة الفتح، وذلك عندما علم منه الرسول أنه فعل ذلك في حال ضعف وخوف على أولاده بمكة وبما كان لحاطب رضي الله عنه من سابقة في حضوره غزوة بدر مع المسلمين‏.‏ وأما من استحل ورضى بمعاونة الكفار ومظاهرتهم على المسلمين وهو غني عن ذلك فهو كافر قطعاً ناقض لأصل الموالاة وسيأتي لهذا مزيد إيضاح إن شاء الله عند بيان الأصل الثاني وهو ‏"‏البراء‏"‏‏.‏
                              هذه الأمور الثلاثة التي تنقض أصل الموالاة وتخرج المسلم من حظيرة الإسلام إلى حظيرة الكفر وهي كما أسلفنا‏:‏ تكفير المسلم عن عمد وإصرار ومعرفة، واستحلال دمه أو ماله أو عرضه، وموالاة أعداء الله عليه، واستحلال العرض يدخل فيها استحلال سبه أو شتمه أو غيبته‏.‏
                              رابعاً‏:‏ قوادح الموالاة‏:‏
                              الأمور السالفة تنقض اصل الموالاة وتخرج المسلم من الإيمان ولكن ثمة أمور أخرى لا تصل إلى هذا الحد ولكنها تقدح هذا الأصل وهي كثيرة جداً سنكتفي ببعضها‏:‏


                              يتبع الجزء الرابع







                              لوْ منِ [ تمنىَ ] يــ درك اللي تمناه ,
                              كنَتْ أتمنَى " شوفتْك " كل سآعه!
                              ولوُيعطيِ الله كل شئ [ طلبنآهـَ ]
                              طَلبتك أخ لي وووولو ~ بالرضاعهْ }

                              تعليق

                              • محمود الجذلي
                                عضو جديد

                                • 17 - 4 - 2004
                                • 15630

                                #30
                                رد: اللي عندة بحث (يفزع)

                                ‏1‏)‏ الظلم‏:‏
                                ولا يجوز ظلم المسلم بأي نوع من أنواع الظلم لقوله تعالى في الحديث القدسي‏:‏ ‏[‏ يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً‏.‏‏.‏ فلا تظالموا‏]‏ ‏(‏مسلم وأحمد‏)‏، ولقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه‏]‏ ‏(‏البخاري ومسلم وأبو داود وغيرهم‏)‏، وقد جاء في الزجر عن الظلم أحاديث كثيرة منه قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب له الله النار‏]‏، قالوا‏:‏ وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏[‏وإن كان عوداً من أراك‏]‏ ‏(‏ابن ماجه وأحمد والدارمي‏)‏ وهذا بالطبع ما لم يغفر الله له‏.‏
                                ‏(‏2‏)‏ السب والشتم والغيبة والنميمة‏:‏
                                من سب مسلماً فقد فسق لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر‏]‏ ‏(‏متفق عليه‏)‏ ومن لعن مسلماً فكأنما قتله لقوله صلى الله عليه وسلم ‏[‏لعن المسلم كقتله‏]‏ وقد اشتملت سورة الحجرات على آيات كثيرة محذرة من هذا‏:‏منها قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون‏}‏ ‏(‏الحجرات‏:‏11‏)‏ والمعنى أن من فعل ذلك كان فاسقاً بعد أن كان مؤمناً، كما أطلق الله وصف الفسق أيضاً على من سب المحصنة المؤمنة فقال تعالى‏:‏ ‏{‏والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون‏}‏ ‏(‏النور‏:‏4‏)‏ فسمي الذين يفعلون ذلك فساقاً، وأما الغيبة فقد جاء فيها قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم‏}‏ ‏(‏الحجرات‏:‏12‏)‏ أي لمن تاب من هذه الآثام وقد سبق في الحديث ان الغيبة أشد من الربا والربا اشد من الزنا بالأم‏.‏ ولا يجوز لمسلم أن يستحل سب المسلم أو شتمه أو عيبه أو غيبته إلا في حق كأن يكون مظلوماً يرد عن نفسه كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم‏}‏ ‏(‏النساء‏:‏148‏)‏ أي من اعتدى عليه أولاً فله الحق أن ينتصر من ظالمه بأن يسبه كما سبه، أو يذكر ظلمه للناس ولكنه لا يجوز له أن يعتدي بأكثر مما سب وعيب به، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين‏}‏ ‏(‏البقرة‏:‏190‏)‏ وكقوله‏:‏ ‏{‏ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل *إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم‏}‏ ‏(‏الشورى‏:‏41-42‏)‏ ولا شك أن الصفح والمغفرة لأعظم وآجر عند الله لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور‏}‏ ‏(‏الشورى‏:‏43‏)‏‏.‏
                                وفي النميمة يقول صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏لا يدخل الحنة القتات‏]‏ ‏(‏البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وأحمد‏)‏ والقتات هو النمام الذي ينقل الحديث ليوقع بين الناس والذي يسمع إنساناً أو يغيبه فيوصل كلام المسبوب له بغية الوقيعة حتى لو كان صادقاً فيما نقل، ولاشك أن تشريع الله لكل هذه الأمور إنما هو للحفاظ على وحدة الجماعة الإسلامية وتنقية صفوفها من الفرقة والخلاف‏.‏
                                ‏(‏3‏)‏ البيع على البيع والخطبة على الخطبة والنجش والغش‏:‏
                                حذر الرسول أيضاً من أمور في المعاملات من شأنها إيقاع العداوة بين المسلمين وخدش أخوتهم وقدح اصل الموالاة من ذلك البيع على البيع والخطبة على الخطبة كما قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏ولا يبع بعضكم على بيع أخيه‏]‏ ‏(‏البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وغيرهم‏)‏ وقال‏:‏ ‏[‏لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه‏]‏ ‏(‏البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه وغيرهم‏)‏ وقال أيضاً‏:‏ ‏[‏ولا تناجشوا‏]‏ ‏(‏البخاري ومسلم والترمذي وأحمد وغيرهم‏)‏ والنجش هو الزيادة في السلعة ممن لا يريد شراءها بغية إغلاء سعرها على مسلم وهذا ما يحدث في ‏"‏المزاد العلني‏"‏ حيث يعمد البائع إلى الاتفاق مع من يزيدون في السعر حتى يوهم المشتري بحسن السلعة ويشتريها بعد غلو ثمنها‏.‏
                                وأما الغش فقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏من غش فليس منا‏]‏ ‏(‏مسلم والترمذي وأبو داود وغيرهم‏)‏، وهذا زجر شديد لمن غش المسلمين في بيع أو نحوه‏.‏
                                ‏(‏4‏)‏ الهجران‏:‏
                                نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهجر المسلم كلام أخيه المسلم أكثر من ثلاث ليال كما قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام‏]‏ ‏(‏البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وغيرهم‏)‏ وهذا نص عام في كل هجران بأي سبب من أسباب الدنيا‏.‏ هذه أهم الأمور التي تخدش الأخوة الإسلامية وتقدح أصل الموالاة ولكن المسلم لا يخرج بها عن الدين إلا إذا استحل شيئاً منها وهناك أمور كثيرة غيرها كالهمز واللمز والهزء والسخرية‏.‏ ونحو ذلك مما يسبب العداوة والبغضاء بين المسلمين‏.‏
                                خامساً‏:‏ المخالفون لأصل الموالاة‏:‏
                                يخالف لأصل الموالاة طوائف من الناس إليك بيان أحوالهم حتى تحذر منهم وتبعد عن سبيلهم‏:‏
                                ‏(‏1‏)‏ المنافقون‏:‏
                                وهم أعدى الناس لأصل الموالاة والخارجون عنه وذلك لكفرهم الباطن وامتلاء قلوبهم بالحقد والغل على المسلمين، ورغبتهم الدائمة في اندحارهم وكشر شوكتهم وهؤلاء هم الذين يستهزئون بالمسلمين ويلمزونهم ويسخرون منهم ويفجرون في خصومتهم معهم، ويخلفون وعدهم وينقضون عهدهم مع المسلمين، ويخونوهم ويغشوهم ويكذبون عليهم، ويصابون بالنكد والحسرة وضيق الصدر إذا أصاب المسلمين خير من الله وبركة، ويفرحون ويهللون إذا أصابهم شر ومكروه، والقرآن مليء بوصف أحوال المنافقين وبيان فضائحهم وخاصة سورة التوبة والمنافقون والحشر والأحزاب وأوائل البقرة ودراستنا لهذه السور يطلعنا على حقيقة النفاق الذي يستتر أصحابه بأعمال الإسلام الظاهرة ولكن قلوبهم تكون مع أعداء الله ويسعون جاهدين في تفتيت وحدة المسلمين وبعثرة جهودهم وإطلاع أعداء الله على عوراتهم، وهؤلاء المنافقون هم أخطر على المسلمين من أعدائهم الظاهرين وخاصة إذا كانوا أهل علم بالدين ولسان فصيح كما قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان‏]‏ ‏(‏رواه أحمد‏)‏ فهؤلاء باستطاعتهم تحريف الكلم عن مواقعه وإيقاع الفتنة في صفوف المسلمين، وقد يكون في المسلمين من يسمع للمنافقين ويعجب بحديثهم كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وفيكم سماعون لهم‏}‏ ‏(‏التوبة‏:‏47‏)‏ وذلك من حلاوة حديثهم وطلاوته كما قال تعالى أيضاً‏:‏ ‏{‏وإن يقولوا تسمع لقولهم‏}‏ ‏(‏المنافقون‏:‏4‏)‏‏.‏
                                وخطورة المنافقين أيضاً أنهم يغلفون أنفسهم بالكذب ويغلظون الإيمان ويلينون كالحرير والمرمر فلا يستطيع أحد أن يكشف أمرهم كما قال تعالى لرسوله ‏{‏ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم‏}‏ ‏(‏التوبة‏:‏101‏)‏ ومعنى مردوا أي كانوا ناعمين لينين وذلك من رقة حديثهم وحلاوة منطقهم وحلفهم وإشهاد الله على ما في قلوبهم حتى أن الرسول نفسه يخفى عليه أمرهم‏.‏ والمنافقون في المجتمع الإسلامي شر لا مفر منه وما على المؤمنين إلا الحذر منهم بما أرشدنا الله إليه من وعظهم في أنفسهم والغلظة عليهم عند معرفتهم، ومع هذا يجب على المسلمين أن يعاملوا بعضهم بما ظهر منهم من إسلام ولم نؤمر أن نشق قلوب الناس لنعرف أمنافقين هم أم لا، وإن كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد ذكر علامات تدل عليهم إلا أننا لا نستطيع أن نجزم بأن من ظهرت فيه هذه العلامات كان منافقاً حقيقياً لأن بعضها قد يقع من المسلم كما قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان‏]‏ ‏(‏البخاري ومسلم والترمذي‏)‏‏.‏
                                وقال‏:‏ ‏[‏أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كان فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان وإذا خاصم فجر‏]‏ ‏(‏أخرجه البخاري والنسائي وأحمد‏)‏‏.‏
                                ولما كانت هذه الأمور قد تظهر في بعض المسلمين لجهلهم فإن كل مسلم مطلوب منه الحذر على نفسه من النفاق وهكذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يخشى على نفسه من النفاق وكذلك قال عمر بن الخطاب لحذيفة -وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخبره بالمنافقين- أما سماني رسول الله من المنافقين‏؟‏ فقال‏:‏ لا، ولن أقول لأحد غيرك‏.‏ وهكذا يجب على كل واحد منا ألا يخلف وعداً أو يكذب على مسلم أن يخون أمانة أو يفجر في خصومة أخيه المسلم فتكون فيه شعبة من شعب النفاق أو يجمعها جميعاً فيطمس الله على قلبه فيزيغه عن الإيمان‏.‏
                                ‏{‏اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا برحمتك يا أرحم الراحمين ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم‏}‏‏.‏


                                يتبع الجزء الخامس

                                لوْ منِ [ تمنىَ ] يــ درك اللي تمناه ,
                                كنَتْ أتمنَى " شوفتْك " كل سآعه!
                                ولوُيعطيِ الله كل شئ [ طلبنآهـَ ]
                                طَلبتك أخ لي وووولو ~ بالرضاعهْ }

                                تعليق

                                يعمل...